رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أنـــا مصـــــرى

 والله العظيم مصر التى صنعت أعظم حضارات العالم.. تمضى قُدمًا على طريق المجد ترسى قواعدها عليه!.

بسم الله ما شاء الله ولا قوة إلا بالله.. فى ست سنوات حققت الإعجازات فى كل المجالات.. وفى ستة أيام من أيام.. مصر أبهرت العالم وهى تعيد الحياة إلى أحد أهم شرايين اقتصاد العالم!.

وبعدها بيومين مصر.. شغلت عقول وملكت قلوب العالم بأجمعه.. بقراءة جديدة عبقرية للعالم.. فى أقدم وأعظم حضارات العالم!.

مصر لأول مرة فى تاريخها.. عرفت كيف تُذَكِّر العالم وتباهى العالم بما تملكه ولا يملكه العالم!.

فكرة عبقرية نفذتها مصر بكل العبقرية.. جعلت أكثر من 400 قناة تليفزيونية عالمية.. تنقل الحدث السياحى العبقرى على الهواء مباشرة لكل الدنيا!.

إعجاز إعلامى سياحى.. حقق إعجازًا دعائيًا غير مسبوق لمصر عبر تاريخها!.

عندما تتواجد الإدارة السياسية.. تتفجر طاقات الشعب الإبداعية الكامنة فى كافة المجالات!.

سيادة الرئيس السيسى.. شكرًا.

......................................

>> موقفان متشابهان فارقان الفارق بينهما 65 عامًا.. كلاهما تسبب فى تحول الكرة الأرضية بكل ما على سطحها من دول تجاه مصر وهى تواجه أصعب تحدٍ لها على نفس المجرى المائى بنفس المعدن المصرى العظيم الأصيل وتحت نفس الضغط العالمى الرهيب.. ونفس الترقب البالغ ونفس التربص الهائل!.

فى عام 1959 الرئيس عبدالناصر أعلن تأميم شركة قناة السويس لتصبح من لحظة إعلان القرار شركة مصرية.. بديلًا للشركة الأجنبية المملوكة لهم منذ حفرت مصر قناة السويس!.

إنجلترا وفرنسا أرادتا إجبار مصر على التراجع عن قرارها.. بإثبات عجزها عن إدارة هذا المرفق العالمى أمام العالم كله!. الدولتان مع دول أخرى.. سحبوا المرشدين الإنجليز والفرنسيين وأبناء الدول الأخرى من قناة السويس.. وهذا القرار معناه توقف الملاحة.. لأنه لا مرور للقوافل فى القناة بدون مرشدين!.

وقت الشدة تتفجر العبقرية المصرية وتتجلى الإرادة المصرية!. وقت الشدة تعرف مصر الصديق من العدو!.

اليونانيون أثبتوا أن «العِشْرَة» لا تهون إلا على أولاد الحرام فقط!. المرشدون اليونانيون الذين عاشوا فى مصر وأكلوا من خير مصر.. رفضوا الانسحاب وقرروا البقاء والانضمام إلى المصريين المقبلين على خوض المهمة المستحيلة!.

مصر أبدًا لم ولن تركع!. مصر عبر تاريخها الأقدم من الزمن لم تعرف يومًا المستحيل!.

الممر المائى العالمى لم يتوقف ولن يتوقف!. العالم كله واقف على حيله يراقب ويترقب وهو فى قمة التربص منتظرًا بين لحظة وأخرى.. سفينتين «يِخَيِّشُوا» فى بعض وتتوقف الملاحة ولحظتها العالم كله يرجع القناة لهم.. يديرونها بمرشديهم وكل إيرادها لهم.. لأن القناة رجعت ملكهم!.

فى ظل هذا الوقت العصيب والوقت البالغ الصعوبة.. المصريون على سطح قناة السويس صنعوا الإعجاز!.

العدد القليل جدًا جدًا من المرشدين.. مع ضباط البحرية المصرية الذين تم تكليفهم للعمل فى المهمة المستحيلة مرشدين فى قناة السويس.. الكل يعمل ليل نهار لأنه لا وقت للراحة.. والكل يعمل تحت ضغط رهيب!. العالم بأكمله متفرغ لمراقبة المصريين وهم يديرون القناة!. العمل تحت ضغط صعب.. فما بالنا والعالم كله هو الذى يضغط وفى نفس الوقت يتربص ويتمنى لنا الغلط!.

المصريون خيبوا ظنهم.. ومصر نجحت فى الاختبار المستحيل سنة 1956!.

وكانت السنوات بعد 65 سنة فى سنة 2021 فوجئت مصر بمستحيل من نوع آخر يوقف الملاحة فى القناة!. أكبر سفينة حاويات فى العالم.. تجنح فى القناة عن خط سيرها فى المجرى العميق.. ولأن طولها 400 متر.. يصبح أى انحراف لها.. دخولًا إلى حافة القناة الأقل عمقًا.. وهذا ما حدث من أخطاء للقبطان وانتهى بشحط مقدمة السفينة فى الرمال!.

مرة أخرى العالم بأكمله وقف على حيله.. مراقبًا متابعًا مرعوبًا من كل لحظة توقف للملاحة فى قناة السويس.. لأن الاقتصاد فى العالم عنده ما يكفيه من وقف الحال الناجم عن كورونا.. ولن يتحمل وقف حال آخر نتيجة توقف سير السفن فى قناة السويس!.

المصريون فى معركة الأيام الستة على سطح قناة السويس.. والله كانوا يواجهون ويتحدون المستحيل.. فى ظل ضغط عالمى هائل ورهيب!. السفينة الجانحة بطولها العملاق وحمولتها الأضخم على الإطلاق.. عملية تحريرها من الرمال التى شحطت فيها.. معركة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. لأن الضغوط تتضاعف مع كل لحظة تمر والسفينة مكانها!. لأن كل لحظة تحمل خسائر رهيبة فى كل الاتجاهات!. لأن العالم الذى يترقب ويراقب وينتظر.. قليله من هو نقى الضمير.. وكثيره من قديم الأزل كاره متربص جاهز لأن يشمت!.

«كوماندوز» هيئة قناة السويس.. عمالًا وفنيين ومهندسين وفى مقدمتهم الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس صنعوا ملحمة مثل التى صنعها كوماندوز 1956 وفى مقدمتهم محمود يونس!.

«كوماندوز» هيئة قناة السويس 2021 يواجهون مشكلة غير مسبوقة وضغوطًا هائلة غير مسبوقة على مدار اللحظة من كل أنحاء العالم.. بالفتاوى التى لا تتوقف من خبراء فى كل الدول عن حلول!. الكلام سهل «والفتى» أسهل.. وأغلبه ليس لوجه الله.. إنما للتشتيت وللمزيد من الضغوط النفسية على المصريين!.

«كوماندوز» هيئة قناة السويس لم يبتلعوا «الطُعْم».. لأنهم أول من يعرف «إن إللى على البر عوام»!. لم يلتفتوا لشىء من هذا.. ولم يهتزوا مع كل يوم يمر.. لأنهم على يقين بقدرتهم على إعادة السفينة إلى السير فى مجرى القناة وتخليصها من أسر الرمال!. هم على يقين من إتمام المهمة من أقصر طريق وأصعب طريق!.

المراقبون المترقبون فى الخارج.. تصوروا أن المصريين سيلجأون إلى تفريغ حمولة السفينة.. يعنى يحلون المشكلة فى أسابيع وربما أكثر!. «الكوماندوز» معركتهم الحقيقية مع الوقت.. وأقصر الطرق وأصعبها.. تحرير السفينة من «أسر» الرمال.. وليس تفريغ حمولتها!.

«كوماندوز» هيئة قناة السويس.. وهم ينفذون قرار تحرير السفينة من أسر الرمال.. يعلمون أن تنفيذ ذلك يتطلب استطلاع كل جسم السفينة الهائل الغاطس فى المياه.. يعنى استطلاع 800 متر من الجانبين خلاف العرض.. وهذه معناه أن يعمل فريق الغطاسين ويواصلوا الليل بالنهار لأجل رسم صورة كاملة لكل ما لا نراه تحت الماء من جسم السفينة.. والأجزاء التى شحطت فى الرمال وإلى أى مدى وصلت!.

هناك مشكلة أخرى أغلبنا لا يعرفها ومن يعرف لا يدرك صعوبتها!. قناة السويس تيارات الماء بها.. تتغير أكثر من مرة على مدى اليوم!. المياه تتحرك من الشمال (بورسعيد) إلى الجنوب (السويس) وبعدها ينقلب الحال ويصبح اتجاهها من الجنوب (البحر الأحمر) إلى الشمال (البحر الأبيض).. وبطبيعة الحال اتجاه تيار الماء له دور لا يمكن إغفاله!.

النقطة الأهم.. قناة السويس تتعرض للمد والجزر أربع مرات على مدى اليوم!. المشكلة تكمن فى التفاوت الكبير فى معدل المد والجزر والذى يصل إلى مترين.. ارتفاعًا وانخفاضًا فى مياه القناة!. المشكلة الأكبر أن تفاوت معدلات المد والجزر.. تختلف فى جزء القناة الواقع فى الجنوب.. عنها فى جزء القناة الواقع فى الشمال!.

ملاحظة: تيارات الماء فى قناة السويس واتجاهاتها والمد والجزر ومستواه كان لهما دور فى تحديد ساعة الصفر لحرب أكتوبر! القيادة العسكرية التى خططت لحرب أكتوبر.. لم تترك شيئًا للمصادفة.. وكان مهمًا جدًا دراسة كل ما يتعلق بالمجرى المائى من السويس إلى بورسعيد لأن الظروف جعلت منه أصعب مانع مائى فى تاريخ الحروب!. كل الخبراء العالميين يؤكدون أن أى محاولة لاقتحام هذا المانع خسائرها فادحة!. القيادة المصرية تخطيطها اقتحام القناة بأقل خسائر! ولذلك كانت أهم النقاط التى تم دراستها والتدريب عليها.. تيارات الماء والمد والجزر فى قناة السويس!.

«كوماندوز» قناة السويس من أيام.. لم يتركوا صغيرة أو كبيرة إلا ودرسوها وبعدها حددوا الاحتياجات من القاطرات ومن وحدات التكريك المكونة من طلمبات هواء نفاثة تدفع الهواء فى مياه المنطقة المرتفعة التى شحطت فيها السفينة لتفريق الرمال التى يتم سحبها بطلمبات الشفط القوية.. وبطبيعة الحال هذه المسألة يتم تنفيذها بمنتهى الدقة.. وفى الوقت الذى فيه المد فى أعلى درجاته وبمراعاة تيارات المياه حتى لا تميل السفينة فى الجزء الذى تم تكريك الرمال منه!.

من أول لحظات جنوح السفينة.. كل التوقعات التى أطلقها الخبراء من أنحاء العالم.. أشارت إلى أن عودة الحياة لهذه السفينة الضخمة الجانحة وتحركها من الموقع الذى ربضت فيه وعودة الملاحة بصورة طبيعية فى القناة.. أمور لن تحدث قبل أسابيع وربما أكثر من ذلك!.

أغلب التقارير الصحفية التى واكبت جنوح السفينة.. ظهر واضحًا فيها التربص والتشكيك فى قدرة مصر على حل المشكلة.. وإطلاق الدعوات لأجل مساعدة العالم لمصر.. وكأن مصر أعلنت فشلها وفى حاجة إلى مساعدتهم!.

كوماندوز هيئة قناة السويس بقيادته الواعية.. لم يلتفتوا للحرب النفسية الخفية القائمة.. كل تركيزهم تحقيق الهدف الذى حددوه من أول لحظة.. ألا وهو تحرير هذه السفينة التى جنحت وأصبحت لا تتحرك بعد أن شحطت أجزاء كبيرة فى الرمال!. هم رصدوا المشكلة وحددوا خطوات حلها.. ليس فى أسابيع كما قالت التقارير على لسان خبراء.. إنما قبل أن يمر اليوم السادس.. وحدث!.

المعركة استمرت أيامًا ستة.. عادت الروح بعدها للعالم كله الواقف على حيله مرعوبًا من أزمة اقتصادية أخرى البشر حول العالم لن يتحملوها!.

ستة أيام مرت وكأنها ستة قرون.. خلالها مشارق الأرض وغربها.. عرفت قيمة قناة السويس وأهمية قناة السويس واستحالة الاستغناء عن قناة السويس..

وعرفت الدنيا كلها أيضًا.. أن قناة السويس ليست مجرد مجرى مائى فى نظر المصريين.. إنما هى ملحمة عطاء من المصريين الذين حفروها.. وملحمة فداء للمصريين الذين أعادوها وحرروها وملحمة فكر وعلم وخبرة من المصريين الذين يديرونها.. والدليل!.

عودة الروح للعالم بعودة الملاحة للقناة.. قبل مرور 144 ساعة على توقفها!.

خلاصة القول.. الذى حدث فى الأيام الستة بقناة السويس ويوم 3 أبريل فى موكب ملوك مصر الفراعنة.. دليل ثقة ويقين وفكر وعبقرية قيادة.

دليل تخطيط مذهل وأداء مبهر.. فى ملحمة لسان حالها يقول: هى دى مصر!.

ملحمة.. جعلت كل مصرى على كل أرض فى أنحاء الأرض يقول للدنيا كلها بكل الفخر: أنا مصرى!.

......................................

>> مازلنا فى قناة السويس.. ومن وحى الأيام الستة الصعبة التى كانت فيها القناة «مغلقة» بسبب السفينة الجانحة.. لاحظت أن كل أعمال الإنقاذ تحركاتها فى الماء على سطح القناة وهو طبيعى لأن القاطرات التى تستخدم فى الدفع أو السحب والمعدات الأخرى.. كلها وحدات بحرية.. إلا أن!.

فكرتى تدور حول إمكانية استخدام البر مع البحر فى عمليات الإنقاذ.. باعتبار الحركة برًا أسرع كثيرًا منها بحرًا.. وفى مثل هذه الحالات الطارئة العارضة التى تحدث فى المجرى المائى.. سرعة الوصول إلى المكان الذى فيه المشكلة.. هذه السرعة فى الوصول والبدء فى التدخل للإنقاذ.. مؤكد أنها مطلوبة وعليه!.

قناة السويس فى الغرب لها وموازٍ لها.. طريق قاصر على أعمال هيئة قناة السويس.. وشرق القناة مباشرة وبموازاتها.. المكان الذى كان فيه الساتر الترابى الذى أقامه العدو بعد يونيو 1967 ومزع أوصاله جيش مصر فى حرب 1973.. المكان الذى كان فيه الساتر الترابى.. يمكن أن يكون طريقًا بريًا ممهدًا هو الآخر.. وبالتالى أصبح الممر المائى.. على يمينه ويساره وبالتوازى معه طريقان بريان.. الفاصل بينهما 200 متر هى عرض القناة.. وبالتالى فى حالة ما إذا جنحت سفينة تجاه الشرق.. الطريق الموجود فى الشرق أقرب ما يكون لها.. وإن جنحت تجاه الغرب الطريق الغربى قريب لها!.

فى حالة السفينة إياها.. تم اللجوء إلى التكريك من خلال السفن الخاصة بهذا العمل التى وصلت إليها بحرًا، اقتراحى أن يتم تجهيز وحدات تكريك برية!. طلمبة نفاثة تدفع الهواء فى الماء لتحريك الرمال.. وطلمبة نفاثة تشفط الماء بالرمال!. الطلمبتان يمكن تجهيزهما بالخراطيم الخاصة بهما.. على مقطورة سيارة نقل.. بحيث يمكن قطرها لأى مكان!.

الميزة التى يوفرها الطريق البرى هنا.. السرعة الهائلة بالقياس لسرعة سفن التكريك التى تتحرك على الماء.. إضافة إلى الوصول للسفينة الجانحة من مكان خالٍ لا وجود لقطع بحرية فيه!.

الفكرة إن ثبتت فعاليتها عمليًا.. يتم تجهيز عدد من وحدات التكريك البرية.. وكل وحدة لها مكانها المحدد على شاطئ القناة.. شأنها شأن سيارة الإسعاف.. جاهزة فيما لا قدر الله حدث أى طارئ.. بالتحرك من مكان لا يزيد بُعده على 20 أو 30 كيلو.. وهذه المسافة يتم قطعها بريًا فى عشر دقائق على أقصى تقدير!.

......................................

>> وطالما أننا فى قناة السويس.. عندى اقتراح آخر يقينى أنه يوفر دخلًا كبيرًا جديدًا لمصر ويوفر فرص عمل كثيرة للمصريين ويفتح مجالات إيرادات بالعملة الصعبة نتيجة تسويق منتجات مصرية كثيرة!. إيه الحكاية؟.

الحكاية أن ما نحصل عليه من رسوم المرور فى القناة.. أشبه مع الفارق طبعًا.. بالكارتة الموجودة على أول طريق الإسكندرية الصحراوى!. أىٌ منا يدفع عشرة جنيهات رسم المرور على الطريق الذى تكلف مليارات الجنيهات.. وفى منتصفه يرتاح أى واحد منا فى «الماستر» ويدفع أقل ما يدفع 300 جنيه للأسرة فى مشروبات أو سندوتشات!.

فى قناة السويس نحن نحصل على رسوم مرور السفن ودمتم!.

اقتراحى.. هيئة قناة السويس تفكر فى عمل شركة تشارك فيها الخمس أو ست شركات العالمية التى تملك أسطول السفن الذى يجوب بحار العالم!. ليه؟.

الدولة التى حفرت أهم مجرى مائى للعالم.. وتدير بكفاءة تامة هذا الشريان الاقتصادى العظيم.. طبيعى ومنطقى وحقها أن تقيم فى مدخل القناة على البحرين الأحمر والأبيض.. أكبر محطات التموين العالمية للسفن.. وقود ومياه وأغذية ومنظفات وكل ما يخطر على البال!.

أكبر محطة تموين هذه.. أصحاب السفن.. الرايحة جاية.. فى القناة لهم أسهم فيها.. وأرباحها لهم نصيب فيها.. يبقى ليه السفن دى.. تشترى وقود ومياه وأكل من أى مكان آخر غير مصر!.


لمزيد من مقالات إبراهيـم حجـازى

رابط دائم: