رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

التعداد الاقتصادى.. قراءة اجتماعية وسياسية

أعلن جهاز التعبئة العامة والاحصاء فى ابريل الماضى نتائج التعداد الاقتصادى الذى يعتبر من اهم التقارير الدالة على المنشآت الاقتصادية من حيث النوع والحجم والتوزيع الجغرافي. وللأسف، فان نتائج هذا التقرير لم تلق ما تستحقه من تغطية إعلامية وعلمية بسبب الظروف الراهنة والانشغال بوباء كورونا.

إن هذا التقرير يوفر قاعدة البيانات الخاصة بهيكل الأنشطة الاقتصادية فى كل القطاعات والمحافظات. وتُمثلُ بيانات هذا التعداد التى شارك فى جمعها 1500 جامع معلومات وباحث ومُراقب جودة، ثروة كُبرى للباحثين فى الاقتصاد والاجتماع والسياسة وكُل المهتمين بفهم التكوين الحقيقى للاقتصاد المصرى ودلالاته الاجتماعية والسياسية، وهذه البيانات تقدم صورة للأنشطة الاقتصادية عن عام 2017 بالنسبة للقطاع الخاص، وعام 2017-2018 بالنسبة للقطاع العام وقطاع الاعمال.

يعتمدُ هذا المقال على البيانات التى أصدرها الجهاز وبثها على موقعه الالكتروني. وللوهلة الأولى فإن الصورة التى تبدو هى أننا نتعامل مع وضع يشهد غلبة ساحقة للقطاع الخاص، فمن بين 3.743مليون منشأة اقتصادية شملها التقرير، تبلغ نسبة مُنشآت القطاع الخاص 99٫96% مقارنة بالنسبة الضئيلة الباقية لمنشآت القطاع العام/ الاعمال. يتناول التقرير عدد من المؤشرات الخاصة بهذه المُنشآت. فوفقًا لمؤشر طبيعة النشاط، تحتل تجارة الجملة والتجزئة المرتبة الأولى بنسبة 58٫2%، تليها الصناعات التحويلية 14%.ووفقًا لمؤشر عدد المشتغلين الذين يبلغ عددهم 31مليونا و564 ألفا، فان أغلبهم من الذكور 84%، يشتغلون أساسا فى القطاع الخاص 93٫5%، وفى القطاع العام/الأعمال 6٫5%. ووفقًا لمؤشر توزيع المُشتغلين على القطاعات الاقتصادية، فإن قطاع تجارة الجملة والتجزئة أكثر القطاعات تشغيلا اذ يبلغ عدد العاملين فيه 37٫4%، يليه الصناعات التحويلية 24٫2%، ولا توجد فروق ذات مغزى بين القطاعين الخاص والعام/الاعمال فى نسب التشغيل. ووفقًا لمؤشر الأجور، تٌمثل اجمالى أجور العاملين فى القطاع الخاص نسبة 74٫2%، و25.8% فى القطاع العام/الاعمال. ووفقًا لمؤشر اجمالى مُتوسط الاجر الشهرى للعاملين، فإنه يبلغ فى القطاع الخاص 2891 جنيها، ويرتفع فى القطاع العام/الأعمال إلى 8753 جنيها. ووفقًا لمؤشر توزيع الأجور حسب القطاعات، فإن قطاع التعدين والمناجم والمحاجر يحتل المرتبة الأولى بمتوسط اجر شهرى 20701جنيه، ويليه قطاع الوساطة المالية والتأمين بمُتوسط أجر 16224 جنيها، ثم قطاع امدادات الكهرباء والغاز و تكييف الهواء بمتوسط أجر10737 جنيها.

ووفقًا لمؤشر قيمة الإنتاج التام،يشكُل القطاع الخاص نسبة 84٫5% من اجمالى الإنتاج، بينما يوفرُ القطاع العام/الاعمال 15٫5%. ووفقًا لمؤشر اسهام القطاعات الاقتصادية فى الإنتاج التام، احتلت الصناعات التحويلية المرتبة الأولى بنسبة 43٫6%، يليها تجارة الجملة والتجزئة 13٫2%،ثم التعدين والمناجم والمحاجر 10٫8%. ووفقًا لمؤشر القيمة المضافة، يُمثل القطاع الخاص نسبة 86.4%، والقطاع العام/الاعمال 13٫6%. ووفقًا لمؤشر القطاعات التى تُحقق أكبر قيمة مُضافة، تحتل الصناعات التحويلية المرتبة الأولى بنسبة 31٫3%، وتليها تجارة الجملة والتجزئة20٫9%، ثم التعدين والمناجم والمحاجر15٫3%. ووفقا لمؤشر التوزيع الجغرافى للمنشآت الاقتصادية تحتل القاهرة المرتبة الأولى بنسبة 12٫9%، تليها الجيزة 9٫3%. ووفقًا لمؤشر القيمة المضافة للمنشآت استمرت صدارة القاهرة بنسبة 23٫7%، تليها الجيزة 11٫6%،فالإسكندرية10٫5%. ووفقا لمؤشر اجمالى التكوين الرأسمالى (الاستثمار)، ساهم القطاع الخاص بنسبة 75٫4%، مقارنة بنسبة 24٫6% لقطاع العام/الاعمال.ووفقا لمؤشر القطاعات التى اتجه لها الاستثمار تصدر قطاع التعدين والمناجم والمحاجر بنسبة 35٫8%، يليه الصناعات التحويلية 20٫2%، فإمدادات الكهرباء والغاز وتكييف الهواء 15٫4%. تمثل هذه الأرقام وتفصيلاتها مجالا رحبا للتحليل، وأريد التوقف هنا امام ثلاثة موضوعات.الأول يتعلق بالصناعات التحويلية، التى أؤمن بان على أجهزة الدولة ورجال الصناعة بذل جهد أكبر للتوسع فيها وزيادة استثماراتها، فتبين ارقام التعداد انها بينما تمثل14% من عدد المنشآت وتحظى بنسبة 20٫2٪ من الاستثمار، والعاملين بها 24٫2%، وتسهم فى الإنتاج التام بنسبة 43٫6%وفى اجمالى القيمة المضافة بنسبة 31٫3%. وتشير تجارب الدول الناهضة الى الأهمية القصوى للاستثمار فى الصناعة باعتبارها «رافعة» لعديد من القطاعات الاقتصادية. والموضوع الثانى هو عدالة التوزيع واحتكار عدد محدود من المحافظات لأغلبية المنشآت الاقتصادية وعلى رأس هذه المحافظات القاهرة، فبينما يعيش فيها نحو 10 ملايين نسمة أى 10% من المصريين، فإنها تحظى بنسبة 12٫9% من عدد المنشآت، و22٫8% من حجم الإنتاج، و23٫7% من القيمة المضافة، و18٫3% من الاستثمارات. واضيف من عندى انه يوجد فى القاهرة اعداد من المستشفيات والصيدليات والجامعات والمولات ودور السنيما أكبر من نسبة تمثيلها فى عدد السكان، وهذه الملاحظة ليست جديدة فقد سبق ان سجلها بوضوح وصرامة د.جمال حمدان فى كتابه شخصية مصر الصادر فى 1967 والذى وصف فيه مصر بجسد هزيل له رأس متضخم. والموضوع الثالث يتعلق بالأجور فى القطاع الخاص، فبينما تبلغ المنشآت المملوكة له 99٫96% من اجمالى المنشآت، فان نسبة اجور العاملين فيه تنخفض الى 74٫2%. وخلافا للاعتقاد السائد بين كثيرين، فان متوسط الاجر الشهرى للعاملين فيه هو ثلث نظيره فى القطاع العام/الاعمال. واعتقد ان هذا رقم يستحق التفسير، فهل يعود الى ارتفاع متوسط الاجر بين عموم العاملين فى القطاع العام/الاعمال، ام الى تضخم رواتب كبار العاملين وزيادة عدد المستشارين، ام الى سبب آخر لا اعرفه؟ هذا بعض من كل، وهناك الكثير من الأرقام والنتائج التى ينبغى ان تكون مجالا للبحث ورسم السياسات العامة. وتحية لكل من شارك فى اعداد هذا التقرير المهم.


لمزيد من مقالات د. على الدين هلال

رابط دائم: