رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

قاتل أطفال وإرهابى دولى
مسلسل إسبانى يواصل التشوية لصورة «العربى»

محمد بركة;

قاتل أطفال لا يتورع عن إزهاق روح كائن بريءلا يتعدى السنوات العشر، وإرهابى مأجور وعضو فاعل فى مافيا عالمية للسلاح والإتجار بالبشر ، يطارده البوليس الدولى «الإنتربول» دون جدوى بسبب براعته الفائقة فى التخفى و المراوغة ! هكذا يرسم مسلسل Vis a vis Elosis أو «هذا ما جناه قلبي» الإسبانى صورة العربى كشخصية رئيسية تحتل مكانا محوريا فى نسج العقدة وتطور الأحداث حيث يشار إليه بين الضحايا وعلى لسان مفتش الشرطة كاستيو «باللقب» المصرى بينما فى أحيان أخرى و على استحياء يشيرون إليه باسمه وهو اسم غريب الوقع على الأذن المصرية على أيه حال «حنبل حمدي».

يروى العمل قصة «مكارينا فيريرو» ، الشقراء الجميلة التى تقيم علاقة مع شخص متزوج ويكبرها فى السن وهو رئيسها فى العمل . يزعم أنه يواجه ضائقة مالية و يطلب منها مساعدته فتتورط فى قضايا اختلاس مالى بعد توقيعها على مستندات حساسة وحين تتعرض للمساءلة القانونية يتخلى عنها ويدعى أنه لا يعرفها أصلا فتتم إدانتها . تقضى البطلة عقوبة الحبس سبع سنوات إلا إذا تمكنت من دفع كفالة تقدر بمليون دولار وهو ما لا تقدر عليه. فى «كروز ديل سور» تكتشف مكارينا التى تقوم بدورها «ماجى سيفانتوس» عالما آخر يموج بعجائب وغرائب النماذج الإنسانية . إنه سجن النساء الذى تصبح واحدة من نزيلاته اللواتى يرتدين زيا موحدا من اللون الأصفر. زنازين ضيقة للغاية لكنها أنيقة مع أماكن للتريض و الاستمتاع بضوء الشمس لكن هناك أيضا جرائم دموية وحوادث قتل غامضة ووشايات مرضية و اتجار فى المخدرات فضلا عن التنمر ضد المختلفات فى لون البشرة أو العرق أو حتى الدين .

فى يوم وصولها ، تتعرف مكارينا على سجينة أخرى سرقت 8 ملايين يورو وخبأتها فى مكان سرى خارج السجن. تلقى هذه السجينة حتفها على نحو غامض لكن بعد أن تكون قد أسرت للبطلة بمكان النقود. تلتقط هذه المعلومة «زوليما زاهر» التى تجسد شخصيتها النجمة الإسبانية من أصل أردنى «نجوى نمري» . «زوليما» هو النطق المحرف للاسم العربى المغربى «سٌليمة» حيث تظهر صاحبته بمظهر «زعيمة العصابة المثقفة» التى تحفظ الشعر و تعشق الموسيقى الكلاسيك لكنها تقتل بدم بارد ، تحتفظ بهاتف جوال بمكان سرى داخل زنزانتها ولا تتوانى عن تحدى «مأمورة» السجن وتهديد الضباط و الحرس ولا تبالى حين تتعرض لعقوبة الحبس الانفرادى . إنها تنتمى لهذا النوع من المجرم الذى يعرف كيف يتلاعب بضحاياه نفسيا . تتجمل ذات مرة حين تتلقى زيارة فتسأل «سراي» الفتاة الغجرية : كيف أبدو ؟ فتجيبها : مثل ملكة مغربية ، بينما تنعتها بقية السجينات بـ «المسلمة القذرة» !

تخبر «مكارينا» أهلها بمكان النقود على أمل أن يأتوا بالمبلغ الذى يومن كفالة الإفراج عنها، لكن «زوليما» تسارع وتنسق مع حبيبها ليطارد عائلة مكارينا ويعرف بمكان الأموال قبلها . ترى من هو حبيب المجرمة المغربية ؟ نعم ...إنه «حنبل حمادي» الذى يدعوه الجميع بـ «المصري» ! يقتل حمادى ابنة أخ مكارينا و هى طفلة لا تتجاوز العاشرة من العمر عقابا لهم على رفضهم تسليم الأموال ، كما يعد خطة لتهريب زوليما من السجن . يبعث إليها برسالة تقول باللغة العربية : طهرى نفسك ! يبحث والد مكارينا على محرك البحث جوجل عن معنى تلك الرسالة فتظهر له معلومات «مؤكدة» أنها تعني: أن المسلمة الجيدة عليها أن تغسل ذنوبها فتتطهر بالتعرض للنار و الحرق حتى تمحو جميع خطاياها !

يستعين «المصري» بعرب من ليبيا و اليمن وأمريكا الجنوبية كما يستعين كذلك بـ «كريم السوري» وهو قناص مرتزق شارك فى العمليات العسكرية بسوريا وليبيا لصالح ميلشيات تدفع جيدا، وحين انتهت الحرب تحول إلى امبراطور للهجرة غير الشرعية والإتجار فى البشر . تهرب زوليما وتقضى عدة أيام فى بقعة ما بشمال إفريقيا مستعينة بعصابة محلية . يتصارع أعضاء تلك العصابة ويختلفون حول تقسم الغنائم مع زوليما فيقطع شخص «جزائري» اليد اليسرى لكل من يعتبرهم خونة ! يسأل المحقق زوليما فيما بعد حين يتم القبض عليها عما إذا كان قطع اليد اليسرى إحدى تعاليم الإسلام ، فتجيبه هى المسلمة من أصل مغربى : نعم ! وحتى تغطى الشخصيات الإرهابية المتعطشة للدماء جميع خارطة العالم العربى ، يأتى صناع العمل بشخصية «سعودي» يتورط فى تجارة الرقيق الأبيض عبر أوروبا الشرقية !

هكذا يتم تقديم صورة المصرى و العرب عموما فى المسلسل كحفنة من المتعطشين للدماء ، قساة القلوب ، السفاحين الذين لا يعرفون الرحمة . واللافت هنا أن هذه النماذج لا يتم تقديمها باعتبارها نماذج استثنائية ، بل باعتبارها طبيعة المصرى والعربى عموما . والأخطر أن يتم تبرير كل هذه النفايات الإنسانية بأنها تعود لطبيعة الدين الإسلامى الذى يدعو أتباعه ، بحسب مزاعم المسلسل ، إلى الدم و العنف و ذبح الآخر ! والدليل أن معظم هذه المجازر تحدث على وقع صوت الآذان !

المسلسل تم انتاج الجزء الأول منه وبث على منصة «نتفلكس» للمرة الأولى فى 2015 حيث حقق نجاحا ضخما وحظى بنسبة مشاهدة عالية فى مصر و بين العرب أنفسهم فتوالت أجزاؤه تباعا عبر السنوات التالية وكان آخرها الجزء الخامس الذى عرض مؤخرا . ولابد من الإقرار بحقيقة موضوعية هى أن العمل يتسم بقدر كبير من التشويق و الإثارة على نحو يجعلك مسمرا أمام الشاشة . ويلجأ صناعه إلى التلاعب بالزمن فى تكنيك السرد البصرى ، حيث يفجر دائما مفاجأة مدوية تبهر المشاهد فى بداية الحلقة التى تستمر نحو ساعة و15 دقيقة كاملة ثم يعود إلى ما قبل هذا الحدث ليعرض عليك الخلفيات و الملابسات وقد ضمن أنك لن تقطع مشاهدتك !

وتبقى إشارة مهمة للغاية ، ففى أسوأ هجوم إرهابى تعرضت له إسبانيا عام 2004 والذى أسفر عن 191 قتيلا و1755 مصابا فى سلسلة تفجيرات قطارات عرفت بـ «تفجيرات مدريد» كان المتهم الرئيسى يحمل لقب «المصري» ! أصبح اللقب ذاته لعنة تتداولها الألسن وتتناقلها وسائل الإعلام طوال الوقت . والسؤال : لماذا أراد صناع العمل استدعاء تلك المجزرة الدموية من خلال هذا اللقب الذى يحمل أسوأ الذكريات فى وجدان الإسبان ؟

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق