يجب أن نضع حداً للتساهل الذى يحظى به القَتَلَة فيما يسمونه جرائم الشرف، حيث يقتصر الاستثناء بإيجاد الأعذار للرجال، الذين يَفترض لهم أصحابُ العقلية الذكورية أنهم يدافعون عن شرفهم، إذا اقترفوا جرائم القتل بالخنق والذبح..إلخ، ضد نسائهم إذا ضبطوهن متلبسات بممارسة غير شرعية، أو حتى دون ضبط ولكن بمجرد أن تحوم حولهن الشبهات! وهو تواطؤ يشارك فيه آخرون بالمزايدة فى إدانة الضحية والتعاطف مع المجرم بعد جريمته، كما أن الأحكام فى الجريمة قد تصدر مخففة امتثالاً للمفاهيم نفسها! وكما ترى، فإنها أفعال مُتعارِضة مع الأسس التى تقوم عليها الدولة الحديثة، التى لا تقبل أن ينوب عنها أحد فى إصدار الأحكام وفى تطبيق العقوبات، وإضافة إلى هذا الرفض المبدئى، فإن هذه الأفعال دليل على عِلل العقلية الذكورية، التى ترفض أن تمنح المرأة الحق نفسه الذى تعطيه للرجل، فلا تقبل منها أن تدافع عن الشرف إذا اقترف رجل من ذويها نفس الأفعال نفسها التى يعتبرها الرجال شائنة إذا فعلتها المرأة!
وكان آخر هذه المآسى الأسبوع الماضى، لفتاة بائسة شارك فى ذبحها أبوها وشقيقها، وتركا جثمانها يتعفن على طريق العين السخنة القديم، وتمكنا من الهرب ولكن لبضعة أيام فقط، حيث نجحت قوات الأمن فى اكتشاف هويتيهما والقبض عليهما، فاعترفا بجريمتهما تفصيلاً، حيث تبين الظلم الذى تعرضت له الفتاة، عندما فُرِض عليها الزواج بمن تعترض عليه، ولما حدث المتوقع، ودبت الخلافات مع زوجها، ولم تجد من يساندها، هربت من منزل الزوجية، وهو ما لم يطقه زوجها فطلقها، أما أبوها وأخوها اللذان أجبراها على الزواج فقد اعتبرا هروبها عاراً لا يمحوه إلا أن يذبحاها بأيديهما.
لا يجد أصحاب العقلية الذكورية عيباً فى فرض الختان على طفلتهم فى سن لا تعى فيه من أمرها شيئاً، ولا فى إجبارها على الزواج ممن لا تقبله، بل إنهم يتباهون بأن البنات عندنا «ما لهمش رأى فى الحاجات دى» كما أنهم يتلبسهم العار إذا حاولت ابنتهم النجاة بنفسها من جحيم زواج فاشل.
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب رابط دائم: