تسقط الفاشية ويعدم موسولينى بانتصار الحلفاء على محور النازى الألمانى والفاشيست الإيطالى فى أبريل 1945. ويبقى الأثر الأخير للدوتشى موسولينى، القائد الإيطالى الكبير والفاشية الإيطالية، وهو عبارة عن جدارية رخامية تتصدر واجهة «البيت الإيطالى» أو «كازا دى إيتالى» ببورسعيد.
تغادر الجالية الايطالية مدينة بورسعيد، بعد حرب 1956 برفقة الإنجليز والفرنسيين، وتبقى كنائسهم واملاكهم ومبنى القنصلية الإيطالية المشهور الكائن فى مواجهة الكاتدرائية بتقاطع صلاح سالم و23 يوليو دليلا على الأثر التاريخى للجالية الإيطالية التى اتخذت من بورسعيد وطنا. ويرجع تاريخ الحضور الإيطالى فى بورسعيد إلى نهايات القرن التاسع عشر، حيث ترجح الوثائق أنهم أسهموا فى مشروعات مختلفة، مثل حفر «قناة السويس» وتحويل «بورسعيد»إلى ميناء عالمى ومدينة ذات سمات أوروبية. دام وجود الجالية الإيطالية فى بورسعيد، طوال نحو تسعة عقود، كانوا خلالها الجالية الأكثر عددا وعطاء بين الجاليات الأوروبية بالمدينة الصغيرة.
ويمثل «البيت الإيطالى» أو المركز الثقافى الايطالى ببورسعيد، الواقع خلف حديقة التاريخ بتقاطع شارعى ممفيس وفلسطين بالقرب من المجرى الملاحى لقناة السويس ورصيف «ديليسبس» السياحى، موطنا لأجمل الذكريات لدى أهالى بورسعيد.
ففى العقود الأولى للقرن الماضى، ضمت جنباته دارا للعرض السينمائى ومسرحا أنيقا ومكتبة عالمية كانت هدفا للمثقفين والفنانين من أبناء بورسعيد حتى منتصف الستينيات. ولكن عقب نكسة 1967، أغلق «البيت الإيطالى» أبوابه. ثم عاد وفتحها على أيدى محافظ بورسعيد الراحل سامى خضير والسفارة الإيطالية بالقاهرة، فى عام 1987. أثار عودة نشاط «البيت الإيطالى» فرحة أهالى بورسعيد، ولكن الفرحة لم تدم، إذ تم إغلاقه ومازال مغلقا.
وعن تاريخ المبنى، يقول المهندس مسعد سليمان، مهندس سابق بمحافظة بورسعيد، ومتخصص فى التوثيق والتأريخ المعمارى، أن البيت الإيطالى ببورسعيد أنشئ عام 1935، خلال أيام الحرب العالمية الثانية، ليكون مقرا للحاكم الإيطالى فى مصر ظنا من الإيطاليين أن النصر سيكون حليف إيطاليا وألمانيا. وبعد انتهاء الحرب بهزيمة إيطاليا تحول الجانب الأيمن منه الى المكتبة الأمريكية فى فترة الستينيات، وتحول الجانب الأيسر الى سينما «رويال». ولا تزال آثار تثبيت المقاعد الخاصة بها موجودة إلى الآن، يمكن رؤيتها عبر الزجاج المهشم للنوافذ.
ويقع «البيت الإيطالى» خلف «حديقة التاريخ» حاليا ويتصدر واجهته اللوحة الوحيدة فى العالم التى مازالت تتحدث عن الحزب الفاشى فى ايطاليا وعن الفاشية وزعيمها بينيتو موسولينى.
ويضيف سليمان أن «البيت الإيطالى» من تصميم المهندس الإيطالى كليمنتى بوزيريس، المولود عام 1887 والمتوفى فى 1965. وكان تعداد الجالية الإيطالية فى وقت تشييده منتصف الثلاثينيات، كبيرا بالمقارنة بالجالية الفرنسية ببورسعيد. فقد وصل تعداد الجالية الإيطالية إلى 30 ألف شخص، بينما الفرنسية تراوحت ما بين 12 و14 ألفا.
وعند تدهور الأسهم الإيطالية دوليا خلال سنوات الحرب العالمية، استولت القوات البريطانية على « البيت الإيطالى»، كما استولت على الكثير من المنشآت التى حولتها لأغراض عسكرية ومستشفيات خاصة بجنود الحلفاء. وتحول فى تلك الفترة إلى «نادى بريطانيا».
ورغم استعادة السفارة الإيطالية لأملاكها التى صادرها البريطانيون والفرنسيون عقب الحرب العالمية الثانية، ومن بينها «البيت الإيطالى»، إلا أنه شهد فترة ازدهار قصيرة الأمد، أعقبها فترة ركود وإهمال ممتدة حتى الآن. وذلك رغم استمرار دعوة مثقفى بورسعيد لإعادة فتح «البيت الإيطالى»، واستئناف دوره الاشعاعى لنشر الثقافة الإيطالية واستعادة أجمل ذكريات «كازا دى إيتالى» .

الجدارية التى تحكى قصة موسولينى
رابط دائم: