رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الهدف تحقيق النصر وإعادة الأرض والكرامة..
6 سنوات متشابهة بين جيلين تثبت امتداد البطولات على أرض سيناء..
الحرب أظهرت التفوق الحضارى والقدرة العسكرية والإبداع الفكرى للمخطط المصرى

تقرير يكتبه ـ جميل عفيفى

سيظل السادس من أكتوبر عام 1973 يوما فارقا فى تاريخ وحاضر ومستقبل منطقة الشرق الأوسط، بل على مستوى العالم أجمع، فمعركة الكرامة لم تكن معركة عسكرية استعد لها الجيش المصرى أقوى استعداد ولكنها كانت معركة وجود، فإما أن تعود الأمور فى المنطقة إلى نصابها الصحيح، وإما كان الانهيار للمنطقة بالكامل، وبما أن الجيش المصرى كان مستوعبا هذه النقطة جيدا، فلم يترك ثغرة واحدة فى خطة القتال، والاستعداد الجيد لتلك المعركة المصيرية التى لا تقبل القسمة نهائيا، فلا يوجد إلا هدف واحد هوتحقيق نصر ساحق على قوات العدو، وهدم نظرية الأمن الإسرائيلى التى طالما تغنى بها قادتهم وإعادة الأرض والكرامة مرة أخرى، لتفرض مصر بعدها شروطها، وتتفاوض من مركز القوة على إعادة كل حبة تراب مصرية اغتصبت غدرا على يد القوات الإسرائيلية.

إن حرب أكتوبر المجيدة التى أعادت الأرض وأعادت لأذهان العالم أجمع، وليس إسرائيل فقط، القدرة والقوة المصرية، بل إنها أعادت التفوق الحضارى المصرى، كما أنها أثبتت للعالم أجمع أن ما تريده مصر هى قادرة على أن تفعله فى الوقت الذى تراه مناسبا لها، ولم تتوقف تلك المعركة العظيمة عند هذا الحد فقط إنما أعادت التوازن العسكرى فى المنطقة، ومنعت أى توسعات اسرائيلية فى اى أرض عربية، ومنذ تلك اللحظة تيقن العالم أجمع أن مصر وقواتها المسلحة هى الحامية والحافظة للأمن القومى العربى بمفهومه الشامل، كما أثبتت تلك المعركة أن تعاون الدول العربية فيما بينها والوقوف أمام قوة خارجية يحقق النصر بالطبع للدول العربية أيا كانت تلك القوى أوالداعمين لها، لذا فقد غيرت معركة الكرامة التوازنات فى القوى على المستوى العالمى بالكامل.

لقد كانت نكسة 1967 هى الحافز الحقيقى لخروج المارد المصرى من سكونه، فقد كانت الشرارة كى يظهر للعالم أجمع إبداع المخطط المصرى لمعركة الكرامة، وكيف سرح بفكره خارج أطر العسكرية من أجل مباغتة العدووضربه والانتصار عليه فى 6 ساعات فقط. فلم يكن يتخيل اعتى خبراء العالم فى العسكرية أن تعيد مصر قدرتها العسكرية مرة أخرى فى 6 سنوات فقط وأن تتغلب على كل الصعاب رغم نقص الامكانات، وفرض حظر لتصدير السلاح إلى مصر، وضغوط خارجية من أغلب دول العالم، وظروف اقتصادية صعبة كانت تعيشها مصر، إلا أن عزيمة الأبطال من أبناء القوات المسلحة على كافة الدرجات ورفضهم الهزيمة وتعاهدهم على تحقيق النصر والأخذ بالثأر، بل إعطاء دروس عالمية فى فنون القتال للجميع حتى أصبحت حرب أكتوبر تدرس فى معظم المعاهد العسكرية على مستوى العالم.

لقد بدء الإعداد لحرب أكتوبر بعد نكسة 67 مباشرة فلم يكن هناك وقت للراحة أوالتخاذل فالهدف الذى وضع هوالاستعداد لتلك المعركة من خلال إعادة بناء القوات المسلحة على أسس علمية سليمة، بالإضافة إلى الارتقاء بالمستوى التدريبى للمقاتلين، للوصول بهم إلى مرحلة الاحتراف، كل فى سلاحه وتخصصه، والبدء الفورى فى إعادة تأهيل المعدات الخاصة بالقوات المسلحة مع الاعتماد على المصانع الحربية ومنتجاتها للوصول إلى الاكتفاء الذاتى فى الذخيرة، مع تعيين قيادات عسكرية جديدة ذات خبرة وكفاءة فى كافة الأسلحة.

وفى نفس التوقيت بدأت قوات الصاعقة المصرية فى تنفيذ عمليات نوعية ضد العدوالإسرائيلى على طول خط المواجهة وفى العمق من أجل رفع الروح المعنوية للمقاتلين وطمأنة الشعب أن القوات المسلحة لن تستسلم وستعيد الأرض والكرامة مرة أخرى. فكانت البداية بمعركة رأس العش بعد «النكسة» بأسبوعين فقط، حيث استطاعت سرية من قوات الصاعقة بأسلحة خفيفة أن تدمر كتيبة مدرعات إسرائيلية، وتكبدها خسائر فادحة فى المعدات والأفراد، لتبدأ بعدها سلسلة من العمليات النوعية المستمرة خلف خطوط العدو، وعلى أرض سيناء، لتصل الرسالة واضحة جدا للداخل المصرى والخارج بأن مصر لن تسكت على حقها فى استعادة الأرض. وتزامن مع كل تلك العمليات الاستعداد الجيد والتدريب المستمر لباقى القوات. ثم جاءت بعد ذلك الضربة الموجعة للعدوالإسرائيلى عندما استطاع لنش صواريخ مصرى تدمير فخر البحار الإسرائيلية المدمرة إيلات فى أكتوبر 1968، حيث كانت تتباهى إسرائيل بتلك المدمرة، ويتغير بعد تلك العملية النوعية الفكر الإستراتيجى العسكرى فى المجال البحرى بعودة الاعتماد على القطع الحربية الصغيرة على حساب القطع الكبيرة.

ولما وجدت مصر سماءها أصبحت مهددة يوميا أمام الطائرات الإسرائيلية فكانت فكرة إنشاء القوة الرابعة ( الدفاع الجوي) لمواجهة طيران العدووبدأت على الفور فى بناء حائط الصواريخ ليكون السد المنيع لحماية الأجواء المصرية، وتم البناء فى ظل الغارات الإسرائيلية، وتم تنفيذ خطة تمويه على أعلى مستوى من أجل حماية الحائط ومنصات الصواريخ حتى لا يتم استهدافها من قبل القوات الإسرائيلية.

وجاءت حرب الاستنزاف لتكون بمثابة التمهيد لخوض مصر معركة الشرف والعزة واستطاعت القوات المسلحة خلال تلك الحرب ان تحقق نجاحات غير مسبوقة وتكبد العدوخسائر فادحة فى المعدات والأرواح. وخلال تلك المعركة كانت القيادة العامة للقوات المسلحة تضع اللمسات الأخيرة للحرب التى لن تتنازل عن النصر فيها وتحقيق الأهداف المطلوبة منها.

وعلى الجانب الآخر كانت إسرائيل قد انتهت من بناء خط بارليف الذى كان بطول القناة على الضفة الشرقية بارتفاع أكثر من 100 متر من السواتر الترابية، وإنشاء أكثر من 100نقطة حصينة، وتباهى قادة إسرائيل وقتها بالخط، لأنهم قالوا إنه لا يمكن تدميره إلا بواسطة قنبلة ذرية، ولا يمكن لاى قوة فى العالم ان تقتحمه، إلا أن المخطط المصرى، كان قد وضع خطته كاملة بعبور المانع المائى، واقتحام خط بارليف المنيع بواسطة مضخات المياه.

وجاءت الساعة الثانية ظهرا من يوم السادس من أكتوبر عام 1973 لتقلع 220 طائرة مقاتلة مصرية من جميع القواعد الجوية المصرية لتضرب خطوط العدوالأمامية، مع تمهيد نيرانى من المدفعية المصرية بطول خط القناة عرف بأنه الأعنف فى التاريخ العسكرى وحتى الآن، لتبدأ موجات العبور الأولى من المقاتلين فى المراكب المطاطية ليصل عددهم إلى 100 ألف مقاتل وفى نفس الوقت كانت عناصر المهندسين العسكريين قد بدأت فى إنزال الساتر الترابى بواسطة خراطيم المياه، وإنشاء رءوس جسور لعبور المدرعات والعربات الثقيلة والمدفعية إلى شرق القناة، وفى نفس وقت عمليات القتال بدأت على الفور عناصر القوات البحرية المتواجدة فى البحر الأحمر فى غلق باب المندب أمام الملاحة وتنفيذ حق الزيارة والتفتيش للسفن حتى لا يصل السلاح والإمدادات إلى الجانب الإسرائيلى.

وكان للإغلاق الأثر الكبير فى عمليات القتال والتفاوض فيما بعد وكذا ايضا فى البحر المتوسط. كانت سيمفونية الكل يعرف ماذا سيفعل فى الوقت المناسب ونفذت على أعلى درجة من الكفاءة لتحقق مصر بها نصرا أذهلت به العالم، وأعادت به الأرض والكرامة وأنهت أسطورة الجيش الذى لا يقهر نهائيا، لتبدأ بعدها فصول جديدة من محاولات تفكيك الوطن العربى.

مع انتهاء المعركة وتحقيق النصر انتبه العالم إلى منطقة الشرق الأوسط وإلى تحالف الدول العربية الذى كان تأثيره مباشرا على الدول الغربية الكبرى المتحالفة مع إسرائيل، وبعد قرار المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة بمنع تصدير النفط للدول الداعمة لإسرائيل فى الحرب وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية.

وبدأت المؤامرات على الأمة العربية بوضع خطط طويلة الأمد من أجل تفتيت هذا التكتل، والبداية كانت مع دعم غربى كبير للثورة الإيرانية حتى تكون إيران الجديدة بمذهبها الشيعى منافسا للدول العربية، وتأخذ إيران على عاتقها عمليات المد الشيعى، ثم بعدها فى عام 1981 تم خلق صراع عسكرى بين إيران والعراق فيما عرف بحرب الخليج الأولى واستمرت 7 سنوات لم تحقق فيها أى دولة النصر، وكانت استنزاف مباشرا للجيش العراقى الذى كان يعد من أقوى الجيوش العربية وقتها، ثم بعدها وبالتحديد فى شهر أغسطس من عام 1990 وضعت خطة لخداع صدام حسين الرئيس العراقى ودفعه لاحتلال دولة الكويت، لتكون تلك البداية لدخول القوات الغربية الأمريكية بالذات إلى الخليج العربى وإنشاء قواعد عسكرية بها وتوقيع اتفاقيات أمنية مشتركة. وكان الهدف الأول والأخير هوالسيطرة على البترول الخليجى وعدم السماح بقطع الإمدادات مرة أخرى.

واستغلت الولايات المتحدة العملية الإرهابية على برجى التجارة فى عام 2001 لتقوم بتنفيذ أطول حرب استنزافية على العراق تم خلالها تدمير البنية التحتية بالكامل ثم قامت باحتلال العراق فى عام 2003 بحجة انها تمتلك سلاحا نوويا وكيماويا يهدد المصالح الأمريكية، وتقوم بحل الجيش العراقى، وعندما فشلت الولايات المتحدة عسكريا، وضعت خطتها بتفتيت الدول من الداخل وإشعال الصراع الداخلى فى دول المنطقة فيما يعرف بثورات الربيع العربى، وكان الهدف تدمير الجيوش العربية، من خلال الصراع الداخلى، وكان الهدف الجيش المصرى بالطبع، لذا أسهموا فى وصول جماعة الإخوان الإرهابية إلى الحكم من أجل تغيير عقيدة الجيش المصرى، وإيقاع الفتنة بينه وبين الشعب، وبعد إزاحة الجماعة الإرهابية من حكم البلاد تم زرع الإرهاب فى سيناء للدخول فى صراع مع الجيش المصرى، متوهمين أن بعض المرتزقة قادرون على هزيمة جيش مصر، إلا أن امتداد جيل أكتوبر من رجال القوات المسلحة قدموا أروع الملاحم العسكرية على أرض سيناء وارتوت أرض سيناء بدماء طاهرة لتختلط بدماء جيل أكتوبر من اجل تحرير نفس الأرض من المحتل والإرهاب.

ومع مرور 47 عاما على نصر أكتوبر المجيد تبقى القوات المسلحة من جيل إلى جيل تسلم راية العزة والكرامة والنصر، قوية ثابتة متماسكة حامية للدولة المصرية ومحافظا عليها، بل إنها محافظة على تماسك الدول العربية، والحامية الأولى للأمن القومى العربى، وهذا ما يؤكده دائما الرئيس عبدالفتاح السيسى لذا فقد وضع إستراتيجية جديدة للقوات المسلحة من حيث امتلاك احدث ما توصل إليه العلم الحديث فى مجال التسليح، والاتجاه بالفكر الإستراتيجى إلى إنشاء القواعد العسكرية فى الشمال والجنوب، مع الاهتمام بالفرد المقاتل وتدريبه على اعلى مستوى ليكون مستعدا دوما لحماية الأراضى المصرية. إن ما حدث خلال 6 سنوات من إعادة بناء القوات المسلحة من نكسة 67 وحتى نصر أكتوبر 73 لا يقل عنه أهمية ما حدث خلال 6 سنوات أيضا من 2014 حتى الآن.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق