جمعتنا أم كلثوم يوماً على الفن الجميل والإبداع الراقى، وعشنا أجمل ذكرياتنا معها وكان زمن أم كلثوم هو أجمل أيام شبابنا، وكم حركت فينا شجوناً كثيرة وهى بيننا وبعد أن رحلت عنا..
• قرأت ما سطرته بعمودكم اليومى عن كوكب الشرق أم كلثوم، حيث ذكرتم أنك كنت وما زلت تستمع لأم كلثوم وكأنك فى محراب صلاة الفن الجميل.. وأنا أزيد على ما كتبتموه أننى لا أحب السماع لأم كلثوم فقط، ولكننى أعشق مشاهدة حفلاتها صوتاً وصورة، أحب أن أشاهد منديلها بيدها وحركاتها وإيماءاتها وإشارتها المتفق عليها مسبقاً لفرقتها الموسيقية لإعادة غناء الكوبليه بناء على رغبة جمهورها، أحب أن أشاهد ذلك الجمهور العظيم الذى كانت تضيق به صالة الغناء رغم اتساعها، ذلك الجمهور الذى مازلنا نطلق عليه (جمهور أم كلثوم)، أحب أن أشاهد أناقة الرجال والنساء من جمهورها وهم يرتدون أفخر الثياب من «بدل وفساتين سواريه» آخر شياكة، جمهور مؤدب مهذب حين تغنى ثومة ينصت مستمتعاً بشدوها وكأن على رؤوسه الطير، وكان اقصى ما يصدر منه هو التصفيق لها حين تقوم لتبدأ الغناء أو حين يريد منها أن تعيد أحد الكوبليهات أو التصفيق الشديد إعجاباً بجمال وعذوبة صوتها أحب أن أشاهد أعضاء فرقتها الموسيقية وهم يعزفون أحلى وأعذب الألحان التى سمعتها آذاننا ومازالت تطربنا، ولا عجب من ذلك، فتلك الألحان لملحنين كبار قل الزمان أن يجود بأمثالهم كالسنباطى وعبدالوهاب وبليغ وزكريا ومكاوى.. وغيرهم، أما عن كلمات أغانيها فحدث ولا حرج، فقد تغنت ثومة لفطاحل الشعراء، فمن منا يمل سماع (ولد الهدى) لشوقى، ومن منا لا يطرب لأطلال ناجى، ومن منا من لم يهفو قلبه لزيارة الحبيب نبينا الكريم (عليه الصلاة والسلام) وهى تشدو لنزار (القلب يعشق كل جميل) أو (إلى عرفات الله) لشوقى، ولقد جعلتنا نحلق فى السماء وهى تشدو (حديث الروح) للباكستانى محمد إقبال، وعندما يحل علينا أحد العيدين تطربنا بـ (ياليلة العيد أنستينا) لرامى.. وغيرها.
الخلاصة.. أن سر خلود أم كلثوم ليس صوتها فقط، فهى منظومة فنية غنائية مكتملة الأركان صوتاً وكلمات وألحاناً وجمهوراً وفرقة موسيقية.. يعنى مفيش غلطة.
د.حسام الدين أحمد سلطان
استشارى أمراض الباطنة
[email protected]لمزيد من مقالات فاروق جويدة رابط دائم: