رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

بول غليونجى .. عاشق الطب الفرعونى وخبير الغدد الصماء

كتب ــ حاتم صدقى
بول غليونجى فى صحبة عدد من زملاء المهنة بينهم الطبيب مصطفى حافظ غانم

يعتبر الطبيب الرائد بول غليونجى من الأطباء المصريين الذين نجحوا باقتدار فى ربط الحاضر العلمى بالحضارة الطبية المصرية واستخدامهما فى تحقيق عدد من الإنجازات، تحديدا فى مجال الغدد الصماء، محققا الريادة به.

ولد الطبيب الرائد غليونجى عام 1908 فى مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية. وبعد اتمام دراسته الثانوية، التحق بكلية الطب جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة الآن) وحصل فيها على بكالوريوس الطب عام 1929، وهو فى الحادية والعشرين من عمره.

ولتميزه العلمي، أكمل تعليمه العالي، فحصل على درجة الدكتوراة عام 1933، ثم حصل على عضوية جمعية الأطباء الملكية البريطانية فى عام 1934، وعضوية الجمعية الأمريكية لأمراض الغدة الدرقية، لكونه أحد رواد تخصص الغدد الصماء. وعلى المستوى الدولى أيضا، اختير الدكتور غليونجى نائبا لرئيس الجمعية الدولية لتاريخ الطب، وكذلك نال عضوية الجمعية السويدية لتاريخ الطب. كما شغل عضوية كلية تاريخ الطب والصيدلة فى لندن، والأكاديمية الدولية لتاريخ الطب التى كانت تضم فى ذلك الوقت خمسين عضوا فقط من كل أنحاء العالم. كما كان عضوا بكل من الجمعية الأمريكية لتاريخ الطب وأكاديمية تاريخ الطب بالأرجنتين.

فقد رشحه عشقه القوى لتاريخ الطب الفرعونى لشغل هذه المواقع. فقد كان دائما ما يلقى محاضراته حول علوم الطب عند الفراعنة فى مختلف دول العالم.

وبسبب هذا الشغف القوى بالطب الفرعوني، أصبح غليونجى مروجا عالميا له. وتوالت عليه الدعوات من أوروبا وأمريكا وكندا وأمريكا اللاتينية لالقاء محاضراته القيمة المزودة بالصور والشرائح الملونة التى كان يلتقطها بنفسه لشرح أفكاره عن الطب الفرعوني.

ووفقا لما أورده الكاتب الأهرامى الكبير صلاح جلال، فقد تعرف بغليونجى عن قرب عام 1961، أثناء حضورهما المؤتمر الدولى الأول للغدد الصماء بالعاصمة الدانماركية كوبنهاجن. وأورد جلال فى كتابه البارز «أطباء مصر كما عرفتهم» أنه زار بصحبة غليونجى معامل شركة أورجانون الشهيرة بهولندا، واطلعا على حقيقة أصول صاحب الشركة، الذى كان يعمل فى الأصل جزارا، وفكر فى استخلاص المواد الفعالة من غدد الحيوان وبيعها لمصانع الدواء بأسعار تفوق كثيرا أسعار اللحوم. ثم أنشأ معملا خاصا بذلك لنفسه، وتوسع فى نشاطه، وواصل أبناؤه وورثته من بعده المضى فيه وتطويره حتى أصبح فى صورته الحالية، كواحد من كبريات شركات العالم.

ويورد جلال ما كان من تعليق غليونجى على قصة «أورجانون»، ضاحكا «أين جزارو مصر من كل ذلك، ليطوروا صناعة الدواء كما فعل جزار هولندا». ووفقا لشهادة جلال، فإنه لم ير طوال حياته شخصا بدماثة خلق غليونجى وغزارة إنتاجه، يستفتح كتبه دوما بتقديم الشكر لكل من ساعده فى إعداد مؤلفه دون أن يغفل أى شخص.

ونظرا لعشقه للطب الفرعوني، كان الدكتور غليونجى سفيرا لمصر القديمة بحضارتها، وفى نفس الوقت سفيرا لمصر الحديثة بعلمه وأبحاثه التى اعتاد أن يقدمها ويناقشها فى المؤتمرات الدولية التى كان يدعى اليها عن أمراض الغدد الصماء وهو المجال الذى تفوق فيه.

وكان له الفضل فى إنشاء أول قسم متخصص فى أمراض الغدد الصماء بكلية طب قصر العيني، ثم امتد هذا القسم تباعا إلى كلية طب عين شمس وباقى كليات الطب بمصر.كما سعى لدعم الاهتمام بطب الغدد الصماء فى كل الدول التى زارها وعمل فيها، فعلى مدار 14 عاما متواصلة، ظل الدكتور غليونجى يتابع مشاكل وأمراض الغدد الصماء فى دول إفريقيا وجنوب السودان، وكذلك دول البحر المتوسط. وأسهم غليونجى عضوا ثم رئيسا للمجمع العلمي، فى إصدار كتاب رائع عن تضخم الغدة الدرقية بين سكان بعض الدول الإفريقية.

وبخلاف هذا الكتاب، كان غليونجى رائدا فى مزج تفوقه بالعلوم الطبية مع اهتمامه بالفلسفة وتاريخ العلم. وانعكس ذلك عبر مؤلفاته الرائدة مثل كتابه «الغدد الصماء»، وكتاب «الطب عند الفراعنة»، وكتاب «الطب فى تاريخ الحضارة المصرية». وكذلك «قطوف من تاريخ الطب»، و»كل ولا تأكل»، و»الطب والسحر».

ويذكر عنه أن كان دائم السفر الى الواحات بمصر لدراسة أمراض الغدد المنتشرة فيها، خاصة أمراض الغدة الدرقية بسبب نقص عنصر اليود فى مياه الآبار بها.

وفى آخر محاضرة عامة له بمصر، وذلك قبل وفاته فى يناير عام 1987. تحدث الدكتور غليونجى عن المرح عند قدماء المصريين، وعرض صورا لنقوش كاريكاتورية ونكاتا بالغة الطرافة.

وأكد لجميع الحاضرين أن النكتة المصرية وخفة الدم والسخرية التى يتميز بها المصريون، انما هى صفات قديمة وأصيلة موروثة من أجدادنا الفراعنة، وليست وليدة اليوم. ومن طرائفه، أنه وصف الانسان بأنه هو الحيوان الوحيد الذى

«يأكل بلا جوع». ومن أجمل النصائح التى نقلت عنه، «أن الإجهاد فى العمل لا يؤدى لتدهور الصحة، ولكن القلق هو أخطر أمراض العصر التى تهدد صحة الانسان».

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق