يوم لقاء وزير المالية، الدكتور محمد معيط، الأسبوع الماضي، عددا من الكتاب ورؤساء التحرير ومجالس إدارات الصحف ـ وتشرفت بان كنت جزءا من اللقاء ـ لم يكن شبح كورونا بهذا الثقل، ولا كنا اجتزنا اختبار الطقس غير العادي، ومع ذلك فقد اعتبرت انه ربما كان من اهم ما قيل فى هذا اللقاء ، إجابة السيد وزير المالية عن سؤال، عما اذا كان هناك خطة «ب» فى حال ان أعاقت الظروف العالمية، تنفيذ الموازنة التى جئنا لنتكلم فيها او عنها ..والتى تستهدف معدل نمو 6٫4% بالمائة، ونطمح ان نعكس ذلك على الناس. فعليك لتقريب الامر ان ترى فى مشروع موازنة ( 2020/2021) موازنة حتميات، والوصف ليس من عندي، لكنه شبيه تماما حين تمسك بميزانية بيتك، فلا ترى فيها متنفسا يمكن معه ان ترحل بندا او تنقص آخر، وفى نفس الوقت تستخدم نوعا من الضبط الصارم لتسديد أقساط تتناقص لجمعية، اضطرتك الظروف لها وحريص على اقتطاع بعض دخلك لما يمكن ان يكون خميرة لمشروع تحسن به دخلك ... تبسيط وان بدا مخلا لكن حال الدولة من حالك، وحالك من حال الدولة. للموازنة خطان، حرصت الدولة على ان يسيرا معا بتواز قدر الإمكان، اولهما رفع معدل النمو الى ما يتجاوز الستة فى المائة، والثانى ان تتحول ارقام تحسين الأداء، او مع النمو الى امر ملموس عند القوام الاكبر من الناس، والموازنة المطروحة للنقاش هى موازنة الحتميات. المشاورة المجتمعية التى سعى إليها دكتور معيط، وفى إطار الوعى اقتضت من المشاركين فى اللقاء، وتشرفت بكونى وسطهم، وقفات عند الكلام عن هيكلة الاقتصاد وضرورة الإلحاح على توسيع دور القطاع الخاص الصغير والمتوسط وهو ما احتوته مؤشرات الميزانية فعليا ثم التصنيع ودور الدولة فى وضع إستراتيجية لاحتياجاتها التصنيعية، ولعل الظرف الحالى وما يتهدد دخلنا المعتمد على السياحة وقناة السويس والتحويلات، تحتم وضع التصنيع، وتوسيع رقعة دور القطاع الخاص، على رأس فقه الأولويات، فهو القادر ليس فقط عى إدرار مدخولات أكثر ثباتا وإشباع قدر من الاحتياجات محليا، ولكنه عمود خلق فرص العمل. تريليون وستة من عشرة، حجم موازنة موزعة على التعليم 326 مليارا، و 301 مليار أجورا و 149 مليارا دعما سلعيا و 7 مليارات ادوية، وواحد ونصف مليار ألبان أطفال، ورقم يقاربها للتأمين الصحى لغير القادرين، و 82 مليارا لصناديق المعاشات، و 18مليارا لبرامج الضمان الاجتماعي، و 3 مليارات لتوصيل الغاز و 3 مليارات للإسكان الاجتماعى وتظل الطبقة المتوسطة فى إطار الطرح السابق خارج المظلة!. الامل فى مزيد من الإحساس بعدالة فرض الأعباء يظل مرهونا بمزيد من الإحكام نتوقعه من الدولة، فحين تسمع عن كيانات ملء السمع والبصر لا تورد ضرائبها ولا تمنح الدولة ما تخصمه من الناس، يتجاوز الأمر حيز فكرة التهرب الضريبي، ويعدنا الوزير بأن يأتى هذا الإحكام مع اكتمال ربط شيكات التحصيل إليكترونيا. إنفاق اكثر كفاءة .. جملة صغيرة وردت ولكنها احد المفاتيح لنقاش حقيقى ليس فقط للخطوط العريضة للموازنة ولكن للرؤية الحاكمة، لمسئولية الحكومة الجماعية، فعندما نتكلم على سبيل المثال عن نصيب الصحة فى الموازنة، هل يقتصر الأمر على السرير الطبى والدواء والمبنى او ان وضعية القائمين على العملية الطبية من تمريض ومعاونين وأطباء وغيرهم لابد من أن تدخل فى الحسبة، ولا نطمئن مثلا لمجرد ان المالية وفرت ورفعت الاعتمادات، دون النظر الى تعامل وزارة الصحة مع عمود الخدمة الطبية من البشر؟ تندرج تحت السياق نفسه المسألة التعليمية.. الإنفاق الأكثر كفاءة .. اللقاء سمح بمساحة نقاش مفتوح، وينبغى ألا نغفل انه وقبل ان تتلبد سحب العالم تحت وطأة كارثة وباء كورونا، قد نبه الى ان الدولة وهى تطرح موازنة تطمح لمعدل نمو يتجاوز الستة فى المائة، أعدت فى ظل عالم اكثر استتبابا، رتبت الأوضاع للرؤية او للخطة «ب» التى قد تضطرها، لنمو أبطأ قليلا، لكن المهم ان الخطى لا ولن تتوقف وهذا ما تصر عليه مصر، دولة و شعبا.
لمزيد من مقالات ماجدة الجندى رابط دائم: