عبدالرحمن رشاد رئيس الإذاعة الأسبق: تم إنشاؤها لغرض سياسى وتوقف بثها فى بداية عام 2000
تحولت إذاعة أم كلثوم الى قبلة للمصرين لسماع الفن الراقى الأصيل، ولا أحد يهتم ولا يعرف من أين تبث هذه الإذاعة، واين مقرها؟ فلا وجود لها فى مبنى الإذاعة المصرية القديم فى شارع الألفى، ولا حتى فى مبنى الإذاعة والتليفزيون «ماسبيرو»، قال البعض انها كانت تبث من منشية البكرى حيث مقر إقامة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، والبعض الآخر قال انها تبث من منطقة غير معلومة، والمعلومة التى أكدها الجميع، ان إنشاءها كان لغرض سياسى، وذلك بعد أن ضربت محطات الإرسال الاذاعى بأبى زعبل من قبل العدوان الثلاثى، فكان لابد من وجود إذاعة احتياطية وسرية حتى لا يتم ضربها مرة اخرى.
بينما يشير الاعلامى الكبير فهمى عمر رئيس الإذاعة الأسبق إلى أنه لا توجد لديه معلومات مؤكدة عن هذه الاذاعة وكل حدود معلوماته عنها أنها انشأت بغرض التشويش على الإذاعات الموجهة من إسرائيل، والتى كانت تبث معلومات وأخبارا مغلوطة.
حملنا كل هذه الأسئلة، وكل هذا الغموض، حول سبب إنشائها، ومكان بثها، وسبب توقفها، وذهبنا إلى الاذاعى الكبير عبدالرحمن رشاد رئيس الإذاعة الأسبق وعضو الهيئة الوطنية للإعلام على أمل أن نحصل على إجابات لأسئلتنا.. فكان هذا الحوار.
..............................................
فى البداية نريد أن نعرف طبيعة وسبب وجود إذاعة مستقلة تبث أغانى ام كلثوم؟
فكرة إذاعة أم كلثوم جاءت بعد العدوان الثلاثى وبعدما قصف الطيران البريطانى الإذاعة المصرية، لذلك تم تدارك الامور وبدأ التفكير فى تأسيس إذاعة على موجة متوسطة، تغطى القاهرة الكبرى، تبث فقط اغانى ولا شى آخر، ولم يكن مصدرها معلوما، البعض قال انها تبث من منشية البكرى مقر أقامة الرئيس جمال عبدالناصر، بدأت الإذاعة بدون مذيعين، يبدأ بثها فى تمام الساعة الخامسة بأغنية لأم كلثوم، ثم محمد عبدالوهاب ثم فريد الاطرش ثم نجاة الصغيرة ثم عبدالحليم حافظ و فايزة احمد وشادية وتختتم اليوم بحفلة من حفلات أم كلثوم، وكان القائمون عليها يستعينون بالأغانى من ماسبيرو، حتى توقف بث الإذاعة تقريبا فى بداية عام 2000
إذن كان الغرض من إنشائها سياسيا؟
- كل الإذاعات المصرية فى أوقات الحرب كانت تستخدم لبث الشفرات، مثل ما حدث فى حرب تحرير الجزائر وكانت إذاعة صوت العرب تبث شفرات لجنوب اليمن، وكذلك كانت تبث شفرات للثوار فى العراق وللفدائيين فى فلسطين، وكانت إذاعة أم كلثوم بمثابة إذاعة احتياطية فى حال حدث - لا قدر الله - اى هجوم على الإذاعة الرسمية.
نفهم من ذلك أن التكتم الامنى كان مقصودا؟
- هذه حقيقة، فقد أنشئت الإذاعة لغرض سياسى وبشكل أمنى ولم يكن للإذاعة المصرية أى علاقة بها، وطوال فترة عملها كانت تبث من خارج ماسبيرو، و كان الناس يستمعون لها باعتبارها إذاعة غنائية متخصصة، ولم يكن أحد يسأل عن مصدرها.
إذن لم يكن هناك أى تنسيق او عمل بين المهندسين او الفنيين العاملين فى الإذاعة؟
بالتأكيد كان هناك تعاون، لكن ذلك كان يتم بصورة غير معلنة، ويتم اختيار العاملين فيها بتدقيق شديد.
لماذا تفتتح أم كلثوم البث وتنهيه، رغم أنه كان هناك فى ذلك الوقت مطربون عظام منهم محمد عبدالوهاب وعبدالحليم ومحمد فوزى؟
-لان أم كلثوم كان لها مستمعون كثيرون فقد كانت تعبر عن كل أطياف الشعب فهى من قال عنها الكاتب الكبير نجيب محفوظ: «أم كلثوم جاءت كنعمة للحياة»، وكتبت عنها جريدة التايمز البريطانية أنها استطاعت أن تجعل العرب يتوحدون وينسون خلافاتهم يوم الخميس ليستمعوا لها، فأم كلثوم بالتحديد كانت حالة خاصة جدا
كيف كانت أم كلثوم تتعامل مع الإذاعة؟
- «الست» كانت نجمة الإذاعة الأولى، مع محمد عبدالوهاب وصالح عبدالحى والقاريء الشيخ محمد رفعت، فكانت تحرص على ان تذاع حفلاتها على الهواء فى الإذاعة، حتى بعد ظهور التلفزيون، كان يتم تسجيل الحفلة وتذاع فى اليوم التالى، وكانت تتقاضى من الإذاعة ٥٠ جنيها على الحفلة، فقد كانت وفية جدا للإذاعة، لأنها أول مطربة مصرية تم اعتمادها إذاعيا فى عام ٣٤، والعقد مع الإذاعة كان بالنسبة لها مريحا جدا.
كيف كانت علاقتها بالإذاعيين؟
- كانت تأتى بنفسها لمبنى الإذاعة، وتجلس مع فنيى الإذاعة الذين قاموا بتسجيل الحفل، وكان أشهرهم الأستاذ عبدالعزيز قنديل، كانت تجلس معه لتسمع عدد مرات الإعادة عدد التصفيق عدد مرات الاستحسان. كما كانت تحرص على أن تعطى للمذيع قبل صعودها على المسرح نص الأغنية، اذا كانت تغنى اغنية حديثة، وكانت تربطها علاقة صداقة قوية بالإذاعى الكبير جلال معوض الذى كان يحرص دائما على أن يقرأ كلمات الأغنية على الهواء قبل ظهور ام كلثوم على المسرح، وكان يتمتع بصوت ثورى جميل فأرسلت له ام كلثوم من يقول له «قولوا لجلال معوض ميغنيش قبل ام كلثوم»، كانت أم كلثوم متابعة لكل صغيرة وكبيرة تخصها لدرجة ان الاذاعى الكبير حسنى الحديدى أخطأ فى قراءة كلمة فى قصيدة» سلو كؤوس الطلا» وكان مطلع القصيدة يقول» واستخبروا الروح هل مست ثناياها» قرأها «واستخيروا» فأرسلت لحسنى الحديدى من يقول له انه أخطأ فى قراءة القصيدة، وصححت له الكلمة، وكان لها موقف طريف مع الاذاعى الكبير فهمى عمر عندما كان يقدم لها احدى حفلاتها قيل لها «هو دا المذيع الصعيدى» فبدلا من أن تقول له «سعيدة» قالت له «صعيدة»
ما حقيقة عدم إذاعة أغانيها بعد الثورة؟
تعرضت للمنع لفترة قصيرة جدا وعندما سأل الرئيس جمال عبدالناصر قيل له تم منعها، فقال لهم طالما قررت منع اغانى ام كلثوم من الإذاعة عليكم ان تهدموا الهرم تردموا النيل، فعادت ام كلثوم للغناء، وقد جمعتها والرئيس عبدالناصر علاقة ود وتقدير، فمنحها فى عيد التعليم فى عام ١٩٦٢ جائزة الدولة التقديرية للفنون ووسام الجمهورية للعلوم والفنون وغنت له اجمل الأغنيات،فقد كانت أم كلثوم وعبدالناصر والاذاعة الثالوث الذى لعب دورا مهما جدا فى نشر فكرة الثورة، فغنت لثورة ٥٢ وكان صوت وأغانى ام كلثوم وعبدالحليم تترجم عبارات تاتى فى خطاب عبدالناصر
هل اقتصر دور الإذاعة على إذاعة اغانى ام كلثوم على الهواء ام كانت هناك متابعات لأجواء الحفل؟
كانت كل إذاعة من الإذاعات متخصصة بالاهتمام بجانب من الجوانب فمثلا إذاعة الشرق الأوسط كانت تهتم بأجواء الحفل والمسرح مثلا مع من تجلس ماذا شربت قبل صعودها المسرح، وتقديم وصف دقيق للمستمع لما ترتدى، اما البرنامج العام فكان يهتم بالقصيدة والملحن، وإذاعة صوت العرب كانت تتابع حفلات البث فى الدول العربية فتنقل للمستمع، من من القادة والسياسيين يحضر الحفل كيف كان الاستقبال فقد كانت أم كلثوم مؤسسة تدعم الإذاعة، وبرغم وفاة ام كلثوم منذ عام ١٩٧٥ وبعدما نقلت الإذاعة الكثير من الحفلات، إلا أنها ظلت يقال عنها إذاعة أم كلثوم.
رابط دائم: