رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الروح أولا وأخيرا!

الروح هى تقريبا من أهم الموضوعات التى لابد أن نشغل أنفسنا بالتبحر فيها خاصة فى هذا الزمان الصعب الذى تطغى عليه الصراعات ويمتلئ بكل انواع الطمع والتصور بأن الحياة التى نعيشها هى نهاية المطاف. واذا كانت حياتنا الارضية ستنتهى حتما ببقاء أرواحنا، فأليس اذن من المهم ان نهتم بها أكثر من اهتمامنا بحياتنا الارضية الفانية. وقد أكدت الديانات السماوية الثلاث ومعها مئات المعتقدات والعقائد ان الانسان هو فى الاساس روح لا تموت لانها ببساطة نفخة من روح الله عز وجل.و القرآن الكريم يفيض بالآيات التى تتحدث عن الروح فى خلودها مثل قوله تعالى «ولا تقولوا لمن يقتل فى سبيل الله أموات بل أحياءً ولكن لا تشعرون» «البقرة 154».

والاهتمام بالدراسات الروحية فى مصر كان مزدهرا خلال النصف الاول من القرن العشرين. وكان لدينا مجلات دورية وجمعيات للدراسات الروحية أسسها وشارك فيها مثقفون كبار وحتى شيوخ من الازهر الشريف. ويعتبر د. السيد نصار رئيس الجمعية المصرية للدراسات الروحية التى اسسها بالاشتراك مع وزير الثقافة الاسطورى الاسبق ثروت عكاشة، هو أهم من يحملون لواء الاهتمام بعالم الروح الآن. وقد اعطى عمره بأكمله «اطال الله فى عمره فهو فى الخامسة والتسعين الآن» لهذه العلوم فأصدر فيها 13 كتابا ما بين مؤلف ومترجم، وكلها كتب ثرية ومهمة تستحق التقدير والدراسة. بالاضافة الى اللقاء الاسبوعى بالجمعية منذ سنوات طويلة الذى يحرص عليه حتى الان. ويقول فى كتابه نور من السماء: الهدف الأول للروحية هو إثبات استمرار الحياة لشخصية الإنسان بعد الوفاة، وليس معنى الوفاة الفناء، ولكنها انتقال من عالم الأرض إلى عالم الروح أو قل هى ولادة جديدة و بوابة تفضى إلى الحياة الأبدية. الروح هى الشعاع الإلهي، هى النور، هى الطاقة، هى الحياة. الروح تصعد إلى بارئها إلى المكان الذى تستحقه فى العالم الآخر. وقد اتفق الروحيون على سبعة مبادئ هي:الإيمان بالله و بأنه خالق الكون، الإنسان أخ للإنسان، مملكة الأرواح، البقاء الدائم لروح الإنسان، المسئولية الشخصية، الثواب والعقاب لكل الأعمال الطيبة والسيئة التى تمت على الأرض، التقدم والرقى و التطور الأبدى لكل روح ونفس إنسانية. فكل روح تتجسد على الأرض لها دور و لها رسالة و لها تجارب لابد من أن تمر بها ثم تنتقل الى عالم الروح لكى تستكمل طريقها فى الارتقاء. إن من سبقونا إلى عالم الروح لهم عالمهم وهو البرزخ حيث يكونون فى حالة زاخرة بالنور والسلام. ويشعر الكثير منا بأحبائهم فى عالم الروح وان تلك أصحاب الارواح هم أحياء عند ربهم يرزقون وسبقونـا الى هناك. او كما تقول الاية الكريمة عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا، إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً «الجن 27». والاهتمام بعالم الروح موجود عند عدد كبير من اهم المفكرين الغربيين والعرب. ومنهم فيثاغورث وافلاطون وارسطو وغيرهم. ومن كبار علماء العرب ابن رشد الذى يقول اٍن النفس غير فانية كما دلّت الدلائل العقلية والشرعية.ثم أقام البراهين على خلود الروح فى كتابه الكشف عن مناهج الأدلة فى عقائد الملّة. وفيه يبين أن الانسان لم يخلق عبثاً وإنما كيما يدرك الكمال فى العلم والفضيلة، وليس إدراك ذلك ممكناً فى هذه الحياة الدنيا لأنها عابرة. فلا مفر عن التسليم بوجود حياة أخرى تعود إليها النفس وهذا أول دليل على خلود الإنسان. وهناك ابن القيم الذى بين فى كتابه الروح كيف أن الأرواح قسمان: أرواح معذّبة وأرواح منعمة، وأن الروح مخالفة بالماهية لهذا الجسم المحسوس، وذات جسم نورانى علوى خفيف متحرك ينفذ فى جوهر الأعضاء ويسرى فيها سريان الماء فى الورد. وابن خلدون الذى يتحدث فى مؤلفه تاريخ العالم الذى أصبح يعرف فيما بعد بمقدمة ابن خلدون ويقول بأن الروح تؤثر فى الجسم المادى كما تتولد الحرارة بالضحك أو الحزن. ويشير إلى اتحاد الروح بالشيء المادى وكيف تتجلى فيه الطبائع السماوية العليا والطبائع الدنيوية السفلي.وهناك الإمـام الأصفهـانى الذى تحدث عن الخلود قائلاً إن الموت المتعارف الذى هو مفارقة الروح للبدن هو أحد الأسباب الموصلة للإنسان إلى النعيم الأبدى، وهو انتقال من دار إلى دار، فهو وإن كان فى الظاهر فناء واضمحلال فهو فى الحقيقة ولادة ثانية. فالموت أى مفارقة الهيكل إذن ضرورى فى كمال الإنسانية، ولكون الموت سبباً فى الانتقال من حال أوضع إلى حال أشرف وأرفع سمّاه الله تعالى توفياً وإمساكاً عنده.


لمزيد من مقالات د. أحمد عاطف درة

رابط دائم: