رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

غروب شمس ترامب

«اشنقوا مايك بنس».. هكذا كانت الهتافات داخل مبنى الكابيتول يوم ٦ يناير الأسود.. يبدو هذا الهتاف مثيرا للدهشة، فقد كان بنس دوما النائب المطيع وسار على خطى ترامب رافضا نتيجة الانتخابات ومكررا إدعاءات التزوير ومطالبا بالتحقيق.. خسر ترامب ٦٠ قضية فى جميع درجات المحاكم وفشل فى تحريض أعضاء المجمع الانتخابى لقلب النتيجة، وبدا للجميع ان الموضوع قد انتهى وان جميع الحيل قد استنفدت.. لكن المنهزم لم يستسلم وتفتق ذهنه عن فكرة ان يعترض نائبه - بمعاونة بعض الجمهوريين - على التصديق على النتيجة المعتمدة من المجمع الانتخابى ومن ثم تحدث أزمه دستورية يزكيها هو بمظاهرات احتجاجية .. لم يكن مايك بنس مستعدا لمجاراة رئيسه فى تلك الخطوة الأخيرة لخطورتها ولأنها مخالفة صريحة لدستور البلاد .. ومن هنا نشأ الخلاف.. وهكذا فى يوم الأربعاء الأسود خطب ترامب فى أتباعه طالبا منهم التدخل لوقف سرقة الانتخابات ومعربا عن غضبه من نائبه الضعيف ومذكرا إياهم انه لا يمكن استعادة البلاد بالضعف ومحرضا لهم على الذهاب لمبنى الكابيتول للاحتجاج (السلمي!!) .. انطلق المحتجون وعلقوا المشنقة فى ساحة الكابيتول وما تداولته التحقيقات لاحقا ان الرعاع لو كانوا قد دخلوا المبنى مبكرا بـ ٦٠ ثانية فقط لكانوا امسكوا بمايك بنس وبيلوسى رئيسة مجلس النواب الأمريكى وتغير وجه التاريخ..

تداعيات الزلزال نعلم بعضها، والبعض الآخر ستكشفه التحقيقات الجارية: خمس وفيات وعدد من الجرحي، تصويت أغلبية مجلس النواب الأمريكى على ضرورة محاكمة ترامب وعزله، محاولة ترامب التنصل من أعمال العنف وشجبه لها، استقالة أربعة وزراء احتجاجًا .. لكن لعل أهم التداعيات هو حظر تويتر لرسائل ترامب وحذا حذوها باقى وسائط التواصل .. أثار حجب تويتات ترامب (لديه ٨٨ مليون متابع) جدلا واسعا .. أليس من حق الرئيس ان يعبر عن أفكاره؟ .. أليس الاعتراض على نتيجة الانتخابات حرية تعبير؟ .. كيف تجرؤ شركة خاصة ان تحجب رسائل الرئيس الامريكى المنتخب؟ .. لماذا لم تقم وسائل التواصل بمثل هذا الدور الرقابى مع داعش أو غيرها؟ ..

تبدو تلك التساؤلات مشروعة .. فحرية التعبير قيمة مقدسة فى المجتمعات الغربية .. ولكن ينبغى ألا نخلط بين حرية التعبير وحرية التحريض، وان نفرق أيضا بين حرية الاعتراض وحرية الكذب الفواح..

من حق الرئيس انتقاد سياسات خصومه ولكن لا يحق له وصفهم بأنهم أعداء لله وللوطن .. من حقه الاسف على خسارته الانتخابات لكن لا يجوز له الكذب فى سرد الحقائق .. من حقه الطعن فى نتيجة الانتخابات ولكن لا يجوز له التشكيك فى نزاهة القضاة (وكثير منهم بالمناسبة من اختياره) .. من حقه ان يثير مخاوف الناخب من السن المتقدم لبايدن لكن ليس من حقه ان يتهمه بدون دليل انه رجل مخرف ينسى اسمه أحيانا .. ربما من حقه ان يكون له قواعد متطرفة ذات أفكار شاذة لكن ليس من المفترض ان يشجعهم علانية مثلما فعل مع جماعة كيو المجهول.. من حقه الاعتراض على ما تنشره الصحف ولكن ليس من حقه اتهام الصحافة أنها عدوة الشعب.. هذا الخطاب التحريضى العنصرى على مدار سنوات أفرز سموما يعانى منها المجتمع المنقسم على نفسه وسيظل يعانى لفترة طويلة قادمة.. وكان لا يمكن ترك رسائله الأخيرة بالتحريض على العنف وكذبه بتزوير الانتخابات تمضى بدون حظر..

تغرب الآن شمس ترامب ليرحل غير مأسوف عليه.. يجادل البعض ان حركته المسماة الترامبية ستستمر، ولكنى لا أتفق مع هذا الطرح..


لمزيد من مقالات أحمد حسين قنديل

رابط دائم: