رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

تلك الأيام
جمال حمدان وبرابرة الأتراك والتتار

ينبغى أن ننظر الى الأتراك والتتار بصفتهما برابرة الدولة الإسلامية، مثلما كان الجرمان برابرة الإمبراطورية الرومانية، وكما كانت روما تحاول تحييد برابرتها بتحويلهم الى المسيحية، كذلك فعلت الخلافة الإسلامية مع برابرة الأتراك والمغول بتحويلهم الى الإسلام. ومثلما أعاد البرابرة الأوروبيون الإمبراطورية الرومانية المقدسة كاستمرار بشكل ما للإمبراطورية التى حطموها، فسوف تنتقل الخلافة الإسلامية الى أيدى من حطموها أى الأتراك هذا ما يقوله العبقرى جمال حمدان فى كتابه استراتيجية الاستعمار والتحرير. متعجبا من تفوق قوة الرعاة الأتراك الذين هم بلا حضارة على منطقة زراعية راقية ذات أصول عريقة مثل مصر والشام.

لأنه إذا كان الاستعمار هو سيطرة حضارة راقية على حضارة متخلفة، فإن الاستعمار التركى للعالم العربى يبدو استعمارا عكسيا مقلوبا ولذلك جاء عقيم الإنجازات وقد جاء مرتديا مسوح الإسلام ثم قام بإبتزاز الدول التى احتلها وعصر مواردها وأرسلها الى عاصمته.

ولم تظهر تركيا على مسرح السياسة العالمية إلا بعد أن قفزت على خلافة الإسلام قفزا واغتصابا بل لم تجد مبررا لوجودها بعد ذلك إلا فى دعوى الإسلام. وأصبحت فى أخريات أيامها تبتز الدين لحساب السياسة، وتستغل الإسلام لتضمن بقائها السياسى.

وعمدت أن توهم الغرب بأن الباب العالى هو فى الحقيقة البابا العالى وذلك حتى تكسب هيبة دينية تدفع عنها الأخطار العسكرية.

وطبق الأتراك كما يقول حمدان فى حكمهم السياسى طريقتهم الأستبسية فى معاملة الحيوان، فهم انتقلوا من رعى قطعان الحيوان إلى رعى الإنسان:

وكما يفصل الراعى بين أنواع القطعان فصل الأتراك بين الأمم والأجناس عملا بمبدأ فرق تسد.

وكما يسوس الراعى قطيعه بالكلاب، كانت الانكشارية كلاب صيد الدولة العثمانية، وكما يحلب الراعى ماشيته، كانت الإمبراطورية بقرة كبرى عند الأتراك للحلب فقط.

وإن الدولة العربية انتهت على يد الغزو التركى وليس الغزو الصليبى.

كانت الدولة العربية قوية بقيادة مصر قبل مجيء العثمانيين وهى التى تصدت لغزو التتار والصليبيين الذى جاء على موجات متتالية. كانت مصر أقوى دولة عربية واستطاعت أن تهزم التتار فى عين جالوت بعد أن أسقطوا الخلافة الإسلامية فى بغداد. كما تصدت لحملات الصليبيين المتوالية وهزمتهم فى حطين ثم عملت على إخراجهم من الشام تماما بعد ذلك.

وعندما دخل الاحتلال التركى الى المنطقة فإنه سلبها روحها وقوتها، وعمل على نهب خيراتها، فدخلت البلاد فى طور طويل من الجمود والتخلف، خاصة بعد أن حرص الاستعمار التركى على عدم وجود سفارات أجنبية فى مصر حتى لا تخرج من عزلتها، وعندما جاءت الحملة الفرنسية على مصر وغزت القاهرة بالمدفع والمطبعة، قاوم المصريون المدفع لكن عيونهم انفتحت على الحضارة والتقدم.

كان الاحتلال الفرنسى على بشاعته حاملا لشعلة الحضارة. ورغم أن الحملة الفرنسية لم تبق فى مصر إلا حوالى ثلاث سنوات، لكنها كانت كافية لتثير خيال المصريين وعقولهم، بعد أن استطاعت البعثة العلمية المصاحبة للحملة كشف غموض حجر رشيد، وكذلك القيام ببحث علمى دقيق لكل أحوال مصر ووضعوه فى كتاب وصف مصر.

بينما قرنان من الاحتلال التركى أخذا مصر إلى الاضمحلال والجمود، وسرقة مقدراتها الاقتصادية والصناعية والفنية وحملها الى اسطنبول.

ويلاحظ أنه على الرغم من أن الولايات العربية كانت تشكل معظم مساحة الدولة العثمانية الا أنه لا يمكن أن تجد خلال هذه الفترة الطويلة عربيا بارزا فى أى مجال، فأيادى الأتراك كانت جاهزة لاختطافه كما فعلت مع الصناع المصريين المهرة الذين أخذتهم قسرا الى اسطنبول، وتحولت العواصم الكبرى كالقاهرة ودمشق وبغداد الى مصدر للجباية من قبل المحتل التركى بعد أن كانت تفيض بالثقافة والقوة والثراء. وهو ما يحاول أن يقوم به الآن التركى الأسود أردوغان عن طريق التسلل إلى ليبيا وسوريا، دون أن يعى أن ثقافة الشعوب تغيرت وأن أكاذيبه لا يصدقها أحد، وانكشاريته لا يخيفون حتى ولو أصبحوا إرهابيين مثل داعش والنصرة،

النصر للحضارة والتقدم وليس للإرهاب كما يعتقد أردوغان.
لمزيد من مقالات محسن عبد العزيز;

رابط دائم: