هذا بالفعل كان زمن العولمة فالجنس البشرى ورغم تعدد الثقافات والديانات من مشرق الأرض إلى مغربها فإن الأكثرية الساحقة من الشعوب باتوا يعيشون فى قرية كبيرة هى قرية العولمة والتواصل السريع وتداخل المصائر بعد بروز الأخطار البيئية واتساع مساحة الحركة أمام الفيروسات القاتلة عابرة القارات.
والحقيقة إن مقدمات القرن الحادى والعشرين وكافة معطياته حتى الآن ومنذ كارثة أحداث الحادى عشر من سبتمبر عام 2001 التى أفرزت ما يسمى بالحرب ضد الإرهاب لتغطية سلسلة الحروب المتتالية بين الغرب بقيادة أمريكا وأوروبا من ناحية والدول العربية والإسلامية من ناحية أخرى كانت بالفعل نذير شؤم للبشرية كلها التى واجهت فى العشرين عاما الماضية عددا كبيرا من الصراعات الدامية والحروب الأهلية متنوعة الأسباب والمقاصد ليصبح اليمين المتطرف هو سيد الموقف فى غالبية دول العالم انتصارا للشعوبية والأنانية التى تؤشر لقرب نهاية النظام العالمى الحالى الذى نشأ بعد الحرب العالمية الثانية وفق قواعد الحرب الباردة بين الشرق والغرب قبل الذهاب إلى مرحلة الوفاق التى مهدت للنظام العولمى الراهن الذى يبدو أنه يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت وطأة العجز عن درء خطر الوباء اللعين!
ومع أنه من السابق لأوانه التنبؤ بعالم ما بعد “كورونا” سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وما أحدثه الوباء من تصدعات سياسية واقتصادية واجتماعية لا يستهان بها وكان أبرزها داخل جدران الاتحاد الأوروبى إلا أن هذا الوباء اللعين دق جرس إنذار للبشرية بسقوط الكثير من الثوابت السياسية والاقتصادية أهمها أنه قد آن الأوان للخروج من خنادق العديد من المسلمات والنظريات التى عطلت حلم البشرية فى الاستفادة من التبشيرات التى روج لها منظرو العولمة لأن خطر الوباء الذى لم يفرق بين الشرق والغرب ألغى أى أسباب للتناقض بين الرأسمالية والاشتراكية هو ذاته الخطر الذى لم يفرق بين مسلم ومسيحى .. ويا للمفارقة أن اجتياح الوباء للدول الديمقراطية كان أفظع بكثير من الدول الأقل ديمقراطية!
فهل سنقول قريبا وداعا للعولمة وأهلا بنظام عالمى جديد يوحد ولا يفرق.. هذا هو السؤال الذى يطرح نفسه بشدة بعد أن أثبتت الصين فى تجربتها الناجحة ضد كورونا أن الدولة المركزية أقوى من كل رايات الديمقراطية الرأسمالية حيث الدولة المركزية فى صالح الجميع بعكس نظرية البقاء للأقوى فى نظرية الرأسمالية الديمقراطية!
وأظن أن القرار الذى اتخذه الرئيس ترامب بتفعيل قانون الدفاع الإنتاجى ووضع كل إمكانيات القطاع الخاص وموارده تحت تصرف الحكومة الفيدرالية لتتمكن من إصدار أوامرها للشركات الخاصة مثلها مثل أى مؤسسة حكومية فى إطار مواجهة الوباء... يغنى عن أى تعليق!
خير الكلام:
<< ما الفشل إلا هزيمة مؤقتة تخلق لك فرص النجاح!
[email protected]لمزيد من مقالات مرسى عطا الله رابط دائم: