-
أياتا: «مهمة القرن» تحتاج الى 150 ألف رحلة .. وشحن «جرعة لقاح واحدة» لكل سكان العالم يتطلب 8000 طائرة بوينج « 747»
-
مسئولو شركات الطيران: لا.. لقصر السفر على من تناولوا اللقاح فقط
-
أمين عام « الأكو»: تقييد لحرية السفر ويزيد من معاناة النقل الجوى
-
الخبراء: مطلوب «وثيقة سفر خضراء عربية» لتنظيم آليات التنقل بين الدول العربي
أمل جديد تعيشه البشرية الآن، رغم ظهور سلالات جديدة متحورة من فيروس «كورونا»، الذى ينتشر فى موجات متلاحقة تئن منها فى الوقت الراهن العديد من دول العالم. هذا الأمل يجىء بعد التوصل إلى إنتاج عدة لقاحات ضد «كوفيد ــ 19»، حيث بدأ العالم يتنفس الصعداء، مع استمرار حملات التطعيم فى الكثير من الدول ونقل اللقاحات للعديد من دول العالم، رغم أن الدول " الغنية" استأثرت حتى الآن بنصيب الأسد من هذه اللقاحات فى توزيع «غير عادل» للقاحات، حيث تعانى العديد من الدول الفقيرة قلة الكميات، التى وصلت إليها فى حين تشكو أخرى عدم وصول لقاحات إليها ، فى مشهد يكشف عن أنانية دولية واضحة من الدول الغنية، وإخفاق أخلاقى كارثى فى عملية التوزيع وفقا لتوصيف منظمة الصحة العالمية لهذا المشهد !.
الأمل الذى لاح فى الأفق مع التوصل الى لقاحات ضد الفيروس، انتقل بدوره إلى قطاع الطيران العالمى، الذى تعرض بدوره بسبب "الجائحة" ، لأزمة هى الأسوأ فى تاريخه. ومبعث الأمل فى قطاع الطيران، هو أن توافر اللقاحات، وتزايد الطلب على شحنها جوا إلى مختلف دول العالم ، يعنى انتعاشا كبيرا لقطاع الطيران ، وفى المقدمة منه الشحن الجوى لتعويض جزء من الخسائر الفادحة، التى يتعرض لها القطاع حتى الآن.
وقد فرضت عدة أسئلة نفسها على قطاعى السفر والسياحة .. من بينها.. هل يمكن أن يصبح «التطعيم ضد كورونا» شرطا للسفر جوا فى المستقبل ..وهل ستلزم الدول أو شركات الطيران المسافرين ، بضرورة تقديم وثيقة تثبت أنهم تناولوا اللقاح كمبرر للسفر اليها وعلى رحلاتها.. وهل تشترط بعض الدول أن يكون التطعيم بأنواع معينة من اللقاحات ، وكيف يرى مسئولو شركات الطيران والخبراء، مستقبل النقل الجوى والسفر حول العالم ، فى ظل هذه التطورات التى تفرضها الجائحة . وهل ينجح أسطول شركات الطيران العالمى فى تحدى نقل هذه اللقاحات لكل دول العالم ؟.
وثيقة التطعيم ..ومستندات السفر!
من جانبهم أكد عدد من مسئولى شركات الطيران المصرية والعربية والأجنبية العاملة فى مصر لـ «الأهرام»، رفضهم لقصر السفر جوا فقط على متلقى اللقاحات فى ظل الوضع الحالى فى عدم توزيعها بالعدل حتى الآن على جميع دول العالم. وأوضحوا أن اشتراط شهادة التطعيم ضد «كورونا» عند السفر، فى حالة طلب بعض الدول ذلك، سيؤثر بدرجة كبيرة جدا على معدلات حركة السفر والسياحة عالميا والتى تعانى أصلا التراجع الشديد.
ومن هنا يؤكد يسرى عبد الوهاب العضو المنتدب لإحدى شركات الطيران المصرية الخاصة، أن استئناف حركة السفر وزيادة معدلاته فى ظل الجائحة ، يظل مسألة صعبة جدا على شركات الطيران ووضعها الاقتصادى، بل يهدد وجودها أصلا، مشيراً أن شركات الطيران العالمية تضررت بشدة من تراجع حركة السفر وفقدت معظم الشركات عائداتها، كما فقدت العديد من الدول عائداتها من السياحة ، وبالتالى فإن اشتراط التطعيم قبل السفر، سيزيد من خسائر القطاع ويؤثر سلبا على السفر .
استمرار لمعاناة القطاع
عبد الوهاب تفاحة الأمين العام للإتحاد العربى للنقل الجوى «الأكو» الذى يضم فى عضويته ٣٣ شركة طيران عربية، أكد لـ «الأهرام» أنه لا يؤيد هذا التوجه ، لأنه ببساطة لايمكن فرض تناول اللقاح على أحد، رغم أن الأكو كمنظمة طيران إقليمية من الداعين لتلقيه.
اللقاحات الواردة الى مصر
وأشار تفاحة الى أنه من الأفضل بدلا من فرض تلقى اللقاح على المسافرين، هو الالتزام بالمعايير والوثائق الصحية المطلوبة حاليا خلال السفر، وهى إجراء فحص «بى سى آر» قبل السفر أو فحص «رابيد تست» بالمطار. وأوضح الأمين العام للأكو، أن شرط تناول اللقاح للمسافرين من عدمه ، هى مسألة تقررها الحكومات وإذا قررته بعض الدول فإن شركات الطيران ستلتزم بهذه التعليمات ، ولكن علينا كمنظمات طيران التواصل مع حكومات هذه الدول لمراجعة قرارها.
وعن تأثيرات هذا القرار على حركة السفر والسياحة ، قال تفاحة إن شرط تناول اللقاح للمسافرين سيعنى تقييداً لحرية السفر واستمراراً لمعاناة قطاع السفر والسياحة لفترة أطول إذ ليس من المتوقع الوصول الى "مناعة مجتمعية" فى العالم أجمع قبل مرور سنوات وبناء عليه فإن تخفيف القيود على السفر مع اتخاذ الاجراءات الوقائية هو السبيل الأمثل لعودة نشاط القطاع ومساهمته فى توفير الوظائف والنمو الاقتصادي.
هل يصبح مطلبا دوليا ؟
خبراء الطيران من جانبهم أشاروا الى أنه ليس واضحا حتى الآن ما إذا كان مطلب ضرورة تلقى لقاح «كوفيد ــ 19» للسفر جوا يمكن أن يكون مطلبا دوليا جماعيا متوافق عليه، أم سيكون وفق ماتراه سلطات كل دولة ، كما يقول الكابتن محمد عباس نائب رئيس سلطة الطيران المدنى المصرى السابق وخبير نظم السلامة، والذى يؤكد ضرورة التنسيق بين الدول على المستوى الثنائى والإقليمى والدولى للاتفاق على آليات موحدة للسفر وتبادل المعلومات لتقليل المخاطر ، وأن يتم ذلك تحت مظلة المنظمة الدولية للطيران المدنى " الإيكاو " مع دعم الحكومات وتفعيل لجان إدارة الأزمات.
ويشير عباس إلى نقطة مهمة، وهى أن بعض أنواع اللقاحات قد تكون غير معتمدة فى دول مما قد يؤدى الى أن ترفض هذه الدول دخول مسافرين اليها، رغم أنهم تناولوا اللقاح ولكنه قد يكون غير معتمد طبيا لدى هذه الدولة !
وطالب الخبراء بأن تكون هناك " آلية عربية موحدة " يمكن من خلالها إصدار "وثيقة سفر خضراء عربية" أسوة بالوثيقة الخضراء الاوروبية تضع فى الاعتبار التدابير الصحية ومستجدات الجائحة ، لتسهيل اجراءات السفر والغرض من هذه الوثيقة هو تسجيل التطعيمات ونتائج الاختبارات المعتمدة ومعلومات عن الإصابات الباقية والتعرف عليها فى الدول العربية ومتابعة تنفيذ هذه الآلية من خلال لجنة عربية تابعة للجامعة العربية تنشأ لهذا الغرض لأن الوضع الحالى يحتاج لتكاتف جميع الدول العربية وليس العمل المنفرد
يذكر أن بعض شركات طيران أعلنت أنها قد تطلب مستقبلا بالتنسيق مع حكومات دولها ضرورة الحصول على اللقاح كشرط للسفر ومنها شركة الطيران الأسترالية «كانتاس» التى أعلنت أنها قد تطلب من المسافرين على رحلاتها الدولية فى المستقبل وثيقة تثبت حصولهم على لقاح ضد «كوفيد ــ 19» كما أعلنت شركة طيران «آسيا الدولية» وشركة «طيران نيوزيلندا» أنها قد تشترط تناول اللقاح للمسافرين عندما تصبح لقاحات فيروس كورونا متاحة لكل دول العالم.
«الوثيقة الخضراء» وأولوية السفر
ورغم تعهدات سابقة بعدم تفضيل من تناولوا اللقاح عن غيرهم عند السفر ، فقد بدأت بعض الدول بالفعل فى " تفضيل" من تلقوا جرعتين من اللقاح بالسماح لهم بالسفر لخارج حدودها مثل السعودية والكويت وغيرهما أو القدوم إليها مثل قبرص دون أية اجراءات صحية سوى وثيقة تثبت أنهم تلقوا اللقاح كما تعتزم المفوضية الأوروبية إصدار «وثيقة خضراء» أو ماسيعرف باسم «جواز السفر الأخضر» لتسهيل تنقل من تناولوا اللقاح داخل دول الاتحاد الأوروبى . كما تعتزم السماح لغير الأوروبيين لمن تناولوا جرعتين من اللقاح بالسفر الى أوروبا، ولكن الخبراء يخشون أن تتحول هذه الوثيقة إلى «أداة للتمييز» خاصة أن المواطنين الأصغر سنا لن يتلقوا اللقاحات حتى نهاية العام الجارى أو حتى العام المقبل. وكانت الصين قد أطلقت أول «جواز سفر لقاحى» رقمى لمواطنيها فقط وهو ليس إلزاميا حتى الآن .
«مهمة القرن» لشركات الطيران
من جانبه يؤكد ألكسندر دو جونياك الرئيس السابق للاتحاد الدولى للنقل الجوى " أياتا "، أن الشحن الجوى والتوصيل الآمن والسريع للقاحات كوفيد-19 لكل دول العالم سيكون «مهمة القرن» بالنسبة لشركات الطيران العالمية، حيث يتطلب نقل اللقاحات فى درجات حرارة منخفضة جدا استعدادات، خاصة بالمطارات وتجهيز الطائرات لأكبر تحد «لوجيستى» فى تاريخ النقل الجوى ووفقا لإحصاءات «أياتا» فإن توفير جرعة واحدة فقط من لقاح كورونا لـ 7٫8 مليار شخص هم تقريبا سكان الكرة الأرضية من شأنه أن يملأ 8000 طائرة «شحن» من طراز «بوينج 747».
تحويل طائرات «الركاب» الى الشحن
وهنا لابد من الإشارة أنه لنقل " 15 مليار " جرعة لقاح كحد أدنى مطلوب لتطعيم كل سكان العالم تقريبا، حيث إن الشخص الواحد سيحتاج إلى "جرعتين" فإن ذلك سيتطلب ذلك تنظيم 150 ألف رحلة جوية وفقا لتقديرات الاتحاد الدولى للنقل الجوى . ويكمن التحدى فى أن حجم أسطول طائرات الشحن الجوى العالمى حاليا أقل بكثير من عدد الطائرات المطلوبة لنقل كميات هائلة من اللقاحات لكل دول العالم ، مما دفع شركات الطيران إلى تحويل عدد كبير من طائرات الركاب إلى طائرات «شحن جوى» فى ظاهرة جديدة والاستفادة من الفراغات على طائرات الركاب فى نقل شحنات بضائع وخاصة بعد توقف أكثر من 16 ألف طائرة فى ذروة الجائحة وبالتالى تبدو شركات الطيران أمام فرصة كبيرة لتعويض جانب من خسائرها وشحن المليارات من لقاحات كورونا .
جواز أياتا «الرقمى»..وفتح الحدود بين الدول
وبهدف منح حكومات الدول الثقة لإعادة فتح حدودها أمام المسافرين أعلن الاتحاد الدولى للنقل الجوى «أياتا» عن و«ثيقة سفر إلكترونية» جديدة أو مايطلق عليه «جواز سفر اياتا الرقمى» لاستعادة الثقة فى السفر بشكل آمن ، حيث بدأت بعض شركات الطيران بالفعل استخدام هذه الوثيقة الرقمية على بعض رحلاتها. والوثيقة عبارة عن «تطبيق ذكى» على الهواتف المحمولة يتيح للمسافرين بامكانية الحصول على كافة المعلومات والاجراءات الصحية ومستندات السفر بدقة التى تطلبها كل دولة . ومن المقرر أن يتوافر «جواز اياتا الرقمى» بصورة أشمل خلال الأشهر المقبلة، حيث تخطط شركات الطيران للتوسع فى استخدامه. وتنص سياسة التطعيم الخاصة بـ «كوفيد ــ 19» على أنه رغم التلقى الطوعى، إلا أنه من المحتمل أن هناك ظروفا قد تفرض فيها الدول ضمن وثائق السفر اليها، كضرورة وجود شهادة تطعيم تثبت الحصول على اللقاح.
ويبقى التساؤل مطروحا .. هل يصبح «التطعيم» ضد كورونا شرطا للسفر حول العالم .. وهل يمكن أن يقتصر السفر إلى بعض الدول على من تناولوا اللقاح فقط؟.. هذا ماستكشفه الأيام المقبلة !.
رابط دائم: