من أسوأ الاشياء فى عالم السياسة أن يكون الحاكم مراوغا ومخادعا ، خاصة عندما يتم كشف الأمر فى سنواته الاولى ويسقط القناع مبكرا حيث إنها صفات سرعان ما تكشف المسئول وترفع الغطاء عنه امام شعبه و دول العالم التى تراقب و تتعامل معه فيسارع الجميع الى إسقاط الأهلية والثقة به, وتظل تلك كارثة تنبئى بأقصر الأعمار لهذا الرجل وتخرجه من حسابات التاريخ مبكرا ٠ناهيك عن انها تجر اعظم الخيبات على شعبه والذى خلاله وبعده يتجرع مرارات الوحول وفقدان الثقة فى زعامته لآماد طويلة, فضلا عن الجروح والانكسارات التى تحطم وحدته الوطنية وجغرافية حدوده واقاليمه التى سرعان ماتتحول منصات لحروب التفكيك والتدمير العبثية على وقع غول العصبيات والقبليات التى تنهى اسطورة وحدة وسلامة استقراره الوطني. ولا اظن ان مافعله آبى احمد رئيس وزراء إثيوبيا مع شعبه وبعض اقاليمه فى اقل من عامين ودخوله فى حروب طواحين هواء مع جيرانه فى السودان كما يحدث فى تلك الايام للاستيلاء والاحتلال لارض شعب جار. والمغامرة القاتلة بحرب عبثية لايسندها حق او حقائق وكذلك خديعته الكبرى باتباع سياسة الهروب الى الامام فى ازمة سد النهضة للتهرب من استحقاقات عادلة مع دول حوض النيل خاصة مصر والسودان, وعدم الالتزام والمثول لاتفاقيات دولية متوارثة من خمسينيات القرن الماضى فضلا عن اتفاق المبادئ عام ٢٠١٥ بين الدول الثلاث فى الخرطوم٠ كل هذا وذاك ليس ببعيد عن شخص وثقافة الرجل الذى بات اقوى مثال على الخديعة والوقوع فى الشرك البائس من المغالطات والاخطاء وتطويع سياسة الامر الواقع على اصحاب الحقوق فى قضية المياه لتحقيق انتصار زائف وقصير الامد لدى فريق من شعبه على مصلحة بلده الكبرى ٠متناسيا ردات فعل وموجات الإجراءات القاسية للاطراف الخارجية اصحاب الحق الاصيل فى تلك القضية عندما تحين ساعة المواجهة ايا كان شكلها او نوعها ولحظات المقارعة عندما صار لوقت قريب عليه تسديد فواتير الحساب ودفع الاثمان , خاصة ان القادم من الايام يحمل اشارات من المواجهة الصعبة ان لم تكن المنهكة للرجل وشعبه فى قضيتين من الصعوبة بمكان الإفلات منهما دون مواقف صريحة وحاسمة ولا تقبلان التسويف او المراوغة ٠الاولى تتعلق بحربه مع السودان فى مناطق الشرق خاصة منطقة الفشقة حيث لابد من الحل البتار للسودان خلال اسابيع وليس خلال شهور او اعوام وهذا لن يتحقق إلا بالانسحاب والقبول بالانتصارات العسكرية السودانية الاخيرة .
والازمة الثانية التى لن يجد آبى احمد ودولة إثيوبيا كلها فكاكا للتهرب منها هذه المرة تتعلق بالتحذيرات المصرية والسودانية بشأن خديعة اللجوء الإثيوبى الى الملء الثانى لسد النهضة بمقدار مايوازى ١٣ ونصف مليار متر مكعب فى اوائل يوليو القادم, حيث لن تفلح اى محاولات للمراوغة والتسويف بعد ان انكشفت خديعة آبى احمد التى استمدها من الاستراتيجية الإسرائيلية عبر رحلة المفاوضات مع الاطراف العربية منذ مؤتمر مدريد فى اوائل التسعينيات وحتى الآن ٠ والتى تصب فى خانة سنجعلهم يتفاوضون عشرات الاعوام وفى كل مرة سنغرقهم فى التفاصيل ونعيد تعليمهم العوم من جديد, حيث باتت تلك الحيلة مكشوفة مبكرا ولاتنطلى على المفاوض المصرى منذ اللحظة الاولى حيث ان للحلم المصرى ومن بعده الجانب السودانى الذى استفاق على تلك الكارثة وخطايا عمر البشير بها بعد ثورة الإطاحة به منذ عام واكثر حدودا لم يعد مقبولا من الآن فصاعدا تجاوزها, وهذا مايجب ان تتيقن إثيوبيا آبى احمد له قبل نفاد الصبر المصرى ومن ورائه السودانى حيث باتت كل المواقف الاثيوبية وماوراءها من موجات خديعة وانكشاف ظاهرة مرصودة للقاصى والدانى فى الإقليم والدوائر السياسية العالمية المعنية بالمراقبة والمتابعة الجوهرية لتلك القضية, وبالتالى يبقى عنصر المفاجأة سلبا او إيجابا متوقعا من الآن وحتى موعد الملء الثانى حيث تلعب إثيوبيا بورقتها الاخيرة والتى من الصعب او المستحيل ان تكسبها هذه المرة حيث انها بلاشك ستجد نفسها من الآن وحتى الموعد المرتقب محشورة فى الزاوية.
بإلحاح وغضب ظاهر ارى ان اصعب وقت تواجه فيه اللجنة النرويجية المسئولة والمعنية بجائزة نوبل الآن اكثر من اى وقت سابق, هو الحيرة التى تعيشها ادارة اللجنة بسبب فيض الانتقادات التى توجه لها وغيض الاتهامات التى نالت منها سواء من مواطنى دول الإقليم وما كتب وتناثر فى العديد من صحف العالم طيلة العام الماضى وحتى الامس ودار فى مناقشات مراكز البحوث السياسية والاستراتيجية الدولية لاكاديمية نوبل بسبب منح الرجل الإثيوبى آبى احمد جائزتها فى العام قبل الماضى بل ان البعض وصل به الحال مطالبا ومناشدا الاكاديمية بتصحيح الخطأ وسحب الجائزة منه واعتبار انها خطأ قاتل وجسيم وقعت فيه الاكاديمية, كاشفة ان الرجل لا يستحقها بعد سلسلة الحروب والانتهاكات والممارسات العنصرية ضد شعبه خاصة بعد حروب التقتيل والفتك فى تيجراى فى شمال إثيوبيا بعد ان تكشف كثير من الحقائق المروعة عن بشاعة وفظاعة الجرائم التى أذن آبى احمد بشكل مباشر لجيشه بارتكابها بدم بارد ضد مواطنى بلده, وغيرها من الصراعات العنصرية حاليا ضد بعض اقاليم إثيوبيا الاخري, وقبل هذا وذاك حالة الانكشاف الظاهر التى فضحت نهج وممارسات الرجل فى سلوكه وممارساته السياسية والتفاوضية مع دول الجوار فى ازمة مياه النيل وسد النهضة حيث سقط قناع الزيف الذى خدع به الرجل إدارة نوبل والعالم وادعى انه داعية سلام ورجل استقرار وارتدى ثوب التقية على مدى عامين ـ إلى ان سقط القناع وتجلت الحقيقة٠ خاصة بعد ان اصبح الجميع فى المنطقة وغالبية دول العالم يلامس ان رجلا كهذا ذاهب بالمنطقة الى الفوضى والمجهول خاصة فى أحلك قضية وكارثة اصعب حرب وهى حرب المياه إذا استمر فى العبث نفسه .
لمزيد من مقالات أشرف العشرى رابط دائم: