رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

ذكرى حرب أكتوبر وإرادة الانتصار

الأمر الذى ليس فى محل شك، أن ما حدث فى أكتوبر 1973م، كان إنجازًا عسكريًا غير مسبوق للجيش المصري، فى سجل تاريخ العسكرية العالمية. فقد بنى العدو الإسرائيلى إدراكه على أساس استحالة العبور من الضفة الغربية إلى الشرقية، واستحالة أن تعبر قوات الجيش المصرى قناة السويس حيث ينتظرهم على الضفة الغربية مصير جهنمى محتوم!! فقد تصور هذا العدو، وفقًا لدراساته العسكرية أن العبور لأكبر مانع مائى بين طرفين متجابهين، يكلف الطرف المصرى استشهاد عشرة آلاف مقاتل كحد أدنى، وأن العدو أعد صنابير النابالم التى ستفتح فور وصول القوات المصرية إلى منتصف مجرى قناة السويس، ومن ثم تتحول إلى جحيم!!

فضلاً عن ذلك فإن العدو قد شيد خطًا دفاعيًا على الضفة الشرقية بطول القناة من الشمال إلى الجنوب، سماه خط بارليف، وهو خط دفاعى حصين تفوق على خط ماجينو الذى يعرفه العسكريون، عشرة أمثال، وكان مزودًا بأحدث أنواع التسليحات العسكرية المتقدمة، التى تجعل من المستحيل على قوات الجيش المصرى التفكير فى العبور!!

على الطرف الآخر وهو الجيش المصري، ماذا أعد من أجل تحطيم هذه الاستراتيجية الصهيونية وتحقيق الانتصار على العدو الصهيونى الذى لا خيار حتميا غيره،. فماذا فعل هذا الجيش العبقرى (سواء الجيش العربى الأول فى سوريا بالجبهة الشمالية، والجيش الثانى والثالث فى الجبهة الجنوبية (مصر)؟

-التنسيق عالى المستوى بين الجبهتين المصرية والسورية، بحيث ينقسم الجيش الصهيونى بين الجبهتين، وكأنه يحارب بنصف قدراته على كل جبهة. الأمر الذى يمكن كل جبهة من تحقيق إنجاز عاجل وبسرعة وهو ما حدث فعلاً، مما أربك العدو الصهيوني.

-تم وضع خطة العبور لأكبر مانع مائي، بتصميم جسور العبور، والتى صممها المهندس مروان لوستان، السورى، الذى كرمه السادات ومنحه وسام الجمهورية المصري، وبماكينات المياه لفتح الممرات فى الساتر الترابى الأمامى الذى يتحصن وراءه قوات الجيش الإسرائيلى فى خط (بارليف)، الأمر الذى يؤكد تلاحم الجبهتين الشمالية والجنوبية وكان من نتاج ذلك ثلاث عمليات تمت فى وقت واحد بمعجزة حقيقية، هي: قوات خاصة خلف خطوط العدو ولغلق صنابير النابالم ومن داخل خط بارليف، فى ذات الوقت انطلاق ماكينات ضخ المياه لفتح الممرات أمام قوات العبور، ثم بدء بناء الجسور فى مياه القناة، لتمكين القوات من العبور، وفى ظل إطلاق المدفعية حمما من جحيم مكثف على القوات الصهيونية فى سيناء. فماذا كانت النتيجة؟ عبور القوات فى 6 ساعات عوضًا عن نكسة الـ (6) أيام عام 1967م، وتسلق الساتر والدخول من الممرات، ولم تتجاوز الخسائر البشرية الـ (238) مقاتلاً مصريًا، فى عملية العبور، وبالتالى تحقق أول إنجاز عسكرى على الأرض بعبور أكبر مانع مائى فى التاريخ.

-تم تحطيم خط بارليف الحصين الذى كان العدو الصهيونى يفاخر به، ويشيع أنه من المستحيل اقتحامه فى ظل حرب نفسية شعواء ضد الجيش المصري، وهو أكبر خط دفاعى تم بناؤه فى القرن العشرين، استطاع الجيش المصرى بقدراته اقتحامه وتدميره، وأسر قيادات كبرى فيه منهم العقيد عساف ياجوري، الذى أجبر على أداء التحية العسكرية بيده اليمنى وتسليم العلم الصهيونى مطويًا، إشارة إلى الاستسلام والخضوع.

-تصميم وتنفيذ خطة صراع استراتيجية متكاملة، جعلت العدو الصهيوني، لا يصدق احتمالية هجوم عسكرى مصرى عليها، وقد تحدد الهجوم فعليًا ظهر السبت (عيد الغفران عند الصهاينة)، وفى تمام الساعة الثانية وخمس دقائق، وفى ظهيرة شهر رمضان، حيث لم يكن يدرك الجيش الصهيونى وسياسيوه، إمكانية ذلك. فضلاً عما نشر بصفحات الجرائد الرسمية فى مصر صباح السبت من تحركات الوزراء وسفرهم فى الصفحات الأولى إشارة إلى اعتيادية العمل الحكومى، وهو جزء من مخطط خداعى كبير لم يدركه العدو الصهيوني. ودخلت هذه الخطة الخداعية، صفحات جديدة من التاريخ العسكرى.


لمزيد من مقالات د. جمال زهران

رابط دائم: