رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

قطر المفُسِدة

خلف كل فساد من العيار الثقيل توجد قطر. خلف كل كارثة بالدول العربية توجد قطر. فتش عن قطر فى كل مصيبة ستجدها حاضرة دائما. تلخص تلك المقولات الصورة الذهنية التى نجح حكام قطر الجدد فى تثبيتها لدى الجميع، فمع كل حادثة فساد فى أى مجال على المستوى الدولى والإقليمى يسارع الكثيرون لطرح السؤال عن طبيعة دور قطر.

أفسدت مجالات كان الاعتقاد السائد أنها بعيدة عن الإفساد على نحو ما حدث مع الاتحاد الدولى لكرة القدم فيما يتعلق بصفقة حصولها على تنظيم كأس العالم والمآسى أو الجرائم التى ترتكبها بحق العاملين فى المنشآت التى تعد لاستضافة البطولة، وربما تعود لارتكاب نفس المآسى فى التخلص من تلك المنشآت بعد البطولة، فهى تحتل جزءا كبيرا من قطر لا يمكن الإبقاء عليها غير مستغلة.

أفسدت على محبى كرة القدم متعة مشاهدتها. أفسدت النسخة السابعة عشرة من بطولة العالم لألعاب القوى. علاوة على وصول إفسادها إلى مجال التعليم سواء ما يتعلق بمحاولتها إفساد بعض الجامعات الأمريكية الشهيرة بهدايا وأموال مشبوهة أو دفع أموال لبعض الجامعات العربية لشراء شهادات للمواطنين القطريين أو تشويه صورة الجامعات الدولية الشهيرة الموجودة على أراضيها. أفسدت صورة الإعلام العربى ومعه العقل العربى بقناة الجزيرة التى اتاحت المجال للمفسدين والإرهابيين لبث سمومهم.

افسدت قطر الحالمة بدور أكبر بكثير جدا من إمكانياتها علاقاتها مع أشقائها العرب كما خربت العلاقات العربية ــ العربية، وارتمت فى أحضان مشروعين يطمحان لإنهاء الوجود العربى هما المشروع التركى العثمانى والمشروع الفارسى الإيرانى، إذ سخر قادة قطر مقدرات الشعب القطرى لخدمة أغراض المشروعين متصورة أن تركيا وإيران قادرتان على حمايتهم وتأبيدهم فى الحكم.

ومن ثم لم يكن غريبا ولا مفاجئا أن تؤيد قطر الاحتلال التركى لجزء من الدولة السورية. وحدها قطر من لا يزال يصف تركيا بأنها الدولة الشقيقة رغم ما تقوم به ضد سوريا.

وعلى ذلك لم تخجل قطر من التحفظ على بيان وزراء الخارجية العرب أمس الذى يدين العدوان التركى. العدوان التركى الذى لم يجد فى العالم من يؤيده سوى قطر التى ما زالت تدعى أنها دولة عربية والأدهى أنها ما زالت عضوا فى الجامعة العربية بينما تغيب عنها سوريا! ويبدو من غير المفهوم لماذا تبقى قطر عضوا فى منظومة لم يعد لها علاقة بها إلا من زاوية العمل على إفساد تلك المنظومة. إفساد المنظومة العربية هو احد اهم النجاحات القليلة جدا التى حققتها وتحققها قطر. الإفساد كما الانقلابات على الآباء صناعة قطرية بامتياز.

أخطأ الخليج العربى ومعه الدول العربية الأخرى حين تعاملوا مع قطر على أنها بلغت سن الرشد. تعامل العرب معها على انها ليست قاصرا، ويظل هو المشكلة الرئيسية أو أم المشكلات التى ادت لوقوع جريمة أشبه بجريمة زواج القاصرات.. تجرأ السلطان العثمانى المزعوم فتزوج من قاصر على مرأى ومسمع من الجميع. هذا الزواج لم يكن له بطبيعة الحال أن ينجب لهما أبناء يساعدونهما فى تحقيق أحلامهما بالهيمنة والسيطرة كما الكبار فى المجتمع الدولى والإقليمى. الاثنان وجدا ضالتهما فى التبنى. تبنيا الأطفال المطرودين من جنة أوطانهم وأحضان شعوبهم.

ضالتهما كانت فى تبنى أفراد جماعة الإخوان، الذين صاروا بما اقترفت أيديهم إرهابيين ملاحقين من العدالة، مدشنين بذلك مثلث الشر الأكبر فى المنطقة. لم يعد ممكنا لأى منهم الابتعاد عن الآخر، المثلث صار المنطقة الآمنة الوحيدة فى المنطقة لهم جميعا. لا يملك أى منهم قرار كسر المثلث والفكاك من أسره. فالثلاثة لم يعد لديهم اختيار. إنها علاقات المضطر. فالسلطان المزعوم يتوهم أن بإمكان الإخوان أن يزعجوا خصومه ويأخذوا له بثأره ممن افشلوا مخططه وأجهضوا حلمه وجعلوه قزما لا يملك فى المنطقة سوى قطر والإخوان والعبث باستقرار دول الإقليم ومؤخرا تهديد الجميع بورقة اللاجئين. كما أنه فى حاجة لقطر باعتبارها الممول الجاهز لتحمل كل التبعات. تبعات نزعاته الإقليمية وتبعات تأزم أوضاعه الاقتصادية داخليا. ذهب بجيشه ليحمى قطر من أوهامها بأنها عرضة للانتقام من جيرانها. تخيل أن حماية قطر تجعل منه حاميا للمنطقة، بينما هو فى الحقيقة يؤجر جيشه مقابل الريال القطرى. وتدعيما لتلك العلاقة وحفظا لماء وجه صديقه تميم، كشفت المعارضة التركية عن أن اردوغان خصخص مصنع أسلحة تركية بقيمة 20 مليار دولار لمصلحة قطر لمدة 25 عاما مجانا، وهو التصرف الذى وصفته المعارضة بأنه خيانة.

أما قطر، التى لا تأبه بالريال أو الدولار، فلديها منه الكثير ولديها تاريخ حافل فى كيفية استخدامه فى شراء أى شئ، فإنها تتوهم أن لدى تركيا ما يحقق الهدف التميمى الوحيد وهو المكانة والحماية.. وهنا لا مجال للسؤال لماذا تدفع قطر لتركيا من اجل الحماية بينما تدفع بالفعل للولايات المتحدة، هل يمكن لعاقل أن يتصور أن تركيا تنجح فيما قد تفشل فيه الولايات المتحدة.

أما الإخوان الباحثون عن كفيل ومأوى فقد وجدوا ضالتهم فى تركيا وقطر خاصة بعدما سقطت ورقة التوت التى كانت تسترهم قبل الوثوب إلى السلطة فى بعض الدول العربية وبعدما تراجع أو اختفى الدعم الدولى على الأقل السياسى لهم باعتبارهم نموذجا للإسلام المعتدل الذى كانت تركيا تسوق له.

الإخوان يدركون تماما أنهم ورقة فى يد كفيلهم ولكنهم لا يملكون بديلا.

رهانهم أن تتغير الظروف بما قد يوفر لهم كفيلا بديلا أو إضافيا. المشكلة الحقيقية هنا أن منطقة الشرق الأوسط وحدها هى من يدفع ثمن مثلث أو تحالف الشر المكون من مجنون بالسلطنة ومفسد محترف ومطاريد تحت الطلب لمن يدفع ويئوى، بينما تقف قوى ومنظمات دولية لتدعم ذلك التحالف على الأقل بغض الطرف عن تجاوزات أعضائه، وما يحدث إزاء العدوان التركى على سوريا خير شاهد على ذلك.

اما بالنسبة لقطر والإخوان فإن ذلك العدوان يؤكد بما لا يدع مجالا للشك ان قطر والإخوان دخلتا طواعية فى بيت الطاعة التركى، الذى لم يعد يتسع إلا للمفسدين والارهابيين ومثيرى الشغب فى المنطقة.


لمزيد من مقالات د. صبحى عسيلة

رابط دائم: