رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

مسرحيات كوميدية فاشلة وظهور كشكش بيه

ظلت محاولات الكتابة الكوميدية تسير فى طريق متعثر كما يقول د. فؤاد الرشيدى فى كتابه «المسرح المصري» وذلك من أجل الوصول إلى إيجاد مؤلف مصرى قادر على تقديم ما يقدم على مسارح الغرب ولكن يتفق مع الذوق المصري. وكان من عادة الشيخ سلامة حجازى أنه فى ختام حفلاته يقدم فصلاً مضحكاً.. يقوم ببطولته محمد ناجى وأحمد فهيم الفار، وكان هذا الفصل لا يمت للفن بصلة ويلقى باللغة العامية ولا موضوع له وكل الهدف هو إضحاك الجماهير على غرار برنامج «ساعة لقلبك». وعندما قدم الشيخ سلامة حجازى مسرحية فكاهية كاملة وهى مسرحية «أبو الحسن المغفل» ظن جمهور المطرب الكبير أن هذه المسرحية من بطولته إلا أنه فوجيء بأن دور مطربه المفضل كان مجرد دور صغير ولكن الرغبة كما يقول فؤاد الرشيدى فى إسعاد الناس واضحاكهم كانت تسيطر على أصحاب الفرق المسرحية فى ذلك الوقت ولذلك حاول الشيخ سلامة أن يقدم لجمهوره فى ختام حفلاته مسرحية قصيرة ذات فصل واحد وأطلق عليها اسم «فارس» وكانت تصاغ بالزجل ويتخللها بعض الألحان مثل مسرحية «فتش عن المرأة» و «الفيلسوف» و «البخيل» و «من جاء بالليل». ولكن كان يتطلب هذا مجهوداً من حيث التأليف والإخراج فعدل عنه مكتفيا بختام الحفلة بفصل الضحك. وعندما قدم جورج أبيض مسرحيات قام باقتباسها محمد عثمان جلال عن موليير وذلك فى عام 1913 كان فشلها الكبير يؤدى إلى القضاء على الفرقة أيضا فترك جورج أبيض هذا النوع من المسرحيات نهائياً. وكرر عزيز عيد نفس التجربة على «مسرح بريتانيا» وعلى مسرح آخر فى مقهى «الشانزليزيه» بالفجالة حيث قدم مجموعة من المسرحيات الكوميدية والفودفيل فبادت بالفشل واضطر عزيز عيد إلى حل الفرقة. ويقول د. فؤاد الرشيدى إن جميع روايات هذه الفرقة من تعريب أمين صدقي. وضمت الفرقة مجموعة ضخمة من الممثلين على رأسهم نجيب الريحانى واستيفان روستى وحسن فايق، وكانت بطلة الفرقة السيدة روز اليوسف. وبالرغم من حماس عيد للمسرح الكوميدى لكن محاولاته كلها لم تلق إلا الفشل. وقد رأى البعض أن السبب فى ذلك أنه لم يجار الذوق المصرى وأنه اعتمد على مسرحيات مترجمة بدقة فى الوقت الذى لم يكن فيه الجمهور قد اعتاد على هذا النوع. وبعد فشل عزيز عيد وانفضت فرقته كان من بينهم كما ذكرنا نجيب الريحانى الذى وجد نفسه بلا عمل فعرض عليه صديقه استيفان روستى العمل معه فى مقهى لابيه «دى روز» وذلك بأن يقوم بدور خادم بربرى فى اسكتش خيال الظل على أن يتقاضى أجراً يومياًَ حوالى أربعين قرشاً. ووافق نجيب الريحانى تحت ضغط الحالة، ثم ما لبث أن ضاق من نوعية هذا العمل البسيط. وعرض الريحانى على صاحب المقهى أن يقدم فصلاً كوميدياً لن يكلفه شيئاً ولكن روزاتى لم يوافق على ذلك فى باديء الأمر إلا أنه تحت إلحاح نجيب الريحانى وافق. وبالطبع لم يكن روزاتى على استعداد أن يدفع أجراً لمؤلف فقام نجيب الريحانى بكل ما يحتاجه العمل وقام بكتابة موضوع عن عمدة من الريف باع محصول القطن وجاء إلى القاهرة جيوبه مليئة بالمال فتلتف حوله مجموعة من الحسناوات يلتهمن تلك الثروة فيعود إلى قريته نادماً. ورسم الريحانى لنفسه شخصية العمدة وأسماه «كشكش بيه» كما أطلق على قريته كفر البلاص واستعان بفرقة الراقصات الموجودة بالملهى حيث جعلها تقدم بعض المشاهد كما ضمن المسرحية الكثير من الألحان الفرنسية والعربية وسمى المسرحية «تعاليلى يا بطة» وأطلق على هذا النوع اسم «الفرانكو آراب» وهو نوع لا وجود له فى أى مسرح من مسارح العالم وقدم هذه المسرحية فى الاسبوع الأول من يوليو 1916. ويرى الدكتور على الراعى فى كتابه «فن الكوميديا من خيال الظل إلى نجيب الريحاني» أن الكوميديا عند نجيب الريحانى «كانت بدايتها شعبية صرفة استحدث وجودها من فصول الكوميديا المرتجلة التى عرفتها مسارح مصر ومقاهيها وأفراحها أوائل القرن، بالاضافة إلى هذا تمرس نجيب الريحانى خلال جولته مع فرقة الشامى بحياة الناس ولمس عن كتب أحوالهم وعاش عيشة الفقراء منهم، فعلمه هذا كيف يقترب من جمهوره بوسائل مختلفة منها ماهو قريب من الإسفاف وخاصة فى البداية كما لقنه الدرس الثمين الذى لم يعه زميله عزيز عيد وهو إذا كان من المقصود عرض مسرحية ما من أصل أجنبى على جمهور مصري، فمن الواجب أن يدخل فى الاعتبار ذوق هذا الجمهور وعاداته ووجدانه وإذن يكون التمصير لا الترجمة هو الاسلوب ويكون التصرف فى وقائع المسرحية بما يلائم الذوق المحلى أمراً لازما وليس عليه غبار». واستمر الريحانى يعمل على مسرح قهوة لابيه دى روز وقدم العديد من المسرحيات القصيرة التى لاقت إقبالاً كبيرا حتى وصل أجره إلى 27 جنيها ولكن فى نفس الوقت لم يستطع أن يتحمل كل هذا العمل من تأليف وتمثيل وإخراج وغيره فقام بتكليف أمين صدقى بمهمة الكتابة والتأليف. وكانت أول مسرحية قام أمين صدقى بكتابتها هى مسرحية «إديله جامد» وبعد ذلك كما يقول الدكتور على الراعى فى كتابه «توالت المسرحيات وأصبح صاحب المقهى يحصل على دخل يومى حوالى أربعين جنيها مما جعل الريحانى يطالب برفع راتبه من 27 إلى 30 جنيها ولكن الرجل رفض فتركه الريحاني». استطاع نجيب الريحانى أن يؤلف فرقته حيث استعان فيها بنخبة من أشهر الممثلين فى ذلك الوقت، وتولى أمر الكتابة له أمين صدقى حيث كان الاتفاق بينهما بأن يكتب أمين صدقى المسرحية ويتناول عنها أجراً ثابتاً. وبالفعل قام أمين صدقى بكتابة بعض المسرحيات التى قام نجيب الريحانى وفرقته بتقديمها على مسرح الإجيبسيانا بعماد الدين إلى أن كتب للفرقة بعنوان «حمار وحلاوة» فإذا بهذه المسرحية تلقى نجاحاً كبيراً وكسب الريحانى من ورائها الكثير، ويبدو أن هذا النجاح قد أثار طمع أمين صدقى فإذا بنجيب الريحانى يفاجأ بأمين صدقى يطلب منه أن يشاركه بنصف الإيراد بالنسبة للمسرحيات القادمة فيرفض نجيب الريحانى هذا العرض من مؤلفه فيتركه أمين صدقى.


لمزيد من مقالات مصطفى محرم

رابط دائم: