من المعانى الكثيرة المهمة التى ينبغى التوقف أمامها فى التظاهرات الحاشدة فى عدة مدن وقرى بالهند احتجاجاً على قانون الجنسية الجديد، أن أهم الحجج التى يطرحها الآلاف من الأكاديميين والطلبة والنشطاء فى المجتمع المدنى وبعض الأحزاب السياسية، أن القانون الجديد يقصر حق منح الجنسية على غير المسلمين من المهاجرين غير الشرعيين المضطهدين القادمين إلى الهند من بنجلاديش وباكستان وأفغانستان، أى أنه يحرم المسلمين تحديداً! ويقول المتظاهرون الهنود، وأغلبيتهم غير مسلمين، وفى التظاهرات التى انطلقت فى مناطق لا يقطنها أغلبية من المسلمين، إن هذا القانون يتعارض مع دستور البلاد العَلمانى الذى لا يُفرِّق بين الناس على أساس دينى، وإنهم يرفضون القانون لأنه ينتقص من حقوق المسلمين ولا يساوى بينهم وبين غيرهم من أصحاب الديانات الأخرى، وإنه يجب الالتزام بالدستور كحل للتمييز الذى يحرم به القانون المسلمين. وقال المحتجون إن الأخذ بهذا القانون يهدد الأساس العلمانى الذى تقوم عليه الدولة، والذى يضمن المساواة بين أصحاب الديانات المتعددة، وأدانوا نزوع الحكومة إلى فرض هوية دينية واحدة على الدولة، بما يؤجج صراعات تعرض البلاد لأخطار طحنتها فى السابق فى مدى زمنى ممتد، ولم ينقذهم منها سوى الدستور العلمانى، ويُحذِّرون من أن التهاون مع القانون الجديد سوف يُدخِلهم فى دوّامات مخيفة..إلخ.
من الملاحظات الكثيرة، أن التظاهرات ليست مقصورة على المسلمين، وإنما ضمت آخرين، ومنهم من قال إنه يعترض ليؤكد مبدأ المواطنة الذى تقوم عليه البلاد، والمنصوص عليه فى الدستور، لأن هذا هو الضمانة التى تحمى كل أصحاب الديانات المتعددة.
ملاحظة أخرى، أن الحزب القومى الهندوسى الحاكم، الذى وقف وراء إصدار القانون، والذى يضع على رأس أولوياته إرضاء قواعده الجماهيرية من الهندوس، يسعى إلى فرض القانون مع تهدئة الأوضاع بزعم أن القانون لن يؤثر على أى مواطن فى الهند، برغم أنه صدرت تعليمات من البنك المركزى بتعميم إجراء تحديد الديانة فى التعاملات مع البنوك، بما يعنى تبييت النية على حرمان البعض، أو وضع عراقيل أمامهم، فى الخدمات المصرفية..إلخ.
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب رابط دائم: