رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أمجاد حصرية بطلها جيش المصراوية

أشرنا في مقالنا السابق بعنوان: جيش الشرف والكبرياء, الدور الجليل لجيش مصر للدفاع عن السيادة الوطنية وحماية مصر من أطماع الاستعمار سواء القديم أو الحديث. وأن هذا الجيش لولاه لما أبدع المصري القديم في بناء حضارته في جميع مناحي الحياة من رسم وعمارة وآداب وفنون. وقد تلقيت عدة رسائل من بعض الأصدقاء تعليقاً علي المقال كان آخرها من الصديق العزيز الدكتور جمال عبد الجواد أحد أعضاء كتيبة التنويريين التي تزخر بها هذه الصحيفة الغراء والذي كان تساؤله عن هل هناك ما يؤكد وجود جيش مصري في العصر الفرعوني له قواعده وتنظيمه وآليات تجنيده وما إلي ذلك. حيث اعتادت كل الكتابات علي أن توزيع الجيش المصري في العصر الحديث بتأسيس مدرسة أسوان الحربية في عهد محمد علي في أغسطس 1821، وكانت هذه المدرسة نواة ضُباط جيشه الجديد بأسوان وفي العام 1823 تألفت الأورط الست الأولي في الجيش المصري وعُين الألف ضابط الذين تم تدريبهم بمدرسة أسوان الحربية ضباطاً في هذه الأورط.

واستمرت سياسة التجنيد والتعليم في تزايد واتساع، ثم توالت المدارس ذات العلاقة منها مدرسة البيادة بالخانكة عام 1832، ومدرسة أركان حرب عام 1825، ومدرسة المدفعية بطرة عام 1831، ومدرسة الطب والمستشفي العسكري عهدت إلي الدكتور كلوت بك رئيس أطباء الجيش ومدرسة الهندسة العسكرية 1844 وبعد كل ذلك اتجه محمد علي إلي خلق النظام العسكري الحديث من خلال إيفاد البعوث من الشبان الذين تأهلوا في هذه المدارس إلي السفر لأوروبا لتنمية مهاراتهم وعادوا لتولي المراكز المهمة في التعليم العسكري.

هذا في العصر الحديث.. وماذا عن التاريخ القديم قبل لحظات الانهيار في عصور ما بعد الحقبة الفرعونية ودخول مصر مرحلة الاستعمار المتعدد ابتداءً من عصر البطالسة حتي الحملة الفرنسية.

تشير جميع الأبحاث العلمية التاريخية والأثرية إلى أن الجيش المصري أول جيش نظامي في العالم تأسس عام 320 ق.م وقد كان ذلك بعد توحيد الملك مينا لمصر وكان المصريون هم العنصر الأساسي في الجيش المصري وكان يتكون من الجيش البري (المشاه والعربات التي تجرها الخيول والرماحين وجنود الحراب وفروع أخري) والأسطول الذي كان يحمي سواحل مصر البحرية كلها إضافة إلي حماية نهر النيل. وبدأت في عصر الرعامسة سياسة التجنيد عن طريق إجبار الممالك داخل الإمبراطورية المصرية تقديم حصة من الشباب لكل حامية عسكرية مصرية. وبهذا تكونت أول نواة لجيش المشاه. ثم بعد ذلك عندما أدخل الهكسوس العربة الحربيةوالحصان باحتلالهم مصر عام 1900 ق.م.

دخول عناصر من الشباب أبناء الصفوةالحاكمة من معتادي ركوب العربات الحربية المعدلة إلي الجيش.. وأصبح بالجيش المصري حينئذ حملة السهام والمشاه وراكبو العربات الحربية. ووصل عدد الجيش المصري في عام 1275 في عصر رمسيس الثاني إلي نحو 20 ألف، في حملته ضد النوبة جنوباً والحيثيين بالشام.

كانت تجربة احتلال الهكسوس مصر تجربة قاسية ومؤلمة، علمت المصريين درساً لم ينسوه، بعد أن حرروا بلادهم. ولأول مرة يعرف التاريخ العسكري، من خلال عصر الدولة الحديثة في تاريخ مصر القديم منذ سنة 1570ق.م إلي 1070ق.م. الجبهات المصرية العسكرية، حيث الجبهة الآسيوية من ناحية الشرق، والجبهة النوبية الثانية كانت تستقر في المنطقة الجنوبية، أما الجبهة الثالثة والأخيرة فهي الغربية.. وهذا هو أساس وبداية تقسيم الجيش في مصر الحديثة.

ولعل حملات الملك سيتي الأول التي وصلت إلي أربع كانت لها نتائج كبيرة في التحرك والزحف نحو قارة آسيا المجاورة للحدود المصرية «إلي شبه جزيرة سيناء».

ولنقرأ الفقرة التالية «لقد توافدت علي أرض فلسطين خلال عهد الملك ببي هجرات بدوية مستوطنة سماها المصريون باسم عاموحر يوشع، بمعني بدو الرمال أو القبال التي تعيش علي الرمال، ويحتمل أنها كانت بداية للهجرات الأمورية القديمة، فهددت سُبُل التجارة بين مصر وجيرانها وحاولت أن تثير الاضطرابات وتعبر حدود مصر الشمالية الشرقية، فعهد الملك ببي إلي وني، أي وزير الدفاع «حماية تجارة مصر وحماية حدودها فخرج في خمس حملات عن طريق البر والبحر حاصر فيها الحدود من الجانبين كماشة، وتكللت حملاته بالنجاح. وقد قص وني أن ملكه جند تحت إمرته عشرات الآلاف من حاميات المدن وأهل الأقاليم الجنوبية والشمالية ومن جانبي الدلتا فضلاً عن أهل النوبة الموالين لمصر من قبائل وبعض الليبيين الموالين لمصر وأوفد معهم طائفة من المترجمين. ونظم وني سير الجنود ورسم خطته ولم يحدث أن تنازع جندي مع زميله أو اغتصب جندي كسرة خبز زميله حتي جاوز بجيشه مناطق الحدود الشمالية الشرقية وعاد منتصراً بجنوده إلي أرض مصر. وقد رفع إلي الملك ببي تقرير الحرب تضمن سلامة جيشه سبع مرات.. إذ كان يقول «عاد الجيش سالماً بعد فعل كذا وكذا.. عاد الجيش بعد أن أسقط حصونهم ودمر أرض أهل الرمال.

وقال إن رؤساء كتائبه كانوا يقدرون القيادة عدة واجبات هي: تغليب روح الطاعة في الجيش ـ تقليل دواعي الشقاق ـ تغليب روح التراحم بينهم وبين المدنيين. من كتاب عبد العزيز صالح حضارة مصر القديمة وآثارها.

هكذا سيظل جيش مصر نموذجاً يُحتذي في العراقة والتاريخ والفعل. فكما أشرنا لولاه ما كان المصري سواء القديم أو الحديث أن يبدع ويخترع ويبني حضارته ونهضته، دون درعه وسيفه.


لمزيد من مقالات ◀ صبرى سعيد

رابط دائم: