رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

قوانين قرآنيه..
قبول الأعمال

◀ د.محمد قاسم المنسىى أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم

المراد بالأعمال هنا كل ما يقوم به العبد فى حياته من عبادات أو معاملات أو أعمال دنيوية، يبتغى بها أن ينال رضا الله تعالى فى الدنيا والآخرة، ومن ثم جاء القانون القرآنى الذى يحدد الأعمال المقبولة وغير المقبولة عند الله تعالى حتى يتحرك العبد فى دائرة الأعمال المقبولة ويبتعد عن دائرة الأعمال غير المقبولة.

وهذا القانون (قانون قبول الأعمال) مستمد من عدة آيات فى القرآن الكريم تحدث بعضها عنه بصورة مباشرة، وتحدث بعضها الآخر بصورة غير مباشرة.

أما حديث القرآن عن قبول الأعمال بصورة مباشرة فقد ورد فى قوله تعالى: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ).

وأما حديثه بصورة غير مباشرة فقد ورد فيها قوله تعالى: (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا).

وهكذا عنى القرآن الكريم ببيان قبول الأعمال حتى يحرص الإنسان على ألا يعمل فقط وإنما أن ينال شرف قبول العمل الذى تقرب به إلى الله تعالى طمعا فى فضله وكرمه.

ومن ثم لفت القرآن الكريم النظر إلى ما كان من شأن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، عندما كانا يقومان برفع قواعد الكعبة، فقال تعالى: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).

فقد أبرزت الآية حرص إبراهيم وإسماعيل على إدراك القبول من الله لما يقومان به من عمل، وهذا شأن العابد، يريد أن يطمئن إلى أن عمله حظى بالقبول.

وفى قصة ابنى آدم جاء قوله تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ).

وقد ورد فى تفسير ابن كثير: أن ابنى آدم اللذين قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر، كان أحدهما صاحب حرث والآخر صاحب غنم، وأنهما أمرا أن يقربا قربانا، وأن صاحب الغنم قرب أكرم غنمه وأسمنها وأحسنها طيبة بها نفسه، وأن صاحب الحرث قرب شر حرثه غير طيبة بها نفسه، وأن الله عز وجل تقبل قربان صاحب الغنم ولم يتقبل قربان صاحب الحرث). وإذ تقبل الله قربان أحدهما فقد غضب من لم يقبل قربانه وحسد أخاه لقبول قربانه دونه.

وروى عن الإمام على رضى الله عنه أنه قال: "كونوا لقبول العمل أشد اهتماما منكم بالعمل. ألم تسمعوا قول الله تعالى (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)". وروى أيضا عن أبى الدرداء أنه كان يقول: لئن أستيقن أن الله تعالى قد تقبل منى صلاة واحدة أحب إلى من الدنيا وما فيها لأن الله يقول (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ).

شروط قبول الأعمال عند الله تعالى:

هناك شرطان أساسيان لقبول العمل من الله تعالى هما:

الأول: الإخلاص لله تعالى، ومعنى ذلك أنه لكى يقبل العمل لا بد أن يقوم به صاحبه لوجه الله تعالى وابتغاء مرضاته وليس لأى غرض آخر، وهذه مسألة بين العبد وربه إذ الإخلاص فى القلب، والقلب لا يطلع عليه، ولا يعرف ما يدور فيه إلا خالقه، لذا كان الإخلاص من أهم شروط قبول العمل.

الثانى: موافقة العمل لمقتضى الشرع، إذ لا يقبل العمل الذى جاء مخالفا للشرع، لأنه لا يتصور أن يتقرب العبد إلى الله بعمل فيه معصية لله. ومن ثم كان من الطبيعى أن يكون أحد شروط قبول العمل ألا يكون فيه مخالفة لما أمر الله به أو نهى عنه، إذ لايعبد الله تعالى إلا بطاعته وترك معصيته.

وهكذا يحدد هذا القانون (المعيار) الذى تقبل به أعمال الإنسان عند الله كى يحاسب نفسه ويجاهدها ليخلصها من سائر الأغراض والمقاصد التى تحيط بالإنسان وهو يعمل فى هذه الحياة، وحتى تكتمل صورة العبادة عنده بأن يتجه بأعماله كلها إلى وجهة محددة، وفى الوقت نفسه يلفت القرآن النظر إلى موازين قبول الأعمال، لكى يتم تحسين وتطوير أعمال الإنسان بما يرفع درجته وشأنه ويحقق له التميز فى الأداء والنتائج.

ومن ثم فإن ما نخرج به من هذا القانون هو أن نحدد الجهة التى ينبغى علينا أن نتجه إليها، عندما نعزم على العمل أو نشرع فيه، كى نحظى بالقبول الأعظم وهو من الله تعالى، فذلك القبول ـ عندما يشعر به العبد ـ يكون أحب إليه من الدنيا وما فيها، ويكون علامة على الفلاح التام والفوز المبين.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق