رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

حديث الجمعة
الحــوار البنّـــاء

الحوار البناء هو الذى يهدف إلى التفاهم والتلاقى على مساحات مشتركة، وأهداف إنسانية عامة لا تمييز فيها على أساس الدين أو اللون، أو الجنس، أو القبيلة.

الحوار البناء يحتاج إلى طول نفس ورباطة جأش وقوة وإنصاف الآخر، فإنصاف الآخر هو منهج القرآن الكريم قال تعالى: «وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِى ضَلالٍ مُبِينٍ»، فالدين قائم على إنصاف الآخر، ويعنى تسامح كل طرف عن بعض ما يراه حقا له، ليتسامح له الآخر فى بعض ما يراه حقًا .

الحوار البناء لا يجعل من المتغيرات ثوابتً، ولا يقدس غير المقدس ولا يعرف التعصب الأعمى، ولا يرمى الناس بالإفك والبهتان، ولا يخرج عن الموضوعية إلى غيرها قصد إحراج المحاوَر، أو إسكات صوته بالباطل، كأن يحاور شخص شخصًا آخر فى قضية فكرية فإذا هو يتحول إلى هجوم شخصى عليه، أو على أسرته، أو قبيلته، أو حزبه، أو دولته، عجزًا منه عن مقارعة الحجة بالحجة، وهروبًا من الموضوعية التى لا قبل له بها إلى السباب والفحش الذى قد لا يجيد غيرهما، فكل ذلك شىء والحوار شىء آخر.

والحوار بين الأفراد، يعادله التفاهم بين المؤسسات، والتفاوض بين الدول، ويعنى اقتسام المغانم والمغارم فى نصفة لا جور فيها لطرف على آخر ولا قهره، الحوار العادل يولد سلامًا نفسيًا ومجتمعيًا ودوليًا مستقرًا، أما القهر تحت مسمى الحوار، فيولد أحقادًا أشبه ما تكون بالنار تحت الرماد سرعان ما تشتعل، ولا سيما عند هبوب الرياح، فهى تحتاج إلى مجرد محرك يوقظها من تحت الرماد.

ومن أبجديات الحوار حسن الاستماع للآخر، وعدم مقاطعته، أو إبداء عدم الرغبة فى سماعه، أو التأفف من كلامه، أو الإشاحة فى وجهه، وإظهار التبرم منه غمزًا، أو لمزًا، أو سخرية، أو تهكمًا إشاريًّا، أو حتى تبسمًا ساخرًا ينم عن عدم تقدير المحاور، أو إظهار عدم الاقتناع بما يقول تهوينًا لشأنه، ناهيك عن ارتفاع الصوت واشتداد الصخب والجلبة، فضلا عن سوء الأدب فى الحوار.

وإن أخطر ما يعوق الحوار أمران هما: الأدلجة والنفعية، فأما الأدلجة فإن العالم أو الكاتب أو المحاور المؤدلج تحمله عصبيته العمياء للجماعة التى ينتمى إليها إما على عدم رؤية الحق، وإما على التعامى عنه، إذ يمكن لأحدهم أن يحاورك أو يجادلك أو يقبل نقاشك فى مفهوم آية من كتاب الله (عز وجل) أو حديث صحيح من سنة سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ولا يقبل منك أن تحاوره أو تناقشه أو تراجعه فى كلام مرشده المقدس لديه، وأما النفعيون والمتاجرون بالأديان والقيم والمبادئ فلا يدافعون أبدًا عن الحق ، ولا ينتظر منهم ذلك، إنما يدافعون عن مصالحهم ومنافعهم فحسب ولا شيء آخر . ومن هنا كان مؤتمرنا حوار الأديان والثقافات الذى جاء استجابة لدعوة سيادة الرئيس/ عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية (حفظه الله) الدائمة للحوار الهادف وإحلال لغة الحوار محل لغة الصدام والاحتراب، إذ لا غنى للبشرية عن حوار بنَّاء يقوم على أرضية إنسانية خالصة، تراعى الحفاظ على أمن الجميع، وتعمل على تحقيق السلام الإنسانى، وتحترم خصوصية الآخرين الدينية والثقافية وعاداتهم وتقاليدهم وأعرافهم المستقرة.


لمزيد من مقالات د. محمد مختار جمعة

رابط دائم: