رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الجامعة وأبو الغيط وأيام العرب الفارقة

رغم مرور مايوازى ثلاثة أسابيع فقط على تولى الرئيس الأمريكى الجديد جو بايدن مقاليد الأمور فى البيت الابيض فإنه بات لافتا وبالبحث والتدقيق المعمق أن عقيدة سيد البيت الجديد باتت مختلفة كليا عن نهج وصيرورة وسياسات سلفه المتهور ترامب0 حتى إنه استطاع فى أيام معدودات أن يسجل أعلى قياسات فى استطلاعات الرأى العام الأمريكى بالإشادة والإجادة عجز عن الوصول اليها طيلة أربع سنوات السيد ترامب، حيث حزم مراسيم القرارات المتعاقبة تنبئ بامتلاك الأول الرؤية والفكر العميق وتراكم الخبرات الذى يستطيع أن يوقف النزيف الهادر التى كانت تلاقيه القوة الكبرى والأكبر فى العالم على جميع الصعد والسياسات فى الداخل والخارج. إلا أن ما يلفت النظر ويشكل عنصر مفاجأة سريعة ومتلاحقة هى دينامية التعاطى الأمريكى مع شواغل وشئون الشرق الأوسط رغم الاحداث الجسام وتبعية التركة الثقيلة والهموم المتلاحقة التى تركها له ترامب فى الداخل الأمريكي. وكانت امارات هذا الاهتمام اللافت بالشرق الأوسط قد برزت جلية فى الحال على لسان جو بايدن نفسه ووزير خارجيته بلينكن اللذين أجمعا فى توقيت وصوت واحد تقريبا مع بدء اليوم الأول لعمل وزير الخارجية بعد تصديق مجلس الشيوخ عليه بأنه يجب التحسب أن هناك تغييرا واسعا وشاملا فى السياسات الأمريكية فى منطقتنا، وهو ما برز جليا فى رزنامة قرارات ومواقف عاجلة فى الحال ابرزها بالطبع المتعلقة بإيران وفرص العودة من عدمه عن الاتفاق النووى خمسة زائد واحد وشروط وضوابط واشنطن القادمة تجاهها، وكذلك الحال بشأن تركيا التى اتهمت من قبل إدارة بايدن فى التو بانها مصدر قلق وتوتر لواشنطن والاتحاد الأوروبى والمنطقة ما يوحى بأن توجه الردع الأمريكى تجاه طهران وانقرة سيتوالى فصولا فى قادم الأيام 0وبالتالى يبقى الأهم بالنسبة لنا جوهر التعاطى القادم لتلك الادارة الجديدة فى البيت الابيض مع الاقليم العربي، وليس خافيا على أحد ذلك الوضع الصعب الذى تكابده منطقتنا العربية بعد عشر سنوات من الحصاد المر للخريف العربى،

وما أدراك ما الخريف العربى وما ألحقه ببعض دول إقليمنا وفاقم فيض الأزمات والتحديات والذى كان مقصودا وممنهجا، ومن أسف بات العرب صراحة يعيشون ويواجهون لحظة فارقة وتحديات حقيقية وعميقة هى الأهم والأخطر فى تاريخهم. وبالتالى وبأى قراءة متأنية بات هذا الوضع العربى يحتاج إلى موجة حامية من الإصلاح الشامل وإعادة ترتيب البيت العربى من الداخل على الفور ودون تريث أو ترقب باعتبار أن مؤشرات التغيير الأمريكية باتت على مرأى العين وحتما ستقترب منا بشأن مقاربات بايدن القادمة للمنطقة عموما ونحن الجزء الأكبر منا، ناهيك عن سعار التهديدات والاستفزازات الإيرانية والتركية ضد عواصمنا وإقليمنا العربى لتغيير الخرائط بها عبر تمزيقها أو استباحتها بحدة الترويع أو العبث العسكرى فى بعض الاحيان .اضف اليها موجة الحرب المرتقبة والتى ربما تقع لا محالة بين إسرائيل وإيران بسبب الخطوات المتسارعة لبرنامجها النووى والاقتراب من امتلاك القنبلة النووية، وهذا ما لن تسمح به تل أبيب. وبالتالى لا مناص أمام العرب إلا التحرك بتجهيز الخطط والسيناريوهات الاستباقية للتعاطى مع كل تلك المشاهد اللاحقة للإقليم، وأولى الخطوات التى يجب أن تتبع الآن قبل الغد هو الشروع فى تقوية وتحصين البيت العربى الكبير ألا وهى الجامعة العربية، حيث لا سبيل امام الجميع قاطبين إلا تحصين وتقوية وتفعيل هذا الحصن العربى باعتباره يمثل الإطار الجامع ومركز ثقل الإرادات العربية الموحدة. ناهيك عن سرعة التخلى عن تلك الدعوات الهدامة المنفلتة من قبل البعض بتخريب وإنهاء دور الجامعة محملين اياها كل هذا الخلل والتراجع العربي، ناسين وغير واضعين فى الاعتبار أن الجامعة محصلة لمواقف وإرادات الدول العربية قاطبة، فضلا عن عدم توفير المدد المادى وتسديد حصص وأنصبة غالبية الدول العربية المالية لتنشيط ودفع دور الجامعة وإعطائها مساحة العمل والتوفيق والتغيير والإحلال والتجديد بشأن صلابة الأدوار العربية أكثر وأكثر. ثم تتأتى الخطوة الثانية اللاحقة والأهم أيضا بسرعة الاتفاق وإصدار القرار الجماعى بالتوافق والاختيار للتجديد لفترة ثانية قادمة للامين العام الحالى أحمد أبو الغيط0 وحسنا ان فعلت وتحركت الدولة المصرية وسارع الرئيس السيسى بمخاطبة أشقائه من القادة العرب عبر خطابات الترشيح مرة أخرى للسيد أبو الغيط، خاصة ان الرجل موضع توافق ومحل قبول وإشادة وإجادة من غالبية الدول العربية أن لم يكن جميعها، ولم لا، وهو ذلك الدبلوماسى المحترف صاحب الخبرة والتجارب والحضور العربى والدولى الثرى العريق والناجح لأكثر من 50 عاما فى مدرسة الدبلوماسية المصرية وصاحب القامة والادوار الكبرى فى رئاسة وفد مصر فى الأمم المتحدة ومعظم سفارات الغرب ومن انجح وزراء الخارجية لمصر0 ناهيك عن أن الرجل حافظ طيلة فترته الأولى فى الجامعة على تماسك تلك المنظمة العربية - الاقليمية وسعى لتعميق التلاقى والترابط العربى ولديه تجربة ناجحة فى تعميق العلاقات وسد الثغرات العربية بقدر الإمكان 0

حيث تولى العمل بجدية تامة وكان ومازال رجلا لا يعرف سوى العمل فى صمت وفى حزم صلب لايلين ومثابر لا يتعب، وبهذا المعنى مارس مسئولياته التنفيذية فى الجامعة بنجاح واقتدار لافت فى ظرف من اصعب فترات الجامعة والعرب معا. وهذا ما يجب البناء عليه فى الفترة القادمة بتطوير دور الجامعة بإرادة عربية من قبل الدول والقادة أولا، ومن ثم التجديد والتعاون بمروحة واسعة من الدعم مع أبو الغيط فى الفترة الثانية من اجل هندسة السياسة والمواقف العربية بحرفية اكثر فى مواجهة عواصف وأعاصير الشرق الأوسط القادمة وفى لحظات قادمة وفارقة لكل العرب.


لمزيد من مقالات أشرف العشرى

رابط دائم: