بمناسبة تهديدات داعش الأخيرة، التى صارت تتكرّر فى نفس التوقيت، بشن عمليات إرهابية فى الدول الغربية تُفسِد عليهم احتفالات أعياد الميلاد، فهذا يطرح مجددا المعضلة التى لم تجد الدول الغربية حلا عمليا لها بعد، عن كيفية التعامل مع الإرهابيين بما يحقق الأمن لمجتمعاتهم من مخاطرهم، وهل يمكن، بالفعل، ألا تتعرقل الأهداف المرجوة بسبب الالتزام بكل شروط الحريات؟ لقد بزغت أصوات غربية، من خبراء أمن وسياسيين، فى بدايات تفاقم العمليات الإرهابية فى بلادهم، تقرّ، بكل أسف، بضروة التنازل عن قدر من الحريات التى تأتى فى التراتبية بعد حق الحياة وحق أمن المجتمع والأفراد..إلخ. وهذا، بالمناسبة، يُذكِّرك بأن بعض المنادين بحقوق الإنسان، فى مصر والخارج، يحبون أن يضعوا على قائمة مطالبهم إلغاء عقوبة الإعدام، التى يستفيد منها الإرهابيون قبل غيرهم، بحجة أن الإرهابيين يتساوون مع غيرهم فى أن حقهم فى الحياة مقدس! ولكن أصحاب الشعارات لا يبدون اهتماما بهدر حق الحياة لضحايا الإرهاب!
ثم إن بيانات الغرب الموجهة ضد مصر لا يُصدِرون مثيلا لها يُبدِى نفس الاهتمام بما يحدث فى جوانتنامو، وفى الأراضى الفلسطينية المحتلة، بل حتى عن قتل الإرهابيين فى موقع جريمتهم فى مدن الغرب، برغم كل إثباتات أنه كان يمكن إلقاء القبض عليهم سالمين! وأما تعليق بياناتهم على كل هذا ففى حدود الاكتفاء بتسجيل الموقف، بما ينفعهم فى أى مجادلات مستقبلية عن أنهم لا يستثنون أحدا.
تعيش مصر، منذ تحررها من استيلاء الإخوان على الحكم، ظروفا تاريخية معقدة تُزِيل فيها ركام قرون من هدر الحقوق، وأهمها حقوق حياة عشرات ملايين الأبرياء، والتعبير، وتشكيل الأحزاب، والعمل اللائق، والسكن الملائم، والعلاج، والبيئة الصحية، والتعليم المتطور..إلخ. ثم جاء الإرهابيون ليعرقلوا المضى قدما بفرضهم على الدولة والمجتمع أولوية الدفاع عن حق الحياة وأمن المواطنين! ولا مجادلة فى أنه يحدث، فى ظل هذه الظروف، أن يستغل بعض المسئولين صلاحياتهم فى اقتراف تجاوزات، وهذا ما لا يجوز السكوت عليه، وقد بدأت تتجلَّى للدولة مواقف إيجابية لردع المتجاوزين ومحاسبتهم.
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب رابط دائم: