رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

القاتل الخفى فى اليمن..
الألغام تحصد الأرواح.. والحوثيون والجماعات المتطرفة أول المتهمين

إبراهيم العشماوى
> ‎خبراء المتفجرات يجمعون الألغام التى زرعها المتمردون الحوثيون فى مدينة الحديدة

الحرب اليمنية مستعرة وجبهاتها الكثيرة مشتعلة، يسقط فيها القتلى والجرحى يوميا بلا حساب . هناك حرب أخرى خفية تدور رحاها ضد الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى أنهم يعيشون على نفس الأرض ويجوبون تضاريس قريبة من ميادين القتال، يرعون الأغنام أو يلهون فى الساحات والشوارع أو يمرون بالطرقات والجبال مما يعرضهم للموت فى الحال، وفى أحسن الأحوال بتر أحد أو بعض أعضاء الجسد، وخلق عاهات مستديمة، ثمرة زرع الألغام الأرضية فى مناطق شاسعة باليمن .  

القصص مأساوية ومحزنة فى ظل توحش المتحاربين وتعمدهم تدمير كل حي، سواء البشر أو حتى الحجر ، وفى ظل وعى ضعيف بخطورة الألغام وإمكانات متواضعة حتى للعلاج أو تركيب أجهزة تعويضية . فهناك أحمد سلام أحمد الأصبحى 33 عاماً شاب من تعز، حلم منذ طفولته بابتكار مولد للكهرباء عن طريق الطاقة الكهرومائية لقريته الصغيرة، إلا أن حلمه تبعثر حين داس على لغم أطاح بأطرافه ، أما طيبة محمد مهيوب  18 عاماً، والتى تقطن منطقة جبل حبشي، فكانت ترعى الأغنام خلف منزلها وقبل زفافها انفجر لغم وأصبحت الأغنام أشلاء أمام عينيها، أما هى فقد فقدت قدميها، ولولا إصرار عريسها على إتمام الزواج لكانت حياتها جحيما . وسعيد عبد الله فقد والده فى أثناء ملاحقته الماشية، بعد أن انفجر فيه لغم وتوفى على الفور، واضطر سعيد إلى مغادرة المدينة لعله يجد عملا يمكنه من توفير لقمة عيش له ولأمه، بعد أن فقد والده ومصدر رزقه، ولم يسلم الأطفال بقرية الصفى عزلة البوكرة الوازعية من القاتل الخفي، ولقى 6 أطفال حتفهم وهم يلعبون، أكبرهم 12سنة وأصغرهم 7سنوات، بسبب انفجار لغم ايرانى أصاب أيضا 6 أطفال آخرين تم نقلهم إلى عدن، وفقا لمعلومات المركز اليمنى للتعامل مع الألغام .

> معاناة أحد ضحايا الألغام

 لا توجد خريطة للألغام والمناطق المتضررة فى اليمن، ولا يوجد حصر دقيق للضحايا والمصابين ،لكن أغلب المناطق التى وصل إليها الحوثيون سواء فى جنوب اليمن أو وسطه باتت حقول ألغام ،وخاصة محافظة تعز المنشطرة بين الجبهات المتصارعة ، كما أن الأطراف الأخرى والجماعات الإرهابية مسئولة أيضا . 

تقرير دولى يحذر

فى هذا السياق جاء تقرير منظمة «رايتس رادار» لحقوق الإنسان فى العالم العربى ومقرها أمستردام بهولندا ليكشف  صورة سوداوية عن جحيم الألغام فى حرب أكملت عامها الخامس. يؤكد التقرير الذى صدر قبل أيام بعنوان « حدائق الموت » أن الصراع المسلح الذى يشهده اليمن منذ 2014 ولا يزال مستمراً، جرت فيه أكبر عملية زرع للألغام الفردية والمضادة للمركبات والعبوات الناسفة والمتفجرة فى تاريخ اليمن الحديث ، حيث قتل 685 مدنياً وبعض العسكريين بسبب الألغام فى 18 محافظة يمنية وتصدّرت محافظة تعز قائمة الضحايا، بعدد 160 قتيلاً، تليها محافظة الحديدة 114 قتيلاً، ومن ثم محافظة البيضاء 94 قتيلاً.

وبحسب التقرير بلغ عدد الضحايا من الرجال 484 ومن النساء 67 امرأة، ومن الأطفال 134 قتيلاً، وبينما بلغ عدد القتلى من المدنيين بالألغام 609 قتلى فقد بلغ عدد القتلى من العسكريين 76 قتيلاً.

وتتهم المنظمة جماعة الحوثى بالمسئولية عن مقتل 580 ضحية، بينهم 104 أطفال و60 امرأة و 416 رجلاً، انفجرت بهم الألغام، تأتى بعدها جماعات مسلحة أخرى بينها تنظيمات متطرفة قتلت ألغامها 105 ضحايا، بينهم 30 طفلاً و 7 نساء و 68 رجلاً، مشيرة إلى أن الألغام تسببت فى وقوع 601 حالة إعاقة وإصابة، بينهم 427 رجلاً و 115 طفلاً و 59 امرأة.

وطالبت منظمة رايتس رادار، جماعة الحوثى المسلحة بتسليم خرائط كل الحقول والمناطق التى زرعتها بالألغام فى اليمن خلال السنوات الماضية إلى الحكومة اليمنية وإلى الهيئات والبرامج العاملة فى مجال نزع الألغام فى اليمن. ودعت الحوثيين إلى التوقف عن زراعة الألغام بكل أشكالها وأحجامها والكف عن صناعة العبوات الناسفة ومختلف أشكال المتفجرات، وتدمير مخزونها.

ودعت المنظمة أطراف الصراع فى اليمن إلى احترام التعهدات الدولية، بشأن حظر الألغام وعدم استخدامها فى كل الظروف، والالتزام بكل التعهدات ذات الصلة التى وقع عليها اليمن. وفى احصائية للحكومة اليمنية الشرعية ،فقد تسببت الألغام الأرضية التى زرعها الحوثيون بثلاث محافظات جنوبية هى عدن وأبين ولحج، بمقتل 98 شخصًا وإصابة 332 آخرين، فيما قدرت عدد الألغام التى زرعت فى المحافظات الثلاث بأكثر من 150 ألف لغم ولم ينزع منها سوى 70% فقط حتى الآن .

من جانبه كشف « المرصد اليمنى للألغام»، وهو مرصد غير حكومى يعنى بتوثيق ضحايا الألغام فى اليمن عن مقتل 484 مدنياً فى تعز، جراء الألغام التى زرعتها ميليشيات الحوثى ، لافتا إلى أن 18 مديرية من أصل 23 مديرية فى محافظة تعز ملوثة بالألغام وتسببت فى إعاقة المشاريع الاقتصادية والزراعية، وموجة نزوح كبيرة للسكان . وذكر المرصد اليمنى أن الحوثيين استخدموا فى تعز تقنيات حديثة من الألغام ذات شظايا تعمل بالمتحسسات الضوئية والكهربائية الحرارية، شظايا قطرية وشظايا موجهة .

التعامل مع الألغام

وتعمل الحكومة اليمنية من خلال المركز التنفيذى للتعامل مع الألغام بتعز، على التوعية بمخاطر الألغام والقذائف التى لم تنفجر فى المناطق المتأثرة، بالإضافة إلى المسح والدعم الطبى وكذلك دمج ضحايا الألغام فى المجتمع ،كونهم يعانون صدمات نفسية، كما توجد فى المركز فرق متخصصة بنزع الألغام . ويؤكد عارف القحطانى مدير المركز أن ضحايا الألغام فى محافظة تعز بلغ 484 قتيلا مدنيا، بينهم 162 طفلا، و117 امرأة و 205 رجال، و1245 مواطنا تعرضوا لإصابات وتشوهات وإعاقات، منهم 287 طفلا و193 امرأة و 765 رجلا.  وأنشأت السعودية عام 2018 مشروع «مسام» لنزع الألغام فى اليمن، فضلاً عن الجهود التى يبذلها مركز الأمم المتحدة الإنمائى ومنظمات أخري، كاليونيسف واللجنة الدولية للصليب الأحمر.

ويقول المهندس أحمد على سعيد من أعضاء الفريق «مسام «إن الفريق تمكن من جمع 40 ألف قذيفة غير منفجرة بمديرية المخا بالساحل الغربي، وبعض تلك القذائف عبارة عن قنابل وصواريخ خاصة بالطيران الحربى اليمنى استولى عليها الحوثيون وحولوها إلى عبوات ناسفة تستخدم لنسف جسور الطرقات وعبارات سيول الأمطار ومنازل المواطنين.

وأضاف أن الحقل الجارى العمل به هو بالأصل حقل ألغام أرضية، تبلغ مساحته أكثر من 22 ألف متر مربع، ويعتبر شديد الخطورة على اليمنيين، باعتباره منطقة رعى وزراعة ، إضافة إلى مرور طرق فرعية منه إلى القرى السكنية فى منطقة حيس بن علون التابعة لمديرية المخا ، واستطاع هذا الفريق حتى الآن تأمين 70% من مساحة الحقل الكلية ،تم انتزاع 150 لغما متنوعا منها .

وأعلن أسامة القصيبى مدير عام المشروع السعودى لنزع الألغام «مسام»، أن فرق المشروع تمكنت خلال الأسبوع الأخير من شهر يناير الماضى من إبطال 1581 لغما وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة ،ليرتفع بذلك عدد ما تمت إزالته خلال شهر يناير 7338 ،وبلغت جميع الأدوات المنزوعة منذ انطلاق المشروع وحتى نهاية شهر يناير الماضى 127483، تنوعت بين ألغام وذخائر غير منفجرة وعبوات ناسفة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق