ما يفعله هذا الفنان يعد تجسيدا على أن صاحب الرسالة يستمر فى أدائها حتى مع التقدم فى العمر، وتبدل الزمان، واختلاف البشر.. وهو ما جعل سعيد بدوى فنانا تشكيليا من الزمن الجميل، زمن التأنى والصبر والحلم، وهو ما انعكس فى أعماله بوضوح.
وبدوى، الفنان التشكيلى المفتون بالكاريكاتير، سليل مؤسسة الأهرام الصحفية، استمر طوال عقود ما بين عمله فى أروقة المؤسسة الصحفية العريقة وبين استخدام ريشته فى التعبير عن هموم البسطاء، والسخرية من أحوال الدنيا. تفتحت موهبته فى الرسم مبكرا، وحقق حلم الالتحاق بكلية الفنون التطبيقية، وتخصص فى التصوير الميكانيكى والطباعة. وبعد التخرج، دخل مؤسسة الأهرام من بوابة قطاع المطابع ليتدرج فى مناصبها على مدى ٣٥ عامًا، حتى بلغ منصب مدير الطباعة والتجهيزات الفنية. وخلال سنواته بالأهرام، لم ينقطع عن عوالم الفنون، خاصة أنه التقى بين أروقة المؤسسة الشاعر وفنان الكاريكاتير صلاح جاهين، الذى تبناه فنيًّا، واختار له اسمه الفنى، ومنحه من خبراته الكثير، فتأثر بدوى بشعره، وإبداعاته، وانطلق بعدها فى عالم الكاريكاتير، ليحلق فى سماوات العديد من الإصدارات الصحفية، معبرًا عن نبض الشارع المصرى، وقضاياه المجتمعية، ومشكلاته وهمومه الحياتية، مثل: الغلاء، والتحرش، والفساد، وغيرها. كما تميز بدوى بلوحاته التشكيلية الجريئة، المعبرة بخطوطها الدقيقة، وشخوصها المتداخلة، التى جاءت أغلبها بالأبيض والأسود، مع تطعيمها ببعض الألوان الهادئة، متأثرًا فى ذلك بنزعته الكاريكاتيرية.
وطوال مسيرة فنية حافلة، شارك بدوى بأعماله الكاريكاتيرية والتشكيلية فى عدد من المعارض المحلية والعالمية، وحصد عددا من الجوائز، منها جائزة «التنين الفضى» من الصين. وبعد الإحالة على المعاش، شكل بدوى سلسلة ورش بالتعاون مع وزارة الثقافة ومعهد «جوتة» الثقافى الألمانى لتعليم الأطفال والشباب، أصول الرسم. ورغم اقترابه من سن الثمانين، أقام الفنان المخضرم معرضا يؤرخ لأهم المراحل فى مسيرته الفنية، سماه «فضفضة من ذهب».
المعرض الذى بدأ بقاعة «صلاح طاهر» بالأوبرا، يضم ١٥٠ لوحة من أجمل لوحات بدوى وأقربها إلى قلبه، منها ٣٥ لوحة أتمها خلال فترة العزل الأخيرة، مازجًا فيها، ما بين الفن التشكيلى والكاريكاتير.. وقد أهدى بدوى معرضه إلى روح أستاذه الكبير صلاح جاهين. وأتاح فى الوقت نفسه الفرصة أمام عدد من زملائه وتلاميذه للمشاركة بأعمالهم. ويقول بدوى عن تجربته الأخيرة: «هى نوع من الفضفضة حول واقع المجتمع الحاضر».
رابط دائم: