رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

حديث الجمعة
الكلمة الخبيثة

الكلمة الخبيثة كلمة خطيرة، كلمة مدمرة، كلمة مهلكة للفرد، وقد تكون مدمرة للمجتمع أو للدولة، يقول الحق سبحانه وتعالى فى كتابه العزيز: «وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ» (إبراهيم : 26)، ويقول سبحانه: «قُل لَّا يَسْتَوِى الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِى الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» (المائدة : 100)، وقد ذكر بعض المفسرين فى تفسير قوله تعالي: «الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ» (النور : 26) أنها فى الطيب من الكلام والخبيث منه، فالكلمة الخبيثة لا تصدر إلا عن شخص خبيث، وفم خبيث، فقد ذكر الإمام البغوى عن أكثر المفسرين فى تفسير الآية: أن الخبيثات من القول والكلام للخبيثين من الناس، والخبيثين من الناس للخبيثات من القول والكلام.

وقد بين لنا رسولنا (صلى الله عليه وسلم) خطورة الكلمة فقال (صلى الله عليه وسلم): «إنَّ الْعَبْد لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمةِ مَا يَتَبيَّنُ فيهَا يَزِلُّ بهَا إِلَى النَّارِ أبْعَدَ مِمَّا بيْنَ المشْرِقِ والمغْرِبِ» (متفق عليه)، وعن سيدنا معاذ (رضى الله عنه) أنه قال لنبينا (صلى الله عليه وسلم): وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟! فقال له النبى (صلى الله عليه وسلم): «ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكُبُّ الناسَ فى النار على وجوههم - أو قال: على مناخرهم - إلا حصائدُ ألسنتهم» (رواه الترمذي).

وعلينا أن ندرك أننا محاسبون بكل ما يصدر عنا من قول أو فعل، حيث يقول الحق سبحانه: «وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُه وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ. إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ . مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ» (ق : 16-18)، ويقول سبحانه: «وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هذا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا» (الكهف : 49).

ومن أخطر الكلام الخبيث الكذب والافتراء والشائعات, حيث يقول الحق سبحانه وتعالى فى مفتتح سورة الكهف: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَنزَلَ على عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا. قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا. مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا. وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا. مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ. كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ. إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا» (الكهف :1-7)، ويقول سبحانه فى سورة مريم (عليها السلام): «وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَن وَلَدًا. لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا. تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا. أَن دَعَوْا لِلرَّحْمن وَلَدًا. وَمَا يَنبَغِى لِلرَّحْمن أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا. إِن كُلُّ مَن فِى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِى الرَّحْمن عَبْدًا  لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا. إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَن وُدًّا» (مريم: 88، 96).


لمزيد من مقالات د. محمد مختار جمعة

رابط دائم: