لم يحدث أن كان لدى الإنسان العادى غير المتخصص فى أى وقت مضى مثل الاهتمام الراهن بالطب. حجم المعلومات الطبية التى تداولها الناس فى أنحاء العالم خلال العام الذى ينقضى غير مسبوق. وقل مثل ذلك عن معدلات الإطلاع على مطبوعات متخصصة فى قضايا الصحة.
وتركز هذا الاهتمام فى فرع كان مقصورًا على المتخصصين فيه، وقليل جدا غيرهم، وهو أمراض الأوبئة نتيجة الخوف المتزايد من فيروس كورونا الذى حمل ظهوره تهديدًا لحياة البشر.
فيروس كان مجهولاً حتى للعلماء المتخصصين فى علم الأوبئة. ولا تزال بعض أبعاده مجهولة حتى الآن، برغم كثرة الدراسات التى أُجريت عليه فى عدة أشهر. وربما يكون دقيقاً وصفه بأنه فيروس بلا بروتوكول، أى يصعب سبر أغواره، وتوقع التطور الذى يحدث فيه، ويكثر الخلاف بين العلماء والأطباء بشأن غير قليل من جوانبه. ولذلك تنامى الطلب الشعبى فى أنحاء العالم على أى معلومات تتعلق به عموماً، وعلى كيفية التعامل معه وقاية وعلاجًا بصفة خاصة.
وفضلاً عن المساحات الكبيرة التى شغلها موضوع الفيروس فى وسائل الإعلام التقليدية، وتحول أطباء وعلماء إلى نجوم فى هذا الإعلام، ومن ثم حصول العاملين فى مجال الطب والرعاية الصحية على بعض ما يستحقونه من حضور فى المجال العام، حفلت وسائل التواصل الاجتماعى بمعلومات طبية وإرشادات صحية كان التفاعل معها فى كثير من أوقات 2020 أكثر كثافة من غيرها.
وكثر التعارض والتضارب بين بعض هذه المعلومات، وكثرت الأخطاء فيها, على نحو وضع عددًا كبيرًا من المتفاعلين معها فى حيرة من أمرهم، خاصًة فيما يتعلق بوسائل الوقاية من الفيروس وأنواع الأغذية والمشروبات والفيتامينات والمعادن التى تُقوى جهاز المناعة لدى الإنسان، وكذلك أعراض الإصابة به وكيفية التحقق عند الاشتباه فى انتقاله إلى شخص أو آخر والخطوات التى يتعين اتباعها.
وهذا كله طبيعى فى ظل محدودية الثقافة الطبية فى مختلف المجتمعات، وضعف الاهتمام العام بوسائل الرعاية الصحية. وهذا أحد دروس جائحة كورونا التى ينبغى استيعابها، والإسراع بالبحث فى كيفية نشر الثقافة الطبية بطرق تجعلها فى متناول مختلف الفئات.
لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد رابط دائم: