لا أحد ينكر أن المطرب تامر حسنى، منذ دخوله فى المجال السينمائى، استطاع أن يحقق رقما قياسيا فى المعادلة السينمائية .. صحيح أن كونه مطربا قد دعمه فى ذلك ، مثله مثل نجوم الغناء المصريين الآخرين الذين دخلوا السينما من أوسع أبوابها بسبب نجاحهم كمطربين بداية من محمد عبد الوهاب وأم كلثوم ثم فريد الأطرش وعبد الحليم حافظ ومحمد فوزى ومرورا بعمرو دياب ومصطفى قمر وأخيرا هو.
يحسب لتامر أنه ربما يكون المطرب الوحيد فى العصر المصرى الحديث الذى ظل محافظا على نجاحه السينمائى، عكس مطربين آخرين سبقوه فى النجاح السينمائى فى بدايتهم ولكنهم فقدوا بوصلة الاستمرار للنهاية مثل مصطفى قمر.
تامر حسنى فى فيلمه الجديد «الفلوس» يحقق حاليا أعلى إيرادات فى الوطن العربى ، بل وما حققه بالخارج أعلى بكثير مما حققه فى الداخل، مقارنة بفيلمه السابق «البدلة» الذى حقق إيرادات خيالية وقت عرضه فى العام السابق.
والسؤال: هل يرتقى هذا الفيلم «الفلوس» لنفس مستوى أفلام تامر السابقة؟.
فى الحقيقة، لا أرى أى قيمة لكثير من أفلام نجوم الشباك الحاليين ، فلا هدف لديهم ولا غرض سوى تحقيق إيرادات وحبذا لو كانت هناك متعة فى المشاهدة ولكنها تظل وقتية، وبمجرد خروجك من دار العرض تنسى تماما ما شاهدته قبل قليل ، وبالمرة تنسى الفيلم نفسه.
وفيلم «الفلوس» ربما لن تتذكر منه سوى القليل.
والقصة ببساطة شديدة تتحدث عن عصابة نصب يتزعمها خريستو وقام بدوره الفنان اللبنانى كميل سلامة، بينما يعد سليم «خالد الصاوى» وشريكه فى النصب «سيف» تامر حسنى أحد أعضاء تلك العصابة.
وينتمى الفيلم عموما لنوعية الجريمة والإثارة والغموض وهذه »التيمة« يفضلها دائما الجمهور، وبالمناسبة فالفكرة فى الفيلم جاءت جيدة غير أن تنفيذها لم يكن على نفس المستوى، إذا يظهر فى البداية سيف وسليم وهما معلقان فى مكان مرتفع ويبدو أنهما على وشك الوقوع.
ثم يعود بنا المخرج اللبنانى سعيد الماروق «فلاش باك» لتبدأ الأحداث بمشهد غاية فى السذاجة إذا يتعرف سيف على الفتاة الجميلة حلا » زينة » من خلال حيلة تم هرسها مرارا وتكرارا فى الأفلام عندما يخرج عليها بلطجية، ثم يأتى هو فى الوقت المناسب على أنه البطل الذى يقوم بإنقاذها، وتكون هديته على ذلك أن تصحبه معها إلى منزلها، وعندما تستيقظ فى الصباح تجد أن خزنتها قد سرقت بالكامل، وهنا تكتشف الحقيقة وأنها وقعت فى يد نصاب محترف الى أن تفكر بعدها فى استخدام سيف للإيقاع بشريكها النصاب سليم بمساعدة محاميها حامد «محمد سلام»، ثم يتضح بعد ذلك أن «سليم» أيضا هو من طلب من سيف النصب عليها ، على اعتبار علاقة الود والصداقة التى تجمع بالشريكين النصابين فسليم يعامل «سيف» على أنه ابنه، ونفس الشيء مع سيف الذى يعتبر «سليم» هو الأب الروحى له.. وينطلق الفيلم على هذا النحو »كله ينصب على كله، وبرغم أن هذا فى حد ذاته كان كافيا ليأخذنا إلى جو من المتعة والإثارة والشغف بمعرفة الأحداث إلا أن شيئا من هذا لا يحدث.. فالأحداث تسير فعلا والحيل تنجح بذكاء منقطع النظير، لكن ليس طبقا للمنطق ولا للنص الجيد المكتوب، وإنما لأن كل شيء معد مسبقا حتى وإن جاءت المشاهد غير مترابطة على الإطلاق، وحيل النصب ساذجة بل وسطحية وغير منطقية ، بمعنى «أهو ده اللى صار».
الفيلم كله مفصل خصيصا على مقاس تامر، فيما يبدوا وهذا ليس جديدا فكل النجوم يفعلون ذلك، لكن الغريب هو هذا التغيير المفاجئ الذى طرأ على تامر فبعد أدواره الرومانسية الكوميدية التى نجح فيها فى أفلامه السابقة نجده وقد قرر فجأة أن يغير من جلده ويلبس ثوبا جديدا فى فيلمه الجديد وهو »الأكشن« ، وربما يأتى هذا لرغبته فى مسايرة الموجة السائدة وطغيان موضة «الأكشن» على الأجواء السينمائية حاليا حتى وإن جاء الثوب الجديد غير لائق عليه.
يندرج تحت هذا أيضا أداء الممثلين الذى لم يكن على المستوى المتوقع ، وهذا طبيعى فى وجود نص غير واضح المعالم ، فتامر لا يعنيه سوى أنه يظل ذلك الشاب الوسيم «أبو دم خفيف» الذى وبمجرد طلعته تقع البنات على الفور فى حبه، ومثال على ذلك مشهد السيدة التى ظهرت فجأة فى «الملهى الليلى» وأرادت أن تتصور مع سيف فهذا المشهد لا يوجد له أى مبرر درامى سوى التأكيد على جاذبية تامر التى لا تقاوم من قبل النساء!
«زينة» أيضا لا تشعر بوجودها وكأنها وجدت فى الفيلم لتعجب فقط بتامر ، ومحمد سلام الذى من المفروض أنه وجد خصيصا للإضحاك، لم نجده متلبسا بشيء من هذا القبيل ، وكل ما هنالك كان مجرد «إيفيهات» لفظية وجنسية فقط تم تراشقها بينه وبين تامر.
وعائشة أحمد كذلك فهى تلك الصديقة الجميلة لحلا ولكن بلا أى ملامح وكأنها لم تكن، حتى الممثل اللبنانى وهو ممثل كبير إلا أن دوره لم يترك أى تأثير.. خالد الصاوى هو خالد الصاوى يستطيع دائما أن يفرض وجوده حتى وإن كان الدور لم يخدمه.. ضيوف الشرف أيضا من النجوم أمثال: أحمد السقا ومى عز الدين لم يمنحا الفيلم أى إضافة بوجودهما، سوى مجرد مجاملات ورد المعروف لبعضهم البعض ، فتامر ظهر فى مسلسل أحمد السقا «ولد الغلابة» فردها السقا له فى «الفلوس».
المخرج سعيد الماروق الذى يقدم ثانى تجاربه السينمائية فى فيلم «الفلوس»، بعد فيلمه السابق «365»، لم يترك لنا ولا لنفسه بصمة، حتى نجوم الفيلم لم يستطع السيطرة عليهم بل العكس ترك العنان لهم ليفعلوا ما يشاءون وما يحلو لهم.
ففيلم «الفلوس» لا يقدم نصائح ولا يناقش قضايا هو فقط مجرد فيلم لتامر حسنى ، ليثبت لنا فيه أنه لم يعد يكتفى بكونه مجرد مطرب عاطفى ولا نجم كوميدى، بل أصبح قادرا على منافسة نجوم «الأكشن» وربما يرى أنه قد يتفوق عليهم. والحقيقة أن فيلمه «الفلوس» ربما بسببه يعود للخلف!
رابط دائم: