رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

غـيـر مـقـبول..!

غير المقبول وبالألمانية Nicht akzeptien العبارة التى ترددها اليوم مرارًا وتكرارًا المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تعبيرًا عن استيائها لتدفق المهاجرين السوريين إلى حدود الاتحاد الأوروبى سعيًا من أردوغان للضغط على الغرب من بعد خسائره العسكرية فى مدينة إدلب السورية، وكانت المستشارة ــ التى رفض «تسم أوزدمير» مسئول الشئون الخارجية مصافحتها باليد تخوفًا من الكورونا ــ تتوقع احترام تركيا لاتفاقها مع بروكسل بشأن منع المهاجرين من الوصول إلى دول الاتحاد، لكن أردوغان وقف يقول داخل برلمانه: قلتم لنا أغلقوا الأبواب، لكنى أقول العكس افتحوا الأبواب.. لقد نفذ الأمر.. انتهى.. و..بدأ بالفعل فعل الابتزاز الأناضولى بإرسال 18 ألف مهاجر كدفعة أولى إلى جانب أكثر من مليون فى الطريق تقوم السلطات التركية بتحميلهم داخل سيارات نقل من الحدود السورية إلى القرى المجاورة للحدود اليونانية - 80٪ منهم نساء وأطفال - حيث يتجمع الغالبية عند البوابة الرئيسية فى جزيرة ليسبوس اليونانية يرابطون بأطفالهم فى الصقيع دون غطاء، بينما يضرم أهل الجزيرة النيران لمنعهم من الاقتراب، وكـلا الطرفين له الحق فى الحياة!! وبين لحظة وأخرى يقوم خفر السواحل اليونانية بانتشال الأطفال الغرقى الذين يأتون عبر قوارب يقوم راكبوها بقلبها بعد الدخول إلى المياه اليونانية، وهى ممارسة يقوم بها عادة المهاجرون من أجل إطلاق عملية الإنقاذ ليتسلل البعض وسط الضجيج.. ورغم تأكيد كيرياكوس ميسوتاكيس رئيس وزراء اليونان بأن بلاده عازمة على حماية حدودها، فالدفع الأردوغانى من الجهة المعاكسة يجعل استبسال المهاجرين بلا نهاية فلا يعود يعنيهم البرد والجوع والرصاص والنار، فالحياة بين شقى رحى هنا وهناك، وذكريات الحياة وأرض الوطن فى سوريا السلام، طوتها المدافع وقبرها الرغام ودمرها أولاد الحرام حتى فيروس الهلع «كورونا» فى أمرهم خجلان لمزيد من الاقتحام فلا يجد له وسط هؤلاء الضحايا موضعًا أو موطنًا أو مفرخًا، وأوروبا التى يريدون الهروب إليها تكاد شوارعها تفرغ من المارة ومن يمرقون فيها يروغون بالكمامات وقال فيها بوريس جونسون رئيس وزراء بريطانيا بالأمس فقط إن خمس القوى العاملة فى بريطانيا معرضة للإصابة بالفيروس القاتل!!.. والقول بأن الهلع أصبح لا مفر منه.. حقيقة.. Nicht akzeptien بل غير معقول!!
وعلى درب الهلع الكورونى منعت شركة الاتصالات المصرية البصمة الإلكترونية، وأطلقت إيران سراح 54 ألف سجين محكوم عليهم بأقل من خمس سنوات، وألغت الإمارات المهرجان الفنى التشكيلى الآرت دبى، ومنعت تونس القبلات والأحضان، وانخفضت أرباح بيوت الموضة العالمية بيربرى وبرادا وفرساتشى ومايكل كورس وجيمى شو بما لا يقل عن 100 مليون دولار، بينما أغلقت نحو 150 من محال الأزياء فروعها فى عواصم العالم المختلفة خاصة بعدما توقفت مصانع أدوات الموضة فى الصين عن الإنتاج، وكانت تسهم بنحو 35٪ منه وبلغ فى العام الماضى ما يساوى 281 مليار يورو، وبالتالى توقف ورود الخامات والمواد الضرورية الصينية مثل الحرير والكشمير، ويتوقع خبراء الموضة امتداد الغياب الأناقى العالمى من جراء تأثيرات كورونا لسنوات طويلة قادمة حتى بعد التوصل إلى اللقاح المضاد.. وكانت آثار الكساد الكروناوى قد ألقت بظلال واضحة على أسابيع الموضة العالمية التى بدأت فى نيويورك بدون جمهور مع ظهور العارضات بالكمامات على خشبة العرض، وانتهت فى باريس بغياب أكبر بيوت الأزياء الصينية مثل إينجل تشين وريكوترو هوى، وكان أسبوع ميلانو أكثر تضررًا، حيث غابت نجوم الحضور الدائمين فى عرض المصمم الشهير جيورجو أرمانى الذى قدم خطوطه الجديدة مستوحاة من الصين مع افتقاد أهم مندوبى مجلات الموضة العالمية «فوج ومارى كلير واينستايل».


يرحمكم اللـه.. من الكورونا

ورغم العجز الذى يشل ميلانو عاصمة الشمال الإيطالى، فالأمل يأتى من خلالها بالذات بعدما بلغت إصابات إيطاليا 2500 مريض لم يتعاف منهم حتى الآن سوى 160 فقط.. الأمل البازغ كان على يد البروفيسور ماشيمو كليمنتى أستاذ العلوم الجرثومية بجامعة ميلانو الذى تمكن من عزل الفيروس الجديد لدى اثنين من المرضى وقام بفك رموزه لمعرفة مواصفاته وخصائصه تمهيدًا لإعداد اللقاح والأدوية اللازمة لمعالجته، وفى مؤتمره الصحفى أعلن أن الفيروس صغير جدًا حتى ليلزم منه مليون لبلوغ ملليمتر واحد، لتتجلى قدرة الله فى أن يكون أصغر ميكروب لا يرى بالميكروسكوب إلا بعد تجميع مليون ذرة منه له قوة تدمير أعتى من خزائن الأسلحة الذرية والنووية والهيدروجينية والعابرة للقارات فى ثوان معدودات، لدول الطواويس التى تتيه بقوتها بينما شكة دبوس (لامؤاخذة فيروس) تنزل راكعة على ركبها لتعرف أن الله حق، وقد لاحظ البروفيسور بعد عزله مع خليتين أنه لا يحتاج لأكثر من 48 ساعة لتدميرهما، والجديد فيه أنه أسرع من فيروسات كورونا المعروفة من قبل من حيث السريان لكنه أقل فتكًا منه.. وفى موسكو صدر قرار أخير بالحظر المؤقت على تصدير المنتجات الطبية من روسيا وأعلن بوتين عن سحب التراخيص من الصيدليات التى رفعت أسعار الأدوية والأقنعة المضادة الواقية حتى بلغت ما بين 10 إلى 15 ضعفًا فى مناطق مختلفة من البلاد.. وإذا ما كانت الإصابات المنشورة فى إيران قد بلغت 2922 فقد تماثل للشفاء 552 شخصًا منها وإن كان من بين المصابين الآن النائب الأول للرئيس الإيرانى اسحاق جهانجيرى وشقيقه الأصغر محمد، وقد قامت الشرطة باعتقال الشخص الذى قام بتصوير فيلم قصير لمغسلة موتى للكورونا فى مدينة «قم» يظهر جثثًا كثيرة مصفوفة فى أكياس سوداء مما ترك آثار ذعر محلية وعالمية بالغة ـ ظهرت المشاهد فى برنامج «على مسئوليتى» للإعلامى أحمد موسى ـ وتتعمق مخاوف الإيرانيين من تسارع انتشار الوباء مع اقتراب موسم التسوق الذى يسبق عيد النيروز سنويًا، وقد ناشد الرئيس حسن روحانى التليفزيون الإيرانى ببث برامج مفرحة للجمهور فى وقت يجبَر الكثير منهم على البقاء فى المنازل، وفى تعليق ساخر ذكرت وكالة «فارس» التابعة للحرس الثورى «إن روحانى دعا إلى تحدى الضحك»، وتلبية غير مباشرة لنداء روحانى على شبكات التواصل الاجتماعى ظهرت تسجيلات ترقص فيها الممرضات والممرضون بالكمامات والأقنعة فى الأقسام الخاصة بمرضى الكورونا، ولم تقم للآن الجهات الرسمية بالتعليق على تلك التسجيلات بالقول على سبيل المثال «انتم فى إيه ولاّ إيه» إلا إذا روعى أنهم مثل الطيور الذبيحة ترقص من شدة الألم...
وعلى ضوء ما قررته قطر من حظر دخول المسافرين المصريين والقادمين عن طريق نقاط وسيطة فى إطار الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا، فقد تقرر تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل، وحظر دخول القطريين إلى مصر، أو القادمين عن طريق نقاط وسيطة، وحددت مصر تطبيق القرار اعتبارًا من 6 مارس.. وفى لبنان أعلن وزير الصحة اللبنانى حمد حسن أن لبنان لا يزال فى مرحلة احتواء الفيروس الذى لم يصل إلى مرحلة الانتشار، فالأرقام تقف عند العد 14 بعدما كانت قد امتثلت الحالة الأولى للشفاء.
و..لقد كان مشهدًا حضاريًا إنسانيًا بالغ الأثر ودعمًا معنويًا رائعًا ترجمته مصر بقيامها بإضاءة أشهر معالمها السياحية المصرية بألوان علم جمهورية الصين الشعبية.. القلعة.. ومعبد الكرنك.. و..طائرة محملة بمستلزمات طبية وقائية توجهت بها وزيرة الصحة والسكان إلى الصين لتأكيد قوة العلاقات بين البلدين.. هالة خريجة طب الزقازيق عام 1991 التى تحيطها الآن هالة من المصداقية والشفافية والاحترام والنجاح ونبرة صوت شجاع تشملنا بالطمأنينة وسط بحر هادر من التهويلات والإشاعات.. هالة قبطان الإدارة الحكيمة الهادئة وراء نجاح عودة 350 مصريًا سالمين لأرض الوطن من قلب مدينة ووهان الصينية مركز الكورونا وبلد المنشأ وتربية الخفافيش لحفلات الشواء، حيث يتعامل الصينيون أنفسهم مع أبناء إقليم ووهان الآن بحذر بالغ مما يزيد من شعورهم بمرارة التوحد.. وللأسف الشديد ليس هذا الأمر بالجديد، فالموجات السابقة من تفشى الأوبئة غالبًا ما سايرت مشاعر التحامل القبيحة مما ألقى اللوم على مجموعات عرقية وعنصرية مختلفة ليس لها يد فى انتشار أى وباء، والآن قد بزغت الحقيقة مع فيروس كورونا الذى أتى بمثابة تذكير لنا جميعًا بإنسانيتنا المشتركة فى قرية العالم الصغيرة.
عند تفشى وباء الطاعون الدملى الذى اشتهر باسم الموت الأسود فى أوروبا عام 1347 وحصد أرواح رُبع سكان القارة فى غضون سنوات قلائل أصبحت المئات من المجتمعات اليهودية التى تركز الكثير منها فيما يعرف اليوم بألمانيا هدفًا لحملات الإبادة، واستمر النمط العام فى استخدام الغرباء ككبش فداء، وعند تفشى الطاعون عبر مختلف أرجاء أوروبا ألقى سكان كل منطقة باللوم على الأجانب الآخرين واعتبروهم مسئولين عن التقرحات والجنون الذى يبتلى به المصاب، ووصفت كل جماعة وطنية أوروبية الزهرى باعتباره مرض الأمم الأخرى، وعليه ألقى الألمان اللوم على الفرنسيين واصفين الوباء بأنه «المرض النفسى»، أما الفرنسيون فألقوا اللوم بدورهم على الإيطاليين، وفى وقت لاحق ألقى البولنديون اللوم على الروس، وألقى الفرس اللوم على الأتراك، وألقى المسلمون اللوم على الهندوس، وألقى اليابانيون اللوم على البرتغاليين.. و..فى الوقت الذى تجنب فيه الألمان بحرص بالغ الاختلاط بالفرنسيين، عَمَدَ الفرنسيون إلى تجنب الإيطاليين، لكن رغم ذلك استمر الزهرى فى اكتساح أوروبا.
وحدث ما يشبه ذلك فى الولايات المتحدة حيث أدت موجات الهجرة خلال القرن الـ19 إلى اضطهاد البعض كما حدث مع التجربة الايرلندية عند هجرة أعداد متزايدة من الايرلنديين إلى الولايات المتحدة ليتزامن وصولهم مع تفشى الكوليرا فى عدد من المدن ليسمى المرض «الكوليرا الايرلندية»، وبالمثل اتُهِم اليهود المهاجرون بأنهم السبب فى نقل السل إلى الولايات المتحدة ليطلق عليه «المرض اليهودى» أو «مرض الخياط» لامتهان الكثير من اليهود مهنة الخياطة.. وعلى هذا النهج أصبح المهاجرون الإيطاليون متهمين بتفشى مرض شلل الأطفال فى نيويورك عام 1916، ومن هنا حرص الجميع على تجنب الاتصال بهم لفترة طويلة.. واليوم ومع ظهور حالات متفرقة للإصابة بفيروس كورونا بمختلف أرجاء العالم فإن واقع الفيروسات والبكتيريا لا تأبه إذا كنت من ووهان أو واشنطن أو إيران!!.
وحول نظرية المؤامرة التى تشير إلى ثلاثية أفراد العصابة: الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا.. الأولى تستهدف التجارة الصينية التى تهدد السوق الأمريكية، والثانية لنشر المرض فى المنطقة العربية، وبريطانيا التى تطمع فى عودة جديدة للإمبراطورية التى لا تغيب عنها الشمس.. والرد على تلك الادعاءات أن التاريخ الإنسانى فيه محطات لحقب زمنية شهدت أوبئة كالطاعون والملاريا والانفلونزا، وأبادت هذه الأمراض أرواحًا بالملايين قبل اكتشاف أمريكا وإسرائيل، والمثير أن الإنسان فى بعض تلك الحقب كانت لديه تفسيرات لحدوث الأوبئة، منها ما يتعلق بالشيطان والجن والأرواح الشريرة، أو من غضب اللـه، وفى تلك الأزمنة لم يكن الإنسان قد عرف بعد الميكروسكوب ولم يشاهد الكائن المسبب فى المرض، لكنه كان يحكم على النتائج فقط، لكننا اليوم نعيش عصرًا مختلفًا يجعلنا نعرف أدق أسرار الكائنات الحية من خلال كشف شفرتها الوراثية وهذا التقدم المعرفى يفترض أن ينعكس إيجابًا على تقييمنا للأمور بعيدًا عن أفلام وروايات الإبادة بالفيروسات والبكتيريا وأفلام تصور مراكز الأبحاث كأنها أداة للشر، وتصور الباحثين وكأنهم قناصة يصطادون حياة البشر، وننسى أن الأوبئة لا يمكن حصرها خلف سور الصين العظيم، وقد فتك الإيدز بالأمريكيين أكثر من غيرهم وكان معمر القذافى يقول إنه اختراع أمريكى لإبادة الأفارقة، والآن خسائر الكورونا تهديد للاقتصاد العالمى برمته وليس الصين وحدها ولكن.. يظل تمسك البعض بنظرية المؤامرة استشهادًا بقصة فيلم سينمائى عرض عام 2011 وهو فيلم (contagion) من إخراج ستيف سودبربيرج كان موضوعه قبل سنوات عن كارثة مشابهة، حيث أظهر الفيلم الخفافيش، معتبرًا أنها أصل تفشى الفيروس.. وهناك من ذهب يفتش فى رسائل الماجستير والدكتوراه ليتمسك برسالة ماجستير تحكى عن احتمالية مشابهة لسيناريو كورونا الحالى، والبعض ضمن اصطفاف المؤامرة يستشهد بتصريحات منسوبة إلى القائد السابق لحلف الناتو، جيمس ستافريديس الذى تحدث عن أسلحة بيولوجية وأوبئة يمكن أن تقضى على خُمس سكان الأرض فى مقال نشرته مجلة «فورين بوليس» فى ظل اتهام مباشر لشركات الأدوية كونها المستفيد الأوحد من المصيبة من باب مصائب قوم عند قوم فوائد، سواء كانت محض الحظ أو التآمر.. وعمومًا إذا كانت مدينة «شنغن» جنوب الصين تتجه الآن إلى تجريم تناول لحم الكـلاب والقطط والخفافيش، فقد استبعدت السلاحف والضفادع والثعابين من قائمة المنع لكونها أطباقًا من التراث الشعبى الصينى الذى يؤثر الشعار الذى يقول «كل ما هو حى يؤكل» بالهنا والشفا..
ولعل ما يجدر بنا نحن العرب أن نتيه به فخرًا هو الدور الذى لعبه الأطباء العرب فيما يعرف بالطب الوقائى من خلال التجربة والملاحظة والتوصيف والمشاهدة والأخبار المتواترة فى توصيف أعراض الأمراض الوبائية، ووضع نظريات وقوانين المواجهة التى تتضمن الحجر الصحى والعزل للمصابين عن الأصحاء، وإجراءات الوقاية من المرض، مثل منع استقبال أفراد أو سفن أو تجارة من بلاد ينتشر فيها وباء ما، وهى أساليب توصل إليها الأطباء مثل أبوبكر الرازى وابن سينا والخطيب وأبوقاسم الزهرى من خلال المنهج التجريبى الذى تناقض تمامًا مع المنهج الطبى الذى كان سائدًا فى العصور الوسطى ويعرف بالمنهج الجالينوسى، وكان يعتمد فى تفسير الأوبئة باعتبارها هواء فاسدًا أو حركة النجوم أو الأبخرة العفنة «المياسما».. وكان من نتيجة انتشار المنهج التجريبى ذى الأصول العربية الإسلامية أن طبقت مدن إيطالية مثل مدينة جنوا عام 1499 و1501 إجراءات العزل الجماعى لمواجهة مرض الطاعون، وكذلك طبقت فلورنسا وميلانو فى عامى 1374 و1450 إجراءات العزل، ومنع استقبال سفن التجارة لحماية السكان والتخلص بالحرق من ملابس المرضى، ودفن الموتى منهم فى أماكن نائية عن المناطق السكنية، ووضع قواعد للطواقم الطبية، كما طبقت أيضًا إجراءات العزل الجماعى للمناطق المصابة بالطاعون.. وإذا ما كانت إحدى شركات التكنولوجيا فى مقاطعة شنغهاى تقوم الآن بتصنيع غرف عزل لمرضى الكورونا مقاومة للرياح والزلازل محتفظة بالحرارة بتقنية جديدة تستخدم فيها الطباعة الثلاثية الأبعاد مع شحن تلك الغرف إلى مستشفى مدينة شيانينج المركزى بهوبى لحل الاحتياجات الملحة، وتبلغ مساحة غرفة العزل المطبوع نحو 10 أمتار مربعة وارتفاعها 2٫8 متر ويمكن عمل عشرات من هذه الغرف خلال 24 ساعة.. إذا ما كان التقدم التكنولوجى السريع داخل الصين ـ والذى من نتائجه افتتاح جامعة جديدة كل أسبوع طيلة السنوات الماضية ـ فليس ذلك بجديد على تاريخ الطب العربى الإسلامى، فقد قام الأمويون فى عهد الخليفة الوليد بن عبدالملك فى القرن الهجرى الأول بإقامة مستشفيات خاصة للجزام والعمى، وعرف العصر العباسى عشرات المستشفيات المتخصصة فى بغداد ودمشق والفسطاط، وكثر عدد المستشفيات مع الفاطميين والاخشيديين والأيوبيين، وكانت المستشفات عند العرب نوعين.. الثابتة والنقّالة، وفى كتابى «طبقات الأطباء» لابن أبى أصيبعة وكتاب «تاريخ البيمارستانات» لأحمد عيسى تفصيل لذلك كله، وجاء فى كتاب المقريزى فى وصف المستشفى المنصورى الذى بناه السلطان قلاوون فى القاهرة: «جعله للجند والأمير والكبير والصغير والحر والعبد والذكور والإناث، ورتب فيه الأطباء والأدوية وجعل فيه عددًا من الرجال والإناث لخدمة المرضى.. وأفرد لكل طائفة من المرضى موضعًا، فقاعة للبرص وقاعة مرضى الحميات وقاعة لأمراض المعدة، وينقسم إلى قسمين: واحد للرجال وآخر للنساء وجعل المياه تجرى فيه، وأفرد مكانا لخزن الأدوية ومكانا لرئيس الأطباء لإلقاء درس الطب وأوقف عليه ما يقارب ألف ألف درهم فى كل سنة».
أما المستشفيات النقّالة، أو البيمارستان المحمول، فهى أصغر حجمًا من الثابتة ويمكن نقلها من مكان إلى آخر وفقًا للحاجات والأمكنة والظروف وانتشار الأوبئة.. ويقول الدكتور أحمد عيسى فى كتابه «تاريخ البيمارستانات» إن العرب هم أول من أنشأ البيمارستان المحمول وهو مستشفى مجهز بجميع ما يلزم المرض والمداواة من أطباء وصيادلة وأدوية وأطعمة وشراب وملابس وكل ما يعين على ترفيه الحال على المرضى، وهو ينقل من بلد إلى آخر من البلدان الخالية من بيمارستانات ثابتة، أو التى يظهر فيها وباء مرض معد.. ويقال إن ابن ثابت (القرن الرابع للـهجرة ) هو أول من سيّر هذا النوع من المستشفيات..
ولأنه صاحب الكلمة العليا على العالم أجمع شرقا وغربا وشمالا وجنوبًا.. يقول لنا لا تخافوا فلا نخاف.. يصرح بأن القلق قائم نقوم نقلق.. يصمت فنضع أيدينا على قلوبنا.. يبتسم تضحك لنا الدنيا.. ينطق تتعلق أنفاسنا بشفتيه.. يعلنها وباء ـ وإن كان لم يعلنها بعد بل على شفا حفرة منها ـ نلطم الخدين ونصرخ بالحيّانى ويا سابعى يا ضابعى يا حارق مهجتى.. عزلوك يا حبيبى.. حجروا عليك يا حنين.. قفلوا عليك أسبوعين ضبّة ومفتاح.. الفيروس غلبك وانت اللى كنت فيهم.. «تيدروس» قال الإصابات طفيفة اللـه يعمر بيته.. حكمة «أدهانوم»: لا تهوّن ولا تهوّل.. حضرة المدير «غيبر ييسوس» شكر فى مصر وقال عنها شاطرة وملتزمة وحافظة الدرس وطلعت الألفة.. معالى الست الوزيرة الدكتورة هالة الفدائية على خط النار ماشية على كله مسطرة.
الدكتور تيدروس أدها نوم غيبرييوس مدير عام منظمة الصحة العالمية منذ 2017 من مواليد مدينة أسمرة فى 3 مارس 1965 خريج جامعات بريطانيا قائمقام معركة فيروس كوفيد (فيروس كورونا المستجد) وزير صحة أثيوبيا ما بين 2005 و2012 وبعدها من 2012 حتى 2016 وزير الخارجية ومنذ 2017 جالسا على مقعد منظمة الصحة العالمية كأول افريقى يتولى قيادة المنظمة فى تاريخها، والمتوقع له من بعد انتصاره على أخطر أعداء البشرية كورونا ـ يارب ـ أن يعتلى ولابد منصبًا أعلى وأكبر وأهم ـ لا أدرى ما هو ـ خاصة وقد صنفته مجلة نيوأفريكان البريطانية واحد من أكثر 100 افريقى نفوذًا وكانت مصر قد أعلنت تأييدها المبكر له عند ترشحه للمنصب.. دكتور تيدروس الذى بنى سمعته كعالم فى الملاريا قبل أن يصبح وزيرًا للصحة ليتلقى الأطفال فى عهده لقاحات منقذة للحياة وعلاج الأمراض القاتلة مثل الملاريا والالتهاب الرئوى وخلال خمس سنوات انخفض معدل وفيات الأطفال الأثيوبيين دون سن الخامسة بنسبة 28٪.. الحائط الصد فى مواجهة إعصار كورونا قال فى حواره الأخير مع مجلة تايم إنه كان لا يلتفت فى مسيرته إلى الكثير من الانتقادات، لكنه الآن يرى فى ذلك تجنيًا على الصواب، فقد كان عليه الأخذ بكثير منها على محمل الجد.. طبيب الموقع الهام سياسته السفر إلى المناطق الريفية.. إلى الناس الحقيقيين «أحب أن أرى المشكلة على الطبيعة وليس وأنا جالس داخل التكييف فى مكتبى بجنيف حيث مقر المنظمة» ويقول: «عندما أحصل على لحظات فراغ على ندرتها أسارع بقضائها مع زوجتى وأولادى الخمسة».. ابن أسمرة الأريترى المولد يتابعه الآن عبر الفيسبوك حوالى مليون و16 ألف متابع.. قام بإعلان حالة الطوارئ فى 31 يناير بعد شهر من ظهور كورونا رغم التعهدات الصينية باتخاذ ما يلزم للسيطرة.
ولأننا شعب يحب النكتة.. تعود التنكيت والتبكيت على كل شيء حتى على أخطر الأشياء، وأخطرها الآن الكورونا، ومن هنا كان تداول مثل هذه الطرائف من الكوميديا السوداء:
تحذير هام: شيللو الصينى من النيش!
تحذير هام: أعزائى الرجاء عدم لمس الأوراق النقدية من فئة الـ100 والـ200 جنيه وذلك بسبب انتشار فيروس كورونا الخطير على هذه الأوراق، وحرصا على سلامتكم نرجو وضعها فى أكياس متخصصة والاتصال بى أنا شخصيًا لجمعها والتخلص منها بالطرق التى أراها مناسبة.. ورقمى عندكم أعاننى اللـه على خدمتكم دائمًا وأبدًا.
ملاحظة: فئة الـ200 جنيه أكثر عرضة للفيروس..
مطلوب صينى أو كورى أو إيرانى أو إيطالى يعطس فى مقر جامعة الدول العربية وله الأجر والثواب.
عاجل جدًا: إصابة «.....» بفيروس كورونا.. مما أدى إلى وفاة الفيروس!
دار الإفتاء: بسبب فيروس كورونا نتوقع إلغاء الحج هذا العام.. ومحشش يسأل: بخصوص الصيام والصلاة فى شى أخبار؟!
عمرى ما حد نصحنى واتأثرت دايما كل تركزى فى إمتى يسكت!
عاجل: مصر للطيران: تشغيل رحلة أسبوعية للصين اعتبارا من 27 فبراير..
ــ لا متقوليش رايحين تجيبوا الفيروس بنفسيكو..
إلا قوللى يا حاج هو الراجل بيفضل أى نوع من الستات؟!
ــ أى نوع غير اللى معاه!
من هنا ورايح.. كمامتك على وشك.. ومناديلك فى جيبك باليمين وديتولك فى الشمال.. وسلامك بحواجبك.. واللى يضايقك اعطس فى وش أمه..
فين أيام ما كان اللى بيعطس بنقول له يرحمكم اللـه. النهاردة عطست فى المترو لقيت اللى جنبى بيقولى اللـه يحرقك.
وكنت أعشق قبلا لحن عطستها/ فعدت إن عطست ينتابنى الهلع
«أبو كمامة الكورونى»
إذا أحسست بأعراض الكورونا لا سمح اللـه وقبل توجهك إلى المستشفى اذهب إلى كل من ظلموك وخذهم بالأحضان وسامحهم.. المسامح كريم..
تفتكر سعادتك بنفطر عند الجحش، ونتغدا عند بحّة، وبنتعشى عند زيزو النتن.. حنخاف من كورونا ليه؟!
مرة بكتيريا بتسأل بكتيريا، بتسمعى أم جرثوم؟ قالت لأ بسمع فيروس..
رسميًا.. انتهاء الصلاحية للمثل القائل: اطلب العلم ولو بالصين.
للوقاية من كورنا: امضع فصين ثوم ع الريق، وافطر محشى كرنب.. هذا لا يساعدك فى شيء لكنه سيبعد عنك الناس مسافة كافية.
نشيد الصباح: مش هنسلم مش هنبوس مش هننشر الفيروس..
عاجل.. فرنسا تعلن عن حالة إصابة بـكورونا لمواطن فرنسى مرحشى مصر بس بيحبها..
حد يقوللى فين الشخص اللى ينحط ع الجرح يطيب كل اللى بعرفهم يجيبوا التهابات!
اللى قرفان من مراته يبلغ وزارة الصحة إن عندها كورونا هيحجزوها 14 يوم تريح فيهم أعصابك منها.. ربنا يقدرنى على فعل الخير..
مع اقتراب عيد الأم إيه رأيك تعملى مفاجأة لحماتِك وترجعيلها ابنها؟!!
لقيت واحدة كاتبة Oxymbella افتكرته فى الأول مضاد ضد الكورونا لكنى اكتشفت إنها بتحلف..
يعنى يوم ما نموت نموت بفيروس صينى مش أصلى!!
ياريت زى ما فيه دواء للبرد اسمه Cold and flu يكون فيه دواء للنسيان اسمه forget and etfo..
فرنسا: اكتشاف حالتين كورونا عائدتين من مصر..
كندا: اكتشاف حالة كورونا عائدة من مصر..
مصر: مفيش حاجة تيجى كده.. اهدى حبيبى كده
أم حسن تحكى لحفيدتها: زمان كنا نروح ع الدكان معانا خمسة قروش نجيب سكر وعيش وبن وجبنة وبيض وزبادى وشاى ولبن وصابون ومعلبات وتفاح وموز وعسل وسجاير وسمنة وحلاوة ورز ولمون وزيت ونرجع ع البيت مليانين بشيء وشويات..
البنت: طيب والأيام دى ياتيتا؟!
قالت لها: واللـه يا بنتى الأيام دى كل شيء اتغير.. بقى فيه كاميرات.
رئيس منظمة الصحة العالمية حاطط تلات ترابيزات بينه وبين رئيس الصين.. يا روح ما بعدك روح..
الصين: مفيش خروج من البيت
الكويت: مفيش دراسة
السعودية: مفيش عمرة
إيران: مفيش صلاة جمعة
مصر: مفيش قلق
فيروس كورونا يعلن أن مصر خالية من وزارة الصحة!
سألوها وهى على مشارف الثمانين..
هل تغيرت؟!
نعم.. أدركت جيدًا أن لا شيء سيتوقف بذهابى.. وأن الشمس من بعدى ستشرق والأولاد حيروحوا أشغالهم..
نعم تغيرت.
توقفت عن مساومة الباعة فلن تزيدك بعض القروش غنى لكنها قد تساعد البائع المسكين على توفير مستلزمات لأبنائه.
نعم تغيرت..
صرت أدفع ما يطلب منى دون انتظار للباقى، فقد تضع المبالغ الإضافية ابتسامة على وجه من يكد من أجل لقمة العيش بينما أصبحت أصغر لقمة تقف فى زورى وتكبس على معدتى.
نعم تغيرت..
تعلمت ابتلاع النقد رغم وضوح الأخطاء فلم يعد يهمنى أن يغدو الجميع مثاليين فالسلام مع الكل أفضل من الكمال الوهمى..
نعم تغيرت..
أصبح عالمى حول فراشى ومقعدى لأسافر للدنيا عبر الأثير وغدت الرحلات ذكريات تبخرها ذاكرة يبترها القطع الذهنى
نعم تغيرت..
تعلمت ألا تزعجنى بقعة على واجهة حقيبتى أو قطع فى جوربى فما أعكسه الآن فى بؤرة الاهتمام ليس مظهرى وإنما جوهرى فيما أنقله من خلاصة تجاربى.
نعم تغيرت..
مبقاش يهمنى مسألة السن لأن كل واحدة بتموت بيلطعوا سطرين بسنها الحقيقى جنب اسمها..
نعم تغيرت..
أصبحت باردة أمام أى عدوان يستنفرنى للدخول فى جدل عقيم.. أقول له انت صح.. انت عظيم.. انت اللى قتلت الوحش.. وانصرف بهدوء.
نعم تغيرت..
ذهبت لتعميق علاقتى باللـه والاستغفار والبحث عما يجلب لى السعادة، فالشهور قليلة والأسابيع رامحة والأيام دخان والمصل لم يزل فى خبر كان والكورونا غذاؤها كبار السن مرضى القلب والضغط وتصلب الشرايين ونقص المناعة.. وأنا صدرى ضيق وروحى فى مناخيرى ودمى بيغلى!

اللـهم إنى استودعتك مصر وأهلها.. أمنها وأمانها.. ليلها ونهارها.. أرضها وسماءها، فاحفظها ربى من كل سوء ومكروه.. اللـهم إنا نستودعك رجال مصر ونساءها وشبابها وأطفالها يا من لا تضيع عنده الودائع..


لمزيد من مقالات سناء البيسى

رابط دائم: