فى رحلة الحياة نخسر أشياء كثيرة.. قد نخسر المال ونحزن عليه وقد نخسر المنصب وهو لا يستحق أن نبكى عليه وقد نخسر صديقاً ونشعر بعده بفراغ لا يعوضه أحد..والبشر هم أغلى الأشياء فى الحياة.. إنهم الثراء والغنى الحقيقي.. فى لحظة حزن أو احتياج أو ألم تظهر فى خيالك صورة حبيب أو صديق غاب عنك ولا تعرف له وطنا أو مكانا وتتمنى فى لحظة لو أن الزمان عاد بك للوراء لحظة ووجدته بجانبك.. يأخذ بيدك ويشد من أزرك فى أوقات كثيرة، افتقدت أشخاصاً أحببتهم وعشت معهم وبادلونى حبا بحب ووفاء بوفاء.. فإذا بقى عندك إنسان من هؤلاء البشر الذين ندر وجودهم لا تفرط فيه.. إنه من العملات النادرة التى قل وجودها.. فى هذه الأيام الصعبة شعر الناس بغياب هذه العلاقات الفريدة.. سكتت أجراس التليفونات وقل عدد الزوار وأصبح من الصعب بل من المستحيل أن تجد حبيبا أو صديقا يشاركك رحلة الألم أو الوحدة أو ان تجد معه الأمان.. فقيرة هى الحياة بلا صديق وفيّ ثقيل هو الزمن بلا حبيب يمنحك الدفء والأمل.. قلت دائما إن البشر هم أغلى ما نملك وان غياب البشر أكبر خسائر الدنيا وأن الوحدة لا يمكن أن تكون شريعة الحياة وسر الأسرار فى الكون وان الله سبحانه وتعالى خلق الناس عشاقا وجعل الحب فى كل الكائنات طريقا وملاذا.. فإذا كانت الأقدار قد تركت لك حبيبا فلا تفرط فيه فقد لا تجده فى لحظة بين يديك.. وإذا بقى فى مشوار حياتك صديق تأمن إليه فهو كنز الأيام الصعبة فالبشر أغلى ما يملك الإنسان فى أيام الألم..إن أصعب الاختبارات فى مشوار الحياة أن تجد نفسك وحيدا وحولك آلاف البشر وأن تضيق الأشياء حولك وترى الكون نافذة صغيرة وتنادى ولا أحد يجيب وتتألم ولا شيء يسمع.. لحظات تفرضها الأقدار علينا ولا نملك غير أن نستسلم لهذا الزائر الغريب الذى يقتحم بيوتنا ويبدد بهجتنا ولا نستطيع منه فراراً..أثقل الأشياء أن تكون وحيداً وسط كل هذا الزحام فما بالك إذا أصبحت وحيداً وسط ملايين البشر لا تستطيع أن تمد قدماك خارج غرفة نومك.. قدر أحمق الخطى.
[email protected]لمزيد من مقالات فاروق جويدة رابط دائم: