رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

بالعمل الجماعى نتغلب على الأوبئة

استطاعت مصر تجاوز الموجة الأولى من وباء كورونا بأقل الأضرار مقارنة بدول أكثر تقدما, وأقل ازدحاما وتمتلك قدرات عالية. وبنظرة سريعة إلى ما واجهته دول عظمى من ضحايا وخسائر جراء تفشى الوباء فيها نستطيع أن نلمس نجاحنا الملحوظ الذى يمكن أن يتواصل ويزداد من أجل صحتنا وحياتنا ورخائنا.

فالإصابات تخطت حاجز الـ60 مليون إصابة على مستوى العالم والوفيات أكثر من مليون و400 ألف, بينما سجلت مصر منذ انتشار الجائحة حتى الآن 114 ألف إصابة وما يزيد على 6 آلاف و500 وفاة وهو أقل من عدد الإصابات فى كثير من الدول الكبرى فى يوم واحد مثل الولايات المتحدة ودول وغرب أوروبا وأمريكا الجنوبية وآسيا, وقد يعتقد البعض أن المناخ هو السبب فى انخفاض حالات الإصابة فى مصر, لكن تفشى الوباء فى دول حارة مثل الهند والبرازيل والمكسيك وغيرها يدحض هذا الاعتقاد, وما أعتقده هو أن هناك عوامل كثيرة تضافرت لنتجاوز الموجة الأولي, فقد بذلت القيادة المصرية مع الأجهزة المعنية جهدا كبيرا, وهو ما أثنى عليه الرئيس عبدالفتاح السيسى وهو يوجه كلمة قصيرة وشاملة عن كيفية إدارة المواجهة مع الوباء, وكيف يمكن أن نواجه الموجة الثانية التى تعانى منها دول عديدة كبرى, كما وجه عدة نصائح وقرارات مهمة فى سبيل تجاوز تلك الموجة, وفى مقدمتها الوعى الشعبى وأن نتجنب الأماكن المغلقة قدر الإمكان مع الحرص على التباعد الاجتماعى وممارسة الرياضة، وأن نتخذ كل التدابير الوقائية إلى جانب تعزيز الجهود الحكومية فى توفير الكمامات والأدوية والتعاقد على أمصال عالمية بالتوازى مع الجهد العلمى الذى قطعنا فيه شوطا لا بأس به لإنتاج مصل مصري, وتحفظ الرئيس عن كشف تلك الجهود حتى تكلل بالنجاح التام, وكان الرئيس واضحا للغاية وأعطى نموذجا وهو يقود غرفة العمليات الرئيسية خلال لقائه كبار المسئولين عن مواجهة الوباء, وكان واضحا التزام الرئيس والحضور بالتباعد ووضع الكمامات فى نموذج يحتذى للإجراءات الوقائية التى تجنبنا دفع أثمان باهظة فى حالة التقصير أو التجاهل, فالدعاء إلى الله الذى أنهى به الرئيس كلمته ليس تواكلا, وإنما توكُّل على الله مسبوق بالعمل العلمى والنظام والوقاية التى وصفها بأنها الأفضل من أى لقاح, فتجنب الإصابة أهم من العلاج, فهو الأقل كلفة فى الأرواح والاقتصاد, الذى نأمل كما قال الرئيس، ألا نضطر إلى الإضرار به كما حدث خلال الإغلاق الجزئى, الذى نفذناه عند ارتفاع الإصابة فى الفترة الماضية ويمكن أن نتجنبه بتدابير وقائية والتزام من جانب مختلف الجهات, وهناك حالة استعداد لمواجهة كل السيناريوهات.

إن إشادة الرئيس بالفريق المتابع لاحتواء الوباء والأطقم الطبية والتمريضية ستكون دافعا معنويا لكى تواصل جهودها وتكثفه خلال الفترة الحالية التى تفشى فيها الوباء فى العديد من الدول مع زيادة طفيفة فى عدد الإصابات فى مصر, لهذا كان التحرك المبكر والسريع والجاد من جانب الرئيس والأجهزة المعاونة والمعنية.

لكن الرئيس أكد أكثر من مرة رهانه على الشعب المصرى, الذى تحمل تلك الفترة العصيبة التى عانى منها العالم كله, وأن الإصلاحات الاقتصادية خففت من تبعات تلك الأزمة فى مصر واحتوتها بدرجة كبيرة, ويمكن أن نتجاوز الموجة الثانية بكلفة أقل بكثير فى حال التزامنا واتخاذنا كل التدابير التى تبدأ بالمواطن نفسه, الذى عليه مسئولية شخصية واجتماعية ووطنية, فصحته يجب أن تكون فى مقدمة أولوياته, وأن التهاون أوالسلبية يمكن أن يضره, وكذلك المحيطون به ومخالطوه من أفراد أسرته وزملائه فى العمل وكل من يتعاملون معه, فهذه المهمة الحرجة فى ظل تفشى موجة جديدة قبل بدء استخدام الأمصال على نطاق واسع تحتاج إلى جهد مشترك وجماعى كل حسب موقعه, وأن ننصح غير الملتزمين ونحيطهم علما بمخاطر التجاهل أو التكاسل.


الرئيس عبدالفتاح السيسي

إن لمصر تاريخا طويلا فى العمل الجماعى كونها أقدم دولة فى العالم, وأنها كانت تواجه الفيضانات والكوارث بشكل جماعي, فقد كنت أرى فى بلدتنا كيف يهب كل أفرادها لإطفاء حريق وأجدهم قد أخمدوه قبل وصول فرق المطافئ, وحكى لى الأكبر سنا كيف كانوا يواجهون الفيضانات وأى أزمة بشكل جماعى ليتمكنوا من تحجيم الخسائر والتغلب على أى مخاطر فى أسرع وقت, وقد كانوا يتشاركون فى بناء البيوت وجنى المحاصيل, فالعمل الجماعى يقلل التكلفة ويحقق إنجازا أكبر من الجهد الفردى, وعلينا أن نستعيد ذلك الإرث الطويل, ونؤكد أن سلامتنا هى بداية سلامة الآخرين, فالشخص المصاب يعرض غيره للخطر وإذا ما جعلناه يتخذ تدابير الوقاية ونسرع فى علاجه عند الإصابة, فإننا لا نحميه وحده, بل نحمى أنفسنا والآخرين.

وعلينا أن نتصدى لتلك السلوكيات الخطيرة, التى يتبناها البعض للأسف تهربا من المسئولية أو جهلا بها, وأن نكون يدا واحدة فى مجال التصدى لخطر جماعى لا يخص دولة وحدها, بل العالم كله الذى أصبح قرية صغيرة وينتقل فيها الوباء من مكان إلى آخر، لهذا لزاما على كل البلدان أن تتعاون وتتعامل مع الوباء بشكل جماعى وتتجنب المناكفات السياسية وتبادل الاتهامات والتشكيك, وأن تتعاون جميعها فى التصدى لمخاطر تواجه البشر جميعا بدءا من التغيرات المناخية والتلوث, وحتى تفشى الأوبئة والمجاعات, وأن تتجنب الحروب التى تهدر أموالا ضخمة يمكن استخدامها فى التغلب على الصعاب وإنقاذ الملايين من الفقر والجهل، وإسعاد البشر بدلا من المآسى التى تشغلنا عنها تلك السلوكيات العدوانية, وأن نعمل معا من أجل نشر السلام والإخاء والمثل العليا, وأن نحولها من شعارات إلى واقع ملموس.

لقد رافقت الرئيس فى العديد من الزيارات الخارجية والجولات الداخلية، وسمعت منه الكثير عن أهمية التعاون المجتمعى والدولى والتنمية المستدامة والمساعدات المتبادلة من أجل تحسين شروط ونمط الحياة, وهى بلا شك دعوات قابلة للتنفيذ ويمكنها أن تغير الكثير, إذا ما وضعناها نصب أعيننا وجعلناها سلوكا عاما ينشر الخير والمحبة والنماء بدلا من جلب الكوارث والحروب وتفشى الأوبئة، وأتمنى أن تكون مصر بفضل قيادتها وشعبها نموذجا يحتذى فى العمل الجاد من أجل الخير والرخاء للجميع.


لمزيد من مقالات بقلم ــ عـــلاء ثابت

رابط دائم: