إذا كان هناك من يتصور أن مصر يمكن أن تفتح آذانها لأية أفكار ورؤى، فى معرض مناقشة أزمة سد النهضة، من نوع الحديث عن تقاسم مياه النيل الأزرق أو التلميح لأطروحة بيع المياه فهو يعيش فى وهم كبير.
إن علينا أن نقول صراحة وبمنتهى الوضوح إن هناك شيئا ما فى لغة الخطاب الإثيوبى بدأ يثير قلقنا، لأن أى محاولة للربط بين ثوابت الحقوق التاريخية المشروعة لدولتى المصب وبين بنود الاتفاق القانونى والملزم الذى تصر عليه مصر والسودان لتحديد قواعد ملء وتشغيل السد لا يمثل فقط خروجا على القانون الدولى الذى ينظم آليات التعامل مع الأنهار الدولية العابرة للحدود وإنما يمثل انتهاكا ونسفا لإعلان المبادئ بين مصر والسودان وإثيوبيا فى الخرطوم عام 2015.
إن حقوق مصر والسودان المستندة لمشروعية الثوابت التاريخية وحجية المبادئ والقوانين الدولية لا تترك مجالا لأية أوهام باتجاه المساومة أو الابتزاز وذلك مسلك خطير لا يخدم إثيوبيا وتطلعاتها نحو التنمية التى رحبنا بها، ولكنه يدفع المنطقة كلها نحو هاوية سحيقة.
ولسوف يكون مثيرا للسخرية أن تتجدد الأحاديث المغلوطة عن حق امتلاك المياه التى تهطل من السماء على غرار حق الدول التى تمتلك آبار النفط التى تستخرجها من باطن الأرض لأن هذه الأمور حسمت نهائيا بقرار من المنظمة الدولية للأمم المتحدة منذ أكثر من عشرين عاما.
وكل ما يجرى الآن من تعبئة نفسية داخل إثيوبيا يشكل خطرا على الشعب الإثيوبى ذاته الذى لم يسمح له حتى هذه اللحظات بأن يعرف الحقيقة لكى يدرك أبعاد الاندفاع إلى مسارات صعبة، لمجرد أن النظام الإثيوبى يستخدم قضية السد للتغطية على المشاكل والأزمات والصراعات المتفجرة بشدة فى معظم أقاليم الحبشة.
بالقانون الدولى وحده وباحترام الاتفاقيات التاريخية يمكن أن يكون هناك بصيص من الأمل فى حل سياسى عادل يلبى مصالح كل الأطراف، وغير ذلك هو نوع من اللعب بالنار!
خير الكلام:
غدا هو يوم جديد ويعتمد مصيره علينا!
[email protected]لمزيد من مقالات مرسى عطا الله رابط دائم: