-
المتحدث باسم وزارة الزراعة: تطبيق منظومتى «الباركود وكارت الفلاح» يمنع التلاعب
-
المزارعون: فرق سعر «شيكارة اليوريا» 100 جنيه.. والسماد يمثل 25% من تكلفة الزراعة
انهالت طلبات الإحاطة والأسئلة على لجنة الزراعة بمجلس النواب خلال الأسبوعين الماضيين، وطالب النواب بإيجاد حلول عاجلة لمشكلات السماد. فأزمة السماد ليست وليدة اليوم ولكنها قديمة منذ قرابة 15 عاما، حيث يعانى صغار المزارعين عدم توافر احتياجاتهم من السماد ويضطرون إلى شرائها من السوق السوداء بزيادة 100 جنيه فى «سعر الشكارة» أى حوالى 2000 جنيه فى الطن.. وباتت السوق السوداء تسيطر على 35% من تجارة السماد وهو ما يعصف بآمال الفلاحين فى تحقيق ارباح من العملية الزراعية..
واتفق المزارعون والخبراء على أن السبب وراء الأزمة وجود سعرين للسماد أحدهما مدعم بالجمعيات وشون البنك الزراعى والثانى بالسوق السوداء وتلاعب بعض مسئولى الجمعيات والشون فى تهريب الاسمدة بل ان بعض المصانع تتهرب من توريد الكميات المقررة..الامر الذى يتطلب توحيد الاسعار وان يطبق الدعم على المحاصيل لضمان وصوله الى مستحقيه.. اما وزارة الزراعة من جانبها، فقد نفت وجود أزمة وأكد المتحدث باسم الوزارة توافر كميات كبيرة من السماد بمنافذ البيع.. «تحقيقات الأهرام» تناقش أزمة السماد بحثاً عن إيجاد حلول لإصلاح هذه المنظومة الحائرة بين الجمعيات الزراعية والسوق الحرة:
فى البداية.. يقول محمد برغش الملقب بالفلاح الفصيح: إنه منذ عام 2007 وحتى الآن لم يتسلم أى فلاح مقررات السماد حسب التركيب المحصولى الصادر عن مركز البحوث الزراعية التابع لوزارة الزراعة، الأمر الذى أجبر الفلاحين على التحول لزراعة المحاصيل الاستثمارية، فعلى سبيل المثال فى الصعيد تم تحويل قرابة 25% من المساحة المزروعة قصبا إلى زراعات استثمارية كالموز والمانجو تتحمل تكلفة شراء السماد من السوق السوداء لان وزارة الزراعة لم تف بصرف ما قررته من سماد لهم واخذ الفلاح الخيار الذى يعود على الدولة بخسائر كبيرة من ناحيتين الأولى التخلى عن زراعة محصول استراتيجى والثانى زراعة محاصيل تستهلك كميات كبيرة من المياه الأمر الذى يزيد حجم الفجوة فى المعروض من السكر.
ويرى الفلاح الفصيح ان الحل يتمثل فى قيام الجهات المسئولة عن التوزيع والشركات المنتجة والوزارة فى وضع آلية سهلة لإغلاق الباب فى وجه السوق السوداء والسيطرة على الأسعار، وذلك مثل التى تم تطبيقها فى المحروقات من بنزين وسولار منذ سنوات وتتمثل فى وضع أجهزة تتبع «جى بى إس» على السيارات المحملة بالأسمدة من الشركات للتأكد من وصولها إلى الجمعيات أو شون البنك الزراعى.
السوق السوداء
وباعتبارهم المستفيد الأول من السماد، التقينا أشرف محمود ــ أحد مزارعى القصب بمركز ابو تشت بمحافظة قنا ـ الذى قال: إن هناك ارتفاعا غير مبرر فى أسعار الأسمدة ووصل سعر «شكارة اليوريا» إلى 270 جنيها بالسوق السوداء رغم أن سعرها فى الجمعية الزراعية 170 جنيها، وإن من يلجأ إلى السوق السوداء هم من ليست لديهم حيازة أو المستأجرون أو من لديهم أراض مستصلحة وهم يزرعون حوالى نصف الأرض، ويمثل السماد بالنسبة لهم حوالى 25% من تكلفة الإنتاج، مشيراً إلى أن تجار السوق السوداء يحصلون على السماد إما من الفلاحين أصحاب الحيازات الزراعية الذين قاموا بتأجير الأرض أو الذين قاموا بتبويرها لتحويلها إلى مبان أو من بعض موظفى الجمعيات وشون البنك الزراعى «معدومى الضمير» والذين يعملون كحلقة وصل بين أصحاب الحيازات الوهمية وتجار السوق السوداء، مقابل حفنة من الجنيهات «عمولة» أو يقومون بالاستيلاء على جزء من حصص أصحاب الحيازات الصغيرة ويماطلون معهم بحجة عدم وجود كميات كافية أو أن الوزارة لم تقم بتوريد الكمية كاملة، حتى لو اشتكى الفلاح فبعد تحقيق طويل قد ينتهى الأمر بلفت نظر أو خصم عدة أيام من الراتب وذلك مقابل أرباح بالآلاف يتحصّلون عليها من تجار السوق السوداء.

اكتفاء ذاتى
أما حسين أبو صدام ـ نقيب الفلاحين فيرى أن لدينا اكتفاء ذاتيا من الأسمدة وأن المصانع تقوم بتوريد 55% من إنتاجها لوزارة الزراعة بسعر التكلفة لتوزعه على الفلاحين فى صورة أسمدة مدعمة فى موسمين، حيث يتم توزيع 60% منها فى الموسم الصيفى من خلال فروع البنك الزراعى والجمعيات الزراعية والتى يصل عددها إلى 6334 جمعية تقريبا تابعة لنحو 28 مديرية زراعية بأسعار 3290 جنيها للطن أى بتكلفة «167 جنيها للشكارة»، فيما يصل سعر طن فى السوق الحر الى5600 جنيه.
وأضاف أبو صدام أن مشكلة الأسمدة تكمن فى وجود سعرين متضاربين، مما يغرى فرق السعر بعض أصحاب النفوس الضعيفة سواء من القائمين على عملية التوزيع او من المزارعين الذين يتسابقون على الحصول على الأسمدة المدعمة وبيعها فى السوق السوداء، مشيراً إلى أن بعض شركات الأسمدة تتحايل بأكثر من طريقة لعدم توريد الحصص المتفق عليها مع الوزارة طمعا فى زيادة الأرباح، لذا فان مشكلة الأسمدة تكمن فى كيفية التوزيع والوصول إلى المستحقين من المزارعين، مشيراً إلى أن وزارة الزراعة تسعى جاهدة للتغلب على هذه التحديات من خلال الضغط على شركات الأسمدة لتوريد حصصها بكل السبل حتى وان اتجهت لوقف تصدير الأسمدة من بعض الشركات التى لا تلتزم بتوريد الحصص المتفق عليها، ويجب تطبيق منظومة رقابية جديدة تعمل بنظام «الباركود» لمراقبة وتتبع الأسمدة منذ خروجها وحتى وصولها للمزارع، وأيضاً من خلال الرقابة على المزارع الذى يزعم بزراعة محصول معين لزيادة الأسمدة التى تصرف له أو يكون مالكاً للأرض ولا يقوم بزراعتها مع التشديد على تسليم الأسمدة المدعمة على رأس الحقل وتفعيل نظام الحصر لمعرفة نوع المحصول والقائم الفعلى على الزراعة.. ولكن يظل الحل الأفضل هو تحرير سعر الأسمدة للحد من عمليات التلاعب ووقف تسرب الأسمدة المدعمة إلى السوق السوداء.
وفرة الإنتاج
فيما يقول عادل فاضل ـ نائب رئيس الجمعية المصرية لتجار الأسمدة إنه لدينا وفرة فى الإنتاج وأن السبب فى وجود السوق السوداء وجود سعرين أحدهما مدعم يُباع فى الجمعيات الزراعية وشون البنك الزراعى والآخر حر الموجود بالشركات المنتجة والسوق السوداء، والفارق بين السعرين يتراوح ما بين 1500 و2000 جنيه، الأمر الذى يتطلب البيع بسعر واحد على أن يحصل الفلاح على دعم الأسمدة فى أسعار المحاصيل لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه وهناك آلاف التجار الذين لديهم تراخيص مزاولة مهنة تجارة السماد بشكل رسمى ولديهم شون وعمالة وتحتاج إلى الدخول فى السوق بشكل رسمى ومنافسة الجمعيات والبنك فى تقديم خدمة أفضل، سواء سياسة البيع أو المواعيد، فالتاجر يستطيع منح الفلاح السماد فى أى وقت من اليوم دون التقيد بأوراق أو مستندات، كما أن الجمعيات والبنك يقومان بإعطاء الفلاح السماد بالتقسيط.
وأضاف فاضل أن التفاوت فى الأسعار موجود منذ عشرات السنين مع بداية عمل «السوق السوداء» التى يصل حجم سيطرتها على السوق بنسبة تصل إلى 35% من حجم سوق السماد أى أن التعاملات فيها تصل إلى المليارات دون أن تستفيد منه الدولة، مشيرا إلى انه رغم اقتناع عدد كبير من مسئولى وزارة الزراعة خلال السنوات العشرين الماضية بأهمية تحرير تجارة الأسمدة للقضاء على السوق السوداء وضمان وصول الدعم إلى المستحقين بشكل آخر فى دعم أسعار المحاصيل.
لا غنى عنها
فيما يقول الدكتور إبراهيم درويش أستاذ ورئيس قسم المحاصيل بكلية الزراعة جامعة المنوفية أن الأراضى المصرية رملية فى الأساس وعلى مر آلاف السنين كان النيل يأتى محملاً بالطمى الذى أسهم فى تكوين الأراضى الزراعية، ومنذ إنشاء السد العالى حُجب الطمى عن الأراضى المصرية لذلك يلجأ الفلاحون للأسمدة تعويضا عن ذلك وطبيعى أن يزيد هذا الاعتماد كل عام عن الآخر لذلك فعملية التسميد تتم بهدف زيادة خصوبة التربة ورفع الإنتاج الزراعى وهى وسيلة فعالة لنمو النبات بصورة جيدة ورفع مقاومة النبات للإجهادات البيئية المختلفة والحد من استخدام المبيدات الكيميائية بغرض الحصول على أعلى إنتاجية وبقيمة غذائية ذات جودة مرتفعة وآمنة، هذا بالإضافة إلى أن المزارع المصرى كان يقوم بعمل سماد عضوى بمهارة من خلال حظائره التى كان يفترشها بالأتربة الجافة من الحقول ثم يجمعها بعد ذلك على رؤوس الحقول ويخزنها لعدة أشهر فقد كانت تتحول إلى سماد عضوى جيد يشبه إلى حد كبير ما يسمى «الكومبوست» حالياً.. وبالتالى فقد كانت الأرض الزراعية لا تحتاج إلى إضافة الأسمدة الكيماوية أو غيرها من المخصبات الزراعية.
ولكن أدى بناء السد العالى إلى حجز الطمى خلف السد وبالتالى حرمان الأرض من مورد مهم للخصوبة بالإضافة إلى تحويل الزراعة المصرية إلى من رى الحياض والتى كان يتم زراعة الأرض فيها مرة واحدة فى العام إلى الرى الدائم، وبالتالى زاد التكثيف الزراعى وزراعة الأرض أكثر من مرة فى العام فى الوقت الذى قل معه الطمى وأيضا تغيرت ثقافة المزارع وغير شكل حظائره وانخفض إنتاج الأسمدة العضوية المتكونة من روث الحيوانات والتربة التى كان متعارفا عليها، مما أدى إلى استنفاذ العناصر الغذائية من الأرض اللازمة لنمو وإنتاجية النباتات تنتج النباتات الخضراء غذاءها من خلال عملية التمثيل الضوئى.
ولذلك يقول الدكتور درويش إن التسميد أصبح من أهم العمليات الزراعية بغرض تعويض النقص من العناصر الغذائية فى التربة الناتج عن امتصاص النباتات لهذه العناصر حتى يستطيع أن يجد النبات كل احتياجاته والتى تمكنه من النمو الجيد ويحقق أعلى عائد من الإنتاج، ويزداد الأمر حدة من عام إلى آخر بتكرار الزراعة وزيادة الاستنزاف فلابد من تعويض الفقد من العناصر الغذائية عن طريق إضافة الأسمدة والذى أصبحت كمياته تزداد من عام إلى آخر مما أدى لزيادة التكلفة الاقتصادية.
لا صحة لوجود عجز
كل هذه الأمور نقلناها إلى المسئولين بوزارة الزراعة، حيث أكد الدكتور محمد القرش المتحدث الرسمى باسم الوزارة أن ما يتردد فى بعض المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعى بشأن وجود عجز فى توافر الأسمدة الزراعية الشتوية بالجمعيات الزراعية بعدد من المحافظات أمر غير حقيقى، مشيراً إلى أن جميع الأسمدة متوافرة بشكل طبيعى بجميع الجمعيات الزراعية وتكفى احتياجات المزارعين، وأنه قد تم صرف وتوزيع الأسمدة الشتوية لمعظم المحاصيل، مشيراً إلى أن ملف توزيع الأسمدة يحظى بمتابعة دقيقة ومستمرة من قبل الوزارة بدايةً من خروجه من المصنع وحتى وصوله إلى الجمعيات بمختلف المحافظات وتوزيعه على المزارعين.
وفى إطار حرص الدولة على توفير الأسمدة وكل المقررات الزراعية للمزارعين يقول القرش إنه يتم مشاركة 4 قطاعات فى عمليات التوزيع، وهم «الائتمان والإصلاح الزراعى والأراضى المستصلحة والزراعية للتنمية الريفية»، وذلك للمرور الدورى على جميع المحافظات لمتابعة حركة توزيع الأسمدة ورصد أى شكاوى فى هذا الشأن، كما أن هناك لجانا فنية ورقابية لمتابعة عمليات التوزيع لمنع تسرب الأسمدة المدعمة إلى مافيا تجارة السوق السوداء، وإجراء معاينات فعلية على أرض الواقع لمنح الأسمدة للمزارعين ممن يقومون بزراعة الأرض فعلياً وليس لمجرد امتلاك الحيازة فقط، بالإضافة إلى تشكيل غرف عمليات للتوزيع بكل محافظة تتبع الغرف المركزية بالوزارة، لضمان بيع الأسمدة بأسعارها الحقيقية.
وأضاف المتحدث باسم وزارة الزراعة أن تطبيق منظومة «الباركود» أسهم بشكلٍ كبير فى الحد من عمليات التلاعب والتهريب أثناء نقل المقررات، وذلك بعد اعتماد بوليصة شحن الأسمدة بختم «رئيس مجلس إدارة الجمعية الزراعية»، وباركود الختم المخصص لمدير الجمعية الزراعية وأمين المخزن، حتى يتثنى لهم اعتماد بوليصة شحن الأسمدة بعد وصولها إلى مقر الجمعية، ويتم تسليم سائق السيارة المحملة بالأسمدة بوليصة الشحن لتسليمها إلى المصنع بوصول الشحنة، بالإضافة إلى المتابعة الدورية من قبِل لجان المتابعة حول صرف الأسمدة بالجمعيات الزراعية، إضافة إلى وجود منظومة كارت الفلاح التى يجرى العمل على تطبيقها حاليا بعد نجاح التجربة فى محافظتى الغربية وبورسعيد.
وتهيب الوزارة بوسائل الإعلام المختلفة ومرتادى مواقع التواصل الاجتماعى تحرى الدقة والموضوعية فى نشر الأخبار المتعلقة بأنشطة الوزارة، والتواصل مع الجهات المعنية بالوزارة للتأكد قبل نشر معلومات لا تستند إلى أى حقائق، وتؤدى إلى إثارة غضب المزارعين، وفى حالة وجود أى استفسارات أو شكاوى تتعلق بصرف الأسمدة على مستوى كل المحافظات يرجى الاتصال على الأرقام التالية (0233373421 - 0233373359).
رابط دائم: