رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«مقتل الكومنداتور».. من حياة هادئة إلى دوامة أسرار جارفة

رانيا عبدالعاطى

هل يمكن لحدث واحد أن يعيد تشكيل حياتنا مرة أخرى؟ كيف يمكن أن نجد  أنفسنا مدفوعين نحو مسارات مختلفة عن ذلك الخط الذى قمنا برسمه لحياتنا فتسحبنا التغييرات إلى الغوص بدوامات غامضة لم نكن لنجرؤ على الاقتراب منها وتقودنا إلى مصير مختلف أو ربما نجد أنفسنا قد عدنا إلى نفس الطريق ! ترى ما الذى يمكن أن يحدث إذا ما أعدنا النظر لتلك الأحداث مرة أخرى وكيف يمكن أن نراها؟

«عند النظر إلى الخلف بعد مرور الوقت تبدو حياتنا بالغة الغرابة والعجب وحافلة بأحداث تكاد لا تصدق، تتطور بأشكال عصية حتى على التخيل إلا إنها حين تقع فى الحاضر لا نجد فيها ما هو غريب أو عجيب مهما أمعنا النظر فى كل  جوانبها».. هكذا يقول لنا الكاتب اليابانى هاروكى موراكامى، أحد أبرز الكتاب العالميين المعاصرين والمرشح الدائم لجائزة نوبل  فى روايته «مقتل الكومنداتور» التى ترجمتها للعربية ميسرة عفيفى وصدرت عن دار الآداب مطلع هذا العام. صدرت الرواية فى طبعتها اليابانية والانجليزية فى جزءين، الأول الذى بين أيدينا الآن تحت عنوان «مقتل الكومنداتور فكرة تظهر». أما الجزء الثانى فمن المنتظر صدوره قريبا بعنوان «مقتل الكومنداتور مجاز يتحول».

 بطل الرواية  فنان يابانى شاب يحترف رسم البورتريه، ينعم بحياة تقليدية هادئة، ورغم موهبته الكبيرة إلا أنه لا يستطيع أن يصبح من المشاهير. يبدأ البطل رحلة الهروب بعد صدمة طلب زوجته الانفصال عنه، ليجد نفسه يقيم  بمنزل منعزل، يملكه  «توموهيكو أمادا» رسام اللوحات اليابانية الشهير ووالد صديقه المقرب. أمادا صاحب شهرة واسعة فى فن «النيهونغا» اليابانى الذى ظهر بالنصف الثانى من القرن التاسع عشر فى فترة ميجى الإصلاحية باعتباره  يمثل روح الفن اليابانى وتفاعلاته الحديثة فى ذلك الوقت. كان من اللافت أن يكون بيت فنان بتلك الشهرة خاليا من أى لوحات فنية، الأمر الذى دفع البطل للتنقيب فى حياة أمادا خاصة بعد عثوره بالمصادفة على لوحة مخبأة فى سقيفة المنزل تحمل أسم  «مقتل الكومنداتور»  مستوحاة من أحد مشاهد أوبرا «الدون جيوفانى» لموتسارت  تمثل لحظة مقتل الكومنداتور  أو قائد الفرسان على يد الدون جيوفانى فى مبارزة بينهما، والتى  تم رسمها باستخدام «النيهونغا». ولكن إلى أين سيقوده البحث عن سر تلك اللوحة التى لا أثر لها فى أرشيف أعمال الفنان الشهير ولا يعلم عنها أحد؟ فى غمرة عملية البحث تبدأ الأحداث بالتشابك ويبدأ فى مواجهة أسرار وتغييرات كبرى خاصة عند ظهور رجل الأعمال الغامض «منشكى»  - الذى  يعنى اسمه «هروب الألوان» فى رمزية واضحة لعلاقة ذلك الاسم بمهنة  بطل العمل ــ صاحب القصر الكبير الذى يقع بمواجهة المنزل الذى يعيش به الرسام فى مشهد يذكرك ببطل رواية «غاتسبى العظيم» للروائى الأمريكى الشهير سكوت فيترجيرالد. فمن حكاية الفنان المنعزل بمنزل مسكون إلى قصة الأب وابنته الغامضة تتشابك الأحداث لتتحول معها مسارات حياة الفنان الشاب.

مثل باقى معظم أعماله، يحرص موراكامى على  تلك التوليفة الدائمة فى بطل روايته  فنجد هنا «رجل موراكامى» كما يطلق عليه النقاد، الرجل الذى يهوى العزلة ويحب القراءة والاستماع إلى الموسيقى ويهوى الطبخ والقطط. كما نشاهد بوضوح التأثر بالثقافة الغربية والذى يظهر فى اختيارات البطل للموسيقى التى يهوى الاستماع اليها والتى فى العادة ما تكون موسيقى الجاز التى يحبها الكاتب. يميل موراكامى لاستخدام الواقعية السحرية، وهو أسلوب تميزت به معظم أعماله. فى «مقتل الكومنداتور» يتحدث  الكاتب مع الأفكار ويحاورها  فيسألها  وتجيبه بتوافق شديد مع سياق الأحداث، ربما يأخذك بعيدا لتتساءل كيف سيكون شكل أفكارى إذا ما مررت بذكرياتى يوما ما كما فعلت  الفكرة مع البطل .

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق