بغض النظر عن حقيقة أسباب وقوع حادث ميناء بيروت، فان هذه الكارثة غير المسبوقة عربيا يمكن استخلاص العديد من الدروس والعبر منها لعل أهمها ضرورة تبنى الحكومات العربية أسلوب إدارة المخاطر والحوكمة فى جميع الوزارات والمصالح العامة، حيث تتزايد المخاطر التى تهدد امن وأمان المجتمعات بسبب تعقد بيئة الاقتصاد من ناحية وتعاظم حركة التجارة العالمية من ناحية أخرى وتداخل مساراتها إلى حد كبير. أيضا فإن الحادث يفتح ملف تداول وتجارة منتجات البتروكيماويات التى باتت تدخل فى كثير من الصناعات بما تحمله من مخاطر عديدة بسبب الاستخدام المزدوج لبعضها فى الأعمال السلمية وغير السلمية، ولذا أصبح من الضرورى وضع إطار حاكم لكل هذه التعاملات يحدد ليس فقط حجم الكميات المسموح بتداولها فى المرة الواحدة وإنما شروط التخزين واحتياطات السلامة وسبل التأمين خاصة أن بعضها مثل مادة التنر المستخدمة فى صناعات الدهانات على سبيل المثال غير مستقرة كيميائيا ومن السهل اشتعالها لمجرد ارتفاع درجات الحرارة أو انعكاس الضوء على حاوياتها. ومن الدروس المهمة أيضا ضرورة التنبه لمخاطر وجود الموانى التجارية والمناطق الصناعية وسط العمران خاصة المتخصصة فى تصنيع منتجات قابلة للاشتعال، لما يمثله ذلك من مخاطر وقوع حوادث لا يحمد عقباها وخسائر اقتصادية قدرت فى حادث بيروت بنحو 15 مليار دولار، وفى حالة ميناء تيانجين الصينى الذى تعرض لحادث مشابه عام 2015 بنحو 3 تريليونات دولار. أخيرا نأمل ان تتبنى مصر مع السعودية والإمارات اقتراح إنشاء صندوق إنمائى عربى لمساعدة دول المنطقة عند وقوع أزمات أو كوارث طبيعية، ويكون خطوة مهمة فى مسيرة التكامل الاقتصادى المنشود.
لمزيد من مقالات أحمدصابرين رابط دائم: