الحسين صلاح على، شاب صعيدى من مركز ساقلتة بمحافظة سوهاج، ولد فى عام 1983، واكتشفت أسرته أنه لا يسمع، ورغم محاولاتهم للبحث عن علاج إلا أن الصمم لازمه مدى الحياة، فلم يتمكن من اللحاق بأقرانه فى المدرسة، فحرمته إصابته من حقه فى التعليم، فحاول البحث عن فرصة عمل فى القاهرة التى انتقل إليها وهو شاب فى العشرين من عمره مع بعض أبناء قريته الذين تفرقوا، فعمل بعضهم ضمن طائفة المعمار، بينما اتجه هو الى صندوق تلميع الأحذية، الذى اعتبره ثروته وعدته للعمل فى انتظار الحصول على جنيهات قليلة تكفيه مطالب حياته البسيطة من مأكل وملبس وإيجار شقة صغيرة متواضعة صارت جنته التى يصبو إليها بعد أن تمكن من الزواج من احدى بنات قريته وعاش هو وزوجته فى سعادة مع إنجاب أولادهما الأربعة الذين تتراوح أعمارهم بين السنتين والثمانية أعوام .
مضت الحياة بالحسين وأسرته فى سعادة غامرة لا ينغص عليهم معيشتهم إلا صعوبة تعامل أولاده معه، فهم يريدون التحدث معه وسماع صوته وأن يسمعهم عندما يحدثونه عن حياتهم بتفاصيلها، يريد أن يسمع ضحكاتهم ويداعبهم، بل يتمنى أن يسمع صوتهم عندما يصرخون أو يتألمون خاصة فى وسط الليل عندما لا يتمكن من قراءة حركات شفاههم فى الظلام، لو استيقظ أحدهم وحاول الاستنجاد بأبيه فلن يستطيع إلا إذا أيقظه وحركه، هذا أكثر ما يؤلمه من إصابته بالصمم التى بنت بينه وبينهم حاجزا، حاول أن يجد حلا لمشكلته فوجد بعض أهل شارع خاتم المرسلين بمنطقة العمرانية الذين تعاطفوا معه بعد أن عاشروه سنين طويلة ولم يجدوا منه إلا كل خير وشهامة سواء كجار لهم أو كماسح أحذية ينال احترامهم وتقديرهم، حاولوا مساعدته فاصطحبه بعضهم إلى معهد السمع والكلام فتم الكشف عليه وإجراء الفحوص اللازمة التى أعطته الأمل فى أن يسمع من حوله خاصة أولاده الصغار الذين يحبهم , وأهل منطقته الذين يحبهم ويحبونه، نصحه الأطباء بضرورة تركيب سماعات للأذن بمواصفات معينة، لكن التكلفة المالية وقفت حائلا بينه وبين شرائها ووقفت عزة نفسه حاجزا بينه وبين سؤال الناس، وهو يعلم ظروفهم وأحوالهم المالية التى بالكاد كانت تكفى توصيله إلى المعهد وإجراء الكشف والفحوصات.
الآن لم يعد أمامنا إلا أن نوصل صوته الى أصحاب القلوب الرحيمة الذين يتدفق نهر الخير من بين أيديهم ليمدوا اليه يد المساعدة .
رابط دائم: