لأننا نعيش الآن روحانيات رمضان التي تسمو بالنفوس وتنقي القلوب وتزيد من الإحساس بالرضا وراحة البال، فقد قررت أن أتخلي عن عادتي في الكتابة وأن ابتعد قليلاً عن تناول الحكايات القديمة التي لم أجن من ورائها سوي وجع القلب، فاخترت هذا الاسبوع حكاية من التراث الإسلامي تتماشي مع هذا الجو الرمضاني الجميل. الحكاية تقول إن (كلثوم بن الأغر) كان قائداً في جيش عبدالملك بن مروان وكان (الحجاج) يبغضه فدبر له مكيدة جعلت عبدالملك يحكم عليه بالإعدام فذهبت أمه إلي عبدالملك تلتمس عفوه فاستحي منها فقد تجاوز عمرها المائة عام، وقال لها سأجعل الحجاج يكتب في ورقتين الأولي (يعدم) وفي الثانية (لايعدم). ويقوم ابنكِ باختيار ورقة قبل تنفيذ الحكم فإن كان مظلوماً نجاه الله.. فخرجت حزينة لأنها تعلم ان الحجاج يكره ابنها وبكل تأكيد سوف يكتب في الورقتين كلمة (يعدم) وبالفعل قام الحجاج بكتابه كلمة (يعدم) في الورقتين وبعد أن تجمع الناس يوم تنفيذ الحكم قام كلثوم باختيار ورقة ثم بلعها علي الفور دون أن يقرأها فاندهش عبد الملك وقال له لقد أكلت الورقة دون أن نعلم مابها فقال له يامولاي أكلتها دون ان أعلم مابها وحتي نعلم مابها فلننظر للورقة الثانية فهي عكسها كما تعلم ففتح عبد الملك الورقة الثانية فوجدها (يعدم) فأجمع الناس علي أن كلثوم قد اختار (لايعدم) وبالتالي نجاه الله من الإعدام. الحكاية تقول اننا لو فكرنا بهدوء نستطيع صنع أشياء عظيمة، وأن الذي يتعامل مع الناس علي أنه الأكثر ذكاء.. فإنه مهما كان عبقرياً، سيفاجأ بأن هناك من هو أذكي منه.
لمزيد من مقالات أشرف مفيد رابط دائم: