رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

هل سيكون ترامب الخيار الأسلم للأمريكيين؟

بعد تصريحه المفاجئ، قبل أسابيع، أنه لن يخسر الانتخابات إلا إذا كانت مزورة، آثار ترامب، الأسبوع الماضي، موجة غضب عارمة، عندما أشار إلى أنه قد لا يقبل بنتائج انتخابات 3 نوفمبر المقبل إذا تعرض للهزيمة، ما يعنى ان أمريكا مقبلة على واحدة من أشد انتخاباتها الرئاسية تعقيدا، ليس فقط لطبيعة النظام الانتخابى الأمريكى الفريد من نوعه، ولا بسبب طبيعة المرشحين الانتخابيين ـ أحدهما متهور والآخر لا يمتلك الكاريزما التى يجب ان تتوافر فى الرئيس الأمريكى ولكن أيضا بسبب الظروف الداخلية الاستثنائية المحيطة بهذه الانتخابات، وبسبب التشكيك والرفض المسبق لنتائجها. منذ فترة ولهجة ترامب لا تخلو من التشكيك فى نزاهة الانتخابات، خاصة ـ ان التدابير التى فرضتها الحالة الوبائية فى أمريكا ستزيد من عمليات التصويت عبر البريد. المعروف أن الديمقراطيين سيصوتون عبر البريد أكثر من الجمهوريين، لهذا السبب يحاول ترامب التأثير فى مستوى الثقة ونزاهة إدارة الانتخابات، ويسعى الى إثارة الشكوك بشأن النتيجة. ويردد ترامب، فى مناسبات مختلفة، أن الديمقراطيين سيستولون على عشرات الملايين من بطاقات الاقتراع المرسلة بالبريد لتزوير نتائج التصويت .وقد ذهب ابعد من ذلك عندما صرح قبل أيام بأن أوراق الاقتراع خارجة عن السيطرة، معتبرا ان التخلص من هذه البطاقات سيجعل الأمر سلميا جدا وبعدها لن يحصل انتقال للسلطة بل فقط مجرد الاستمرارية. لغة التشكيك والتهديد هى اللغة التى يتقنها ترامب جيدا. وقد سبق أن هدد قيادات الحزب الجمهوري، بإقامة احتجاجات وتظاهرات فى حال عدم ترشيحه لمنصب الرئيس فى أثناء الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهورى فى 2016. وشكك فى قيادات الحزب الجمهورى التى لم تصوت لمصلحته. ورفض الالتزام بقبول نتائج الانتخابات ضد المرشحة الديمقراطية هيلارى كلينتون، قبل ان يتم إعلانه فى النهاية فائزا، على الرغم من خسارته فى التصويت الشعبى بمقدار ثلاثة ملايين صوت، وهى النتيجة التى لا يزال يساءل عنها لليوم. ترامب لا يسعى فقط للتشكيك المسبق فى نتائج الانتخابات، لكن يعمل، أيضا، على تضليل المؤشرات التى تؤكد أنه اذا استمر الوضع كما هو عليه الآن من دون حصول مفاجآت اخر لحظة، التى يمكن ان تقلب موازين الأمور وتؤثر فى الناخب الأمريكى القادر على تغيير رأيه بين عشية وضحاها، فإن منافسه جو بايدن، هو الأقرب لولوج البيت الأبيض. فقد أدى الإخفاق فى السياسة الخارجية وتراجع دور ومكانة الولايات المتحدة عالميا لمصلحة منافسيها الاستراتيجيين (روسيا والصين)، بالإضافة الى اخفاق إدارة ترامب فى معالجة العديد من الأزمات ومنها أزمة التظاهرات والاحتجاجات التى شهدها العديد من الولايات الأمريكية عقب مقتل جورج فلويد، فى مايو الماضي، وقبلها أزمة كوفيد-19 وما خلفته من ركود اقتصادى وارتفاع نسبة البطالة، كل ذلك أدى الى حسم نتائج الانتخابات منذ فترة. الحقيقة ان سجل الانتخابات الامريكية مليء بالضغوطات والتعقيدات. وقد شهدت امريكا فى مراحل مختلفة،منافسة قوية وأعمال عنف وتشكيكا فى النتائج. فى عام 1912 أصيب المرشح، تيدى روزفلت بطلق نارى فى صدره بينما كان يلقى خطابا فى ولاية ويسكونسن. وفى عام 1968 اغتيل روبرت كيندى أحد أبرز المرشحين. وفى عام 2000 رفع الديمقراطى آل جور دعوى فى المحكمة العليا للمطالبة بإعادة فرز الملايين من بطاقات الاقتراع المخرمة التى ثبت أنها تسببت بخطأ فى الأصوات، وقضت المحكمة بعدم إعادة فرز الأصوات، ما أدى إلى فوز جورج بوش الابن. فى كل الانتخابات الرئاسية تقريبا استطاعت أمريكا أن تتجاوز الصعوبات والتحديات، وكان الامر ينتهي، فى كل مرة،بأن يعبر المرشح الخاسر عن خسارته التى تعنى ضمنيا قبول النتيجة. لكن، فى ظل تصريحات ترامب، يبدو ان الوضع لن يكون مماثلا فى الانتخابات المقبلة. سيكون الأمر بصعوبة لم تعهدها امريكا من قبل، وربما ستدخل البلاد فى منطقة رمادية إذا رفض ترامب، فعلا، قبول نتيجة الانتخابات وتسليم السلطة. نقطة الضوء ان تشكيك ترامب المتكرر وبشكل علنى فى نتائج الانتخابات سوف يزيد من إجراءات مراقبتها، ما يعنى صعوبة القيام بتزوير او أى أمور يمكن ان تسيء للمشهد الديمقراطى الأمريكي.ومع ذلك سيبقى هناك تخوف آخر من نتائج التصويت فى المجمع الانتخابي. اذا تمكن بايدن من الفوز بالتصويت الشعبى المباشر، وانتزع ترامب الفوز فى المجمع الانتخابي، الذى سبق أن حسم النتيجة فى 2000 لمصلحة بوش الابن، وفى 2016 لمصلحة ترامب، فإن تكرار ذات السيناريو، سيعرض أمريكا لموجة احتجاجات يقودها الديمقراطيون، هذه المرة، وربما تنزلق الأمور الى الفوضى والعنف. مع كل هذه السيناريوهات هل سيكون أسلم خيار للأمريكيين هو فوز ترامب!


لمزيد من مقالات ◀ وفاء صندى

رابط دائم: