فرقتنا الأقدار سنوات طويلة لم أعرف لها أرضا ولا مكاناً وإن بقيت ذكراها تزورنى أحيانا فقد بقيت لها عندى بعض الظلال وبعض المشاعر خاصة أننا افترقنا فى هدوء ولم يجرح أحدنا الآخر.. حين افترقنا قررنا أن نبقى أصدقاء دعوتها على الغداء فى مكان اعتدنا عليه سنوات لم نقل كلمة عتاب واحدة .. وإن قالت عيوننا كل شيء كان الحزن يسيطر علينا وأن حاولنا أن نبدى غير ذلك صافحتها وشعرت أن هذا أخر ما بقى بيننا.. مرت الأيام وكثيراً ما حاولت أن أعرف أخبارها ولكنها اختفت فى ظروف غامضة كنت أسأل نفسى هل سافرت هل هاجرت أم تزوجت واختارت رفيقا استغنت به عن الناس .. كانت ذكراها أحيانا تمثل عبئا ثقيلا على نفسى ولكننى فقدت الحيلة فى أن أعرف لها طريقاً كنت قد قضيت أياما بل شهورا معزولا عن الناس بسبب كورونا خوفاً وعجزاً .. لا أدرى أصابتنى نوبة شجاعة وقررت أن أخرج من سجنى وحملتنى قدماى إلى نفس المكان الذى اعتدنا أن نلتقى فيه.. حين دخلت كان المكان خاليا واخترت تلك المائدة التى التقينا فيها أخر مرة وطلبت طعامى وفجأة رأيتها تدخل المكان نظرت إلى من بعيد كان بجوارها شاب يصغرها ويصغرنى ابتسمت لها ولم ترد وتركت الطعام ومضيت كنت سعيداً أن الأقدار جمعتنا بعد هذا العمر وكنت أردد كل شيء بقضاء .. وأنا فى طريقى عائداً كانت صورتها وهى تبتسم للشاب الأنيق الذى يداعبها ويمسك بيديها تعيد إلى خيالى هذه الصورة ونحن نلتقى فى نفس المكان سنوات جمعتنا وسنوات فرقتنا وسنوات وأنا أبحث عنها وأخيراً نلتقى بلا كلام فى نفس المكان هل هو الحظ أم الأقدار أم النصيب أم هى كل هذه الأشياء من جمعنا ومن فرقنا ومن رتب لنا هذا اللقاء الأخير بلا كلام أو مصافحة أنها الأقدار .. كانت رحلة العمر قد مضت بنا دون أن يعرف أحدنا طريقاً للأخر ورغم أن الحياة كثيراً ما تضيق أمام البشر ألا أنها أحيانا تبخل عليهم بلقاء أو مجرد صدفة عابرة..
[email protected]لمزيد من مقالات فاروق جويدة رابط دائم: