رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

فى ذكرى طه حسين قضية «الانتحال» بحاجة إلى دراسات جديدة

نبيل فرج

وافق الأربعاء الثامن والعشرون من أكتوبر الماضى الذكرى السابعة والأربعين لرحيل طه حسين (1889-1973)، وعلى الرغم من أن الحديث عن طه حسين، كالحديث عن كل رواد النهضة الحديثة، الذين نقشوا أسماءهم فى سجل الخلود، ليس بحاجة إلى مناسبة لحضوره الدائم فى حياتنا، فإننا نعرض فى هذا المقال لإحدى القضايا الرئيسية التى أثارها فى أعماله ومنهجه، وهى قضية انتحال الشعر الجاهلى.

كان طه حسين أكثر كتاب جيله معايشة للتراث العربى القديم، وأكثرهم حرصا على إحيائه. وكتبه «فى الشعر الجاهلي» و«حديث الأربعاء»، و«تجديد ذكرى أبى العلاء» وغيرها، وما نشره من مقالات متفرقة فى الدوريات الصحفية، وما ألقى من محاضرات وأحاديث فى الإذاعة والقاعات العامة والأندية، تؤكد هذه الحقيقة التى لا يتناقض فيها الماضى التليد مع الحاضر الواعد.

وبفضل هذا التبحر فى التراث العربى، الذى يتجلى فى نثره، كان طه حسين يملك من الذوق والبصيرة والفطنة ما يستطيع أن يميز به ما هو أصيل من الشعر القديم وما هو مصنوع، أضافه إليه الرواة الذين كانوا يتفاوتون فى ملكة الإنشاء، وفى القدرة على النحل تحت تأثير التقاليد التى تحكم القبائل، دفاعا عنها وإعلاء لمآثرها.غير أنه كان يتجنب القطع بما يرى دون أدلة ثابتة أو قرائن ظاهرة يعتمد عليها، وعليها وحدها يبنى أحكامه الدقيقة عن الشكل والموضوع، ويقرأ فيها وهو مطمئن حكمة التاريخ والحضارة، التى تعبر عنها العلوم المختلفة، والفلسفات الأصيلة والوافدة، والفنون الجميلة.

شغلت طه حسين هذه القضية التى تعد من القضايا الجوهرية فى النقد بالنسبة لدارسى النصوص القديمة، وإن ثبت فى الستينيات الماضية أن ضرورة الأخذ بها فى أدبنا الحديث لا تقل عن ضرورتها بالنسبة للأدب القديم، ذلك أن ما وقع فى هذا العقد من تضمين أشعار واقعية منشورة لكمال نشأت فى ديوان الشاعر الرومانسى إبراهيم ناجى، يؤكد أن قيمة هذا العلم فى تحقيق النصوص المعاصرة، حتى لو كانت للمشاهير الذين نتغنى بهم، تماثل قيمته فى الترات القديم الذى بعد به العهد، وتعرض بفعل الزمن وصراع الطبقات والعصبيات لكثير من التحوير والحذف.

ويمكن القول بالبداهة إن اللجنة المشكلة لنشر هذا الديوان لو كانت تدرك ماهية وأساليب الرومانسية، وأن صفحتها انطوت من الشعر العربى منذ سنوات طويلة، بعد أن فقدت مبرر وجودها، لما تورطت هذا التورط الذى كان مثار سخرية الحركة الثقافية.

ولم يقتصر شك طه حسين على الشعر، وإنما شمل أيضا وجود الشعراء الذين كثرت وتضاربت حول شخصياتهم الأحاديث والروايات.

ومع هذا فلم ينل هذا العلم من البحث والتنقيب ما يتطلبه. وظل طه حسين وحده المرجع المعروف الذى لم يرتفع إليه أو يقترب منه أحد.

ولاشك أن الهجوم الشديد الذى تعرض له طه، وما صحبه من اتهامات بالسطو على المستشرق الانجليزى مرجليوث، وأدت هذا العلم فى مهده، قبل أن ينضج ويعطى ثماره، فلم نجد من المتخصصين فى الآداب، بعد طه حسين، من يعكف عليه، أو يعبأ به، رغم ارتباطه بالحياة المادية وازدهار الفكر، حين يعرض لشخصية المؤلف. وبيئته الاجتماعية، ولغته وثقافته وعصره، وهى الأنساق التى تحرك فى إطارها وأراد بها ــ كما أراد بدعوته للثورة والتجديدــ إعادة إنتاج الثقافة العربية فى بداوتها وتحضرها. وإذا كان طه حسين لم يصل فى كتابه إلى اليقين الكامل، فإن ما بذله فيه من الشك قد حرر عقول الدارسين من الخضوع المطلق للسلف، ومن عدم التمييز فيه بين الصحيح وغير الصحيح.

ولهذا فما أشد حاجتنا إلى من يحتفل بهذه القضية الأدبية، خاصة أنها شغلت النقاد العرب القدامى، دون أن تنال منهم ما هى جديرة به.

 

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق