قال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، فى تصريحاته اليومية. التى نراها على الهواء إن خطر كورونا تجاوز تهديد الإرهاب. ثم طالب الأمريكيين بالصبر والتحمل حتى آخر أبريل الحالى. ولم يوضح لماذا حدد هذا التاريخ. وهل لديه معلومات لا يريد أن يعلنها ويحتفظ بسريتها؟. وأتى على الصين. وهل يمكن أن يعقد مؤتمرا ولا يكون للصين مكان فيه؟ تكلم بغموض، وقال ما أدهشنى: إن أرقام الوباء فى الصين يمكن أن تشير إلى جانب مضئ. لا أعتقده ولا أتصوره. ربما كان فى الأمر أخطاء فى الترجمة. غيره من قيادات الغرب قال البعض منهم إن غياب الحريات الصحفية فى الصين منع معظم وسائل الإعلام أن تمارس حريتها الغائبة فى نشر معلومات الوباء. وكتب الصحفيون الغربيون إن عدم عودة الحياة إلى طبيعتها التى كانت عليها من قبل الوباء فى الصين يعنى أن هناك مشكلة وبائية ما. وهكذا أعادونا إلى المربع رقم واحد. لقد عرفنا من قبل العالم صاحب القطبين. كانت أمريكا والاتحاد السوفيتى الذى أصبح روسيا لاحقا بعد انتهاء التجربة الاشتراكية هناك. وها نحن الآن على مشارف عالم القطبين. فإن كان الاقتصاد الأمريكى هو الأول. فإن الاقتصاد الصينى يبقى الثانى.
مستشرق صينى كان فى مصر منذ شهور مضت قال لى: إن فى الصين المصانع الخلفية التى لولاها ما قامت صناعة فى أمريكا من الأصل والأساس. والأمريكان يعتمدون على مصانع الصين للقيام بمعظم العمليات الصناعية الأساسية لرخص أجور القوى العاملة. وأيضا لتوافر قدر من الجودة لا يجده الأمريكان فى بلاد أخرى ولا حتى فى بلادهم. لذلك فإن اللجوء إلى الأرقام الصماء فى مقارنة القوتين قد يبدو خادعا. قبل هذا الوباء كانت الصحافة الصينية والتى يقول عنها إعلام الغرب: صحافة الصوت الواحد، يقول إنه لم يعد يفصل الصين عن أن تحتل رقم واحد فى الاقتصاد العالمى سوى بعض الأمور الشكلية فقط. ها هو رئيس أمريكا يقول ما توقفت أمامه وكنت أريد أن أجعله قضيتى الأولى والأخيرة. عندما قال إن الوباء يسبق الإرهاب فى تهديد الكون المهدد أصلا بالكثير من الأخطار.
تكفينى الكتابة التى لم أكن أريد الاستطراد فيها. وجدتها قد تصلح كمدخل ، مصر أحق بالكتابة. والمصريون يستحقون كل نقطة حبر تسيل من القلم. صحيح أننا جزء من العالم. ولكنه جزء لا يقل أهمية عن الكل. ربما نظر له الآخرون باعتباره جزءا. ولكنه بالنسبة لنا الكل. منه المبتدأ، وإليه المنتهى. أيهما أخطر الوباء أم الإرهاب؟ وربما كان الموقف المصرى الذى عبر عنه الرئيس عبد الفتاح السيسى هو الأقرب إلى الصواب والمنطق من الموقف الأمريكى. فكلاهما: الوباء والإرهاب. أو الإرهاب والوباء. يشكلان خطرا على عالم اليوم. ولذلك فإن مواجهة الوباء بكل الوسائل الممكنة يجب ألا تمنعنا من اعتبار أن الإرهاب خطر لا يقل عن الوباء.
إن القراءة المتأنية لتصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسى أو تدويناته تُردِف الكلام عن الوباء بتأمين الحدود. فأمن البلاد جزء لا يتجزأ. وإن كان الوباء عارضا وننظر له فى القريب العاجل على أنه ماضٍ تام. ونجلس لكى نستدعيه بعد أن يكون سكن الذاكرة البشرية. إلا أن الأمر مع الإرهاب يبدو مختلفا. وإن كنت أحلم أن يسرى عليه ما يحدث للوباء الآن. الحرب واحدة. لكن الأمر فى مواجهة الإرهاب يحتاج اليقظة. انظر معى إلى مظاهرات الإسكندرية. أخطأت لغويا عندما كتبت كلمة مظاهرات. إنها محاولات تظاهر. قتلها فى مهدها أمران: يقظة الأمن المصرى التى أذهلت الدنيا. ومناعة المجتمع السكندرى التى اكتشفت ما وراء التحرك المضحك والهزيل. وأدركت شخصيا أن القلة الشديدة من الدخلاء حاولوا جر البلاد لمعارك وهمية فرعية. فى حين أن المعركة الحقيقية موجودة فى كل مكان. وعلينا أن نتكاتف فى مواجهتها من أجل استمرار الحياة. لا يتصور أحد أن الوباء شغل مصر. قيادة وجيشا وشرطة وشعبا. لا شيء يمكن أن يشغلنا عن معركتنا الأساسية لبناء مصر الجديدة. التى نحلم بها جميعا. وكنا على مشارف الوصول. أو أعتقد أننا وصلنا ولم نكن نريد أن نعلن هذا. من المؤكد النتيجة الأولى. سواء لمعركة الأمس أو اليوم أنها وحدت المصريين فى كل مكان. ودعوا خلافاتهم وجدالهم. وقرروا أن يتحدوا مع بلادهم فى الخندق الذى نعطيه أولوية أولى. ولم ننس شبرا واحدا فى مصر من العاصمة إلى أقصى مكان فى الحدود. هذا دور الجيل كله. هذا دورنا جميعا.
يوميات حظر التجوال: كورونا هى المحنة الأسوأ فى عالمنا وتاريخنا المعاصر منذ الحرب العالمية الثانية. كنا نهرب من الزحام. هل نشكو الآن من الشوارع الخالية والميادين الفارغة؟ ولمن؟. ـ كله مقبول. وكل ما يقال يمكن الاستماع إليه ومناقشته. إلا التشفى فى الناس. وتصوير الأمر على أنه غضب من السماء. فحتى غضب السماء يحمل فى طياته رحمة الله. ـ لماذا لا يتم استدعاء الأطباء المحالين للمعاشات إلى الخدمة وفورا؟ مصر فى أمس الحاجة لخبراتهم. ـ علمت أن سفارة أمريكا طلبت أطباء شبابا. وأعلنت أنها ستمنحهم جنسيتها. وأنا أقول وأناشد: امنعوهم. قد يكون التخزين ضمانا للمستقبل الآتى. ولكنه عدوان على حقوق الآخرين. ـ فى عالم الآن احتمالات الشفاء تساوى احتمالات المرض. وعلينا القبول والقناعة والرضا. ـ من يرفض قرار فتح المساجد لصلاة الجمعة باسم الدين. يرتكب جريمة القتل العمد. فشتان بين الحذر المطلوب والهلع المميت. هل تغير المحنة بعض طباع الناس؟. مناشدة الرئيس السيسى للمصريين عندما قال إن مقاومة الكورونا قضية الشعب المصرى كله. وكلامه خلق عند المصريين حالة من الوعى والإدراك. أصبح المصرى شريكا وفاعلا ومؤثرا. الحياة إرادة أكثر من كونها إمكانية. إرادتك المقاوم الأول والأخير لكل الأخطار.أول ما تحاربه اليأس.
لمزيد من مقالات يوسف القعيد رابط دائم: