رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الشيخ الشعراوى الإنسان

قابلت الإمام الراحل الشيخ محمد متولى الشعراوى مرة واحدة فى حياتي, كانت فى صالة كبار الزوار فى مطار القاهرة الدولى قبل سفره إلى الخارج على متن طائرة خاصة إلى سويسرا، وكان معه الإعلامى الراحل احمد فراج مقدم برنامج نور على نور الشهير، يومها حرصت على أن أجرى معه حوارا وكان كريما كعادته متواضعا لم يرفض أو يعتذر.

وأجاب عن أسئلتى ولسبب ما لم أنشر الحوار, وقد تكون إجابات الشيخ الشعراوى التى مر عليها أكثر من 27 عاما كاشفة .

كان السؤال الرئيسى فى الحوار عن النقاب بعد أن انتشر فى الشارع بشكل مفاجئ وكثرت الفتاوى حوله, حيث سألته ما شرط الإسلام فى ارتداء المرأة النقاب؟ كانت إجابته يرحمه الله سريعة وقاطعة حيث قال: إن النقاب غير مفروض وغير مرفوض.

وسألته عن الشباب وما الذى يجب عليه أن يتحلى به ؟ فقال الشيخ الشعراوى يومها عبارة: من شب على شيء شاب عليه, وأكمل أعيدوا لى طفولتى حتى أربى بالطريقة السليمة.. وشرح أن ليس المهم هو تقويم الشباب فى سن المراهقة ولكن الأهم هو أن تكون التربية فى الطفولة وهذا هو التحدى الذى يتمسك به كل عائل وكل من يتولى تربية الصغار، ودلل بعبارة التعليم فى الصغر مثل النقش على الحجر. وقال إن الشباب لا يربي, وإنما الشباب طاقة تستغل قى حركة الحياة، واعتبر أن الغرب استفاد من الشريعة الإسلامية فى التعامل مع الشباب فى سن البلوغ حيث تلزم الأسرة الشاب بتحمل مسئولياته فى سن البلوغ وهو ما نص عليه الشرع.

بعد وفاته حرصت على معرفة من هو الشيخ الشعراوى الإنسان بعيدا عن رجل الدين الشهير والمعروف، كان من أبرز الشخصيات التى عاصرته وعاشت معه سنوات لا يفترقان هو رجل الأعمال محمد العارف قاعود، وكانت المناسبة مرور سنة على وفاة الشيخ يومها قال: على مدى عشرين عاما لم أفارق الشيخ يوما واحدًا حتى رحيله، وأقام فى الفندق الذى نمتلكه 6 سنوات كاملة بعد حادث السرقة الشهير الذى تعرض له منزله فى حى الحسين, عام 1980 ويتذكر أنه لم يكن ينام بالليل كثيرًا وتكاد تكون ساعات نومه قليلة جدًا وكثيرًا ما كان ينام وهو جالس معنا، حيث نكتشف فجأة أنه نام ولمدة نصف ساعة ثم يصحو بعدها يقظًا، ووجبته الرئيسية كانت عبارة عن وجبة العشاء. وإفطاره يتكون من كوب من اللبن وكوب من العصير، ويظل طوال النهار بدون أكل حتى موعد العشاء.

يومه يبدأ فى نحو الساعة الثامنة صباحا، لأنه كان يصلى الفجر ثم ينام حتى الثامنة، ثم يستيقظ ويتناول إفطاره ثم يبدأ فى الاطلاع على الخطابات التى كانت تصل إليه وكانت تملأ جوالا يوميًا، وأحيانا كنت أعاونه فى قراءتها، ولكن كانت لديه بصيرة فى اكتشاف ماذا يريد المرسل ويقرأ فقط آخر سطرين من الخطاب، وغالبا ما يكون الذى يطلبه المرسل فى هذين السطرين وكان يُلبى أى طلب مادام قادرا عليه. ثم يواصل برنامجه اليومى بعد قراءة البريد ويبدأ فى استقبال زائريه، ويوميًا كان يزوره نحو مائة شخص، وغالبية رغبات هؤلاء الزائرين كانت معرفة رأى الدين فى أمر ما أو طلب معاونة مالية.

وخلال السنوات الست كان يوميا يعقد ندوة فى صالون خصص له بالفندق، وكانت الندوة تبدأ بعد صلاة المغرب وتستمر حتى منتصف الليل، وكان يحضر هذه الندوة أناس كثيرون أذكر منهم الحاج أحمد أبوشقرة والدكتور محمد عبده يمانى وزير الإعلام السعودى الأسبق ومن هذه الندوة استطعت أن أسجل 1200 ساعة بصوته.

وقال كان بسيطا يرعى الضعفاء منفتحا، وأذكر أننى فى إحدى السفريات معه، وكنا فى الولايات المتحدة الأمريكية، طلبت مشاهدة مدينة والت ديزني، وفى أحد الأيام وكنت وقتها صغيرا فى السن أيقظنى مبكرا وقبل أن يستيقظ الجميع واصطحبنى إلى المدينة، ورغم أن الشيخ توفى وعمره 78 عاما وأنا وقتها عمرى 34 عاما، أى أنه كان ضعف عمري، إلا أننى لم أشعر لحظة واحدة بأن فارق السن بيننا يقف حائلا، لأنه كان شخصية قادرة على أن يحقق لمن معه كل السُبل الخيّرة.


لمزيد من مقالات ◀ ماهر مقلد

رابط دائم: