-
الأمهات يطالبن بحد أدنى للمصروفات.. وآلية جديدة للتنفيذ
-
رئيس محكمة الأسرة: قيمة النفقة تقديرية.. والحكم من أول جلسة
من المتسلط الجانى ومن الضحية، من الظالم ومن المظلوم؟ سؤال يتكرر كثيرا فى العديد من المدارس فيما يتعلق بأبناء الطلاق.. المدرسة تضطر الى الاحتماء بالقانون والآباء والأمهات دائما يتنازعون لكى يفرض كل منهم سطوته على الآخر، والأطفال ضحايا الطلاق الذين يدفعون ثمن العناد. وبرغم حصول كثيرين على أحكام بالولاية التعليمية تظل بداية كل عام دراسى بمثابة كارثة تقع على رأس هؤلاء الأبناء وأولياء الأمور خاصة المقهورين منهم ..ويبدأ ماراثون داخل أروقة المحاكم للحصول على حق الولاية التعليمية ونفقة المدارس ، ثم مرحلة أخرى لتنفيذ الأحكام القضائية تستمر أعواما وقد لا تستطيع الحاضنة تنفيذها ، فهل نحتاج الى تشريعات اضافية أم آلية جديدة تحمي الطرف المظلوم وتمكن الأطفال أبناء الطلاق من استكمال تعليمهم والعيش بكرامة داخل هذا المجتمع الذى وصلت معدلات الطلاق فيه الى 211.6 الف حالة طلاق عام 2018 وفقا للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء؟ تفاصيل وحكايات نفقة المدارس ومطالب الحاضنات لمشاكل أبنائهن فى الولاية التعليمية فى السطور المقبلة
بداية نشير الى واقعة مؤسفة فقد فوجئ أب لطفلين يعمل بمهنة محترمة بزوجته تطلب الخلع وتحصل على حكم بذلك وفى المقابل أخفى الاب الاولاد بداعى الخوف عليهم وتغيبوا عن المدرسة وضاعت عليهم سنة دراسية وبعدها حصلت الام على حكم بالولاية التعليمية وتمكنت من تنفيذه بعد ستة أشهر بعملية خطف للاولاد، لتمارس الام نفس الفعل الذى مارسه الاب فى حرمانهم من التعليم والحياة وتبدأ سلسلة أخرى من المحاكم والقضايا.
واقعة أخرى ترويها «ي. م. آدمن حملة أمهات تصنع المستحيل لدعم المرأة بعد الطلاق» فتقول : لدى طفلان فى المرحلة الابتدائية وحصلت على ثلاثة أحكام قضائية بنفقة المدارس ولم تنفذ هذه الأحكام حتى الآن، نظرا لتهرب الأب. وعن تجربتها وتجارب أعضاء الجروب، تقول : بعد الحصول على حق الولاية التعليمية للحاضنة تواجه الأم مشكلة المصروفات الدراسية مع بداية كل عام دراسى، حيث تواجه الأمهات الحاضنات أزمة كبيرة فى سداد نفقة المدارس وتضطر الأم لدفع المصروفات من دخلها الخاص او الاستدانة ثم الحصول على إفادة من المدرسة بإيصال بقيمة المصروفات الدراسية وتبدأ فى مشوارها المعتاد فى بداية العام الدراسي وتقوم برفع دعوى قضائية من مكتب التسوية الى الدرجة الأولى ثم الى الاستئناف ثم الى قضية تحصيل المصروفات سواء بالحبس أو الحجز.
ويستغرق ذلك ما لا يقل عن عامين او أكثر وفى نهاية المطاف تصبح لدى الأمهات عشرات من الأحكام القضائية ولكن دون جدوى، لأن الأم لا تستطيع تحصيلها من الاب وإن استطاع البعض تحصيلها يكون بعد عام او عامين ويبدأ فى الدائرة من جديد لتحصيل السنة الجديدة وهكذا ندور فى دائرة لا تنتهي.
وأضافت آدمن حملة أمهات تصنع المستحيل أن نفقة المصروفات التعليمية تمثل اكبر معاناة للأم الحاضنة، حيث إنه مطلوب منها أيضا التحرى عن الدخل واثبات يسار الزوج وبعد كل ذلك قد لاتحكم لها المحكمة بالمبلغ كاملا، حيث إن ذلك يخضع لقدرة الأب مع أن الأب قد يكون هو نفسه من ادخل الطفل المدرسة لكن مع الأسف لايعد ذلك دليلا كافيا على قدرة الأب على السداد وتسأل مؤسسة أمهات تصنع المستحيل: الى متى سوف تظل معاناة الأمهات الحضانات كل عام؟ ولماذا لا يتم وضع تشريع جديد عبر مجلس النواب لإيجاد حل لتلك الكارثة التى تواجهها الامهات وعدم ترك الامهات الحاضنات فى معاناتهن التى تتكرر كل عام دراسى جديد؟ كما أن القانون ينص على ان يقوم الابن او البنت عند بلوغ 15 سنة برفع الدعوى متضامناً مع الأم على الأب فى المحاكم للحصول على النفقة مما يكون سيئا على نفسية الأبناء تجاه آبائهم ويسبب لهم عقدة نفسية ومعايرة داخل الأسرة بانه وقف فى المحاكم أمام والده وطالبت بإعادة النظر فى هذا النص القانونى بما يعفى الأبناء من هذه المواجهة .
وتحكى «مأمونة م. طبيبة صيدلانية والدة أحد ضحايا الطلاق من ذوى الاحتياجات الخاصة» فتقول الطبيبة: ظللت فى أروقة المحاكم للحصول على حكم نفقة المدرسة لابنى منذ خمس سنوات وحتى الآن لم استطع تنفيذ الأحكام التى حصلت عليها لنفقة المدارس لابنى الذى أصبح الآن فى الصف الأول الثانوى علما أن ابنى ــ والكلام على لسان الأم المكلومه ــ متفوق فى دراسته وحصل على مجموع 97٫5% فى الشهادة الإعدادية وتتحمل علاوة على مصاريف الدراسة 3500 جنيه لمدرسة الرعاية الخاصة بابنها. نظرا لإعاقته .
أما السيدة «ل.م» عضوة بجروب «أمهات تصنع المستحيل»، فتقول إن الجروب يضم أكثر من 6 آلاف سيدة مطلقة يعانى أكثرهن النتائج السلبية المترتبة على الطلاق فى التعليم، وأن نفقة المحكمة للزوجة لا تكفى للمعيشة لمدة أيام معدودة فى الشهر. وتطالب بضرورة وضع آليات جديدة لتنفيذ الأحكام ضد المطلق وخاصة إذا كان حكما مدنيا بالحجز أو الحبس، فبعض الأمهات لديهن أحكام بمتجمد نفقة يصل إلى 200 ألف جنيه ما بين نفقة مسكن وملبس ومدارس ولم تستطع تحصيلها، ولابد من وجود أداة وآلية عادلة تثبت دخل المطلق خاصة إذا كان يعمل فى قطاع خاص او عمل حر، لأن عبء الإثبات عبر شيخ الحارة وتحرى الشرطة فيه ظلم كبير للمرأة، خاصة أن الأم مطالبة بتوفير قيمة مصاريف المدارس التى لا يدخل ضمنها الكتب الخارجية والدروس الخصوصية، وهذه تعد مأساة شبه سنوية مع بداية العام الدراسى بين الأب والأم.
يقول حسين متولى ــ أب ومطلق ــ إنه يعانى على مدى 10 سنوات أو أكثر من نفقة الصغير «الابن» والتى تصل الى 14 نوع نفقة وليس نفقة المدارس والولاية التعليمية فقط التى تمثل مشكلة أول كل عام دراسى يدفع ثمنها الطفل نتيجة تعسف الأم أحيانا والأب أحيانا أخرى. ويرى عدم إلقاء الذنب على الأب أو على الأم لأن كلا الطرفين يرى انه الجانب المظلوم فى المعادلة، ويرى أن حل المشكلة يكمن فى تعديل قانون الأسرة وإصلاح قانون الأحوال الشخصية الحالى الذى ينحاز للأم ولا يجيز للأب المشاركة فى تربية ورعاية أبنائه بشكل متكامل مع الأم كما أقرها الشرع.
ويطالب متولى باستحداث نظام قاضى التحقيق فى محاكم الأسرة وإنشاء هيئة محلفين معاونة لقاضى الأسرة يسمح لها القانون بالتحرى عن مصادر دخل الأب وتقييم مستوى معيشته الحقيقى من خلال الرقم القومى الذى يوضح فيه كل المعلومات عن دخله سواء كان موظفا حكوميا أو فى القطاع الخاص أو صاحب مهن حرة ولا يترك الأمر لشيخ الحارة وشهادة الشهود ،حتى لا يتم تلاعب لمصلحة أحد الطرفين ويكون الضحية الطفل. وأضاف حسين بالنسبة لحل مشكلة نفقة المدارس للأبناء وحيث إن الأم هى الحاضنة وفقا للقانون فاقترح أن يلزم القانون الجهة الإدارية «إدارة المدرسة» بمخاطبة الأب بدفع مصاريف ونفقات ابنه أو ابنته باعتباره المسئول الأول عن سدادها والمكلف شرعا بها وفى حال امتناعه تتخذ إدارة المدرسة عن طريق الشئون القانونية إجراءات السداد والتحصيل عن طريق بنك ناصر الاجتماعى حتى لا يتضرر مستقبل الصغير التعليمي، وفى المقابل يتم الحجز على مرتب الأب من مكان عمله وإيقاف جميع معاملات الأب البنكية من خلال البنك المركزى وتجميد حساباته بالبنوك ويتم ايقاف كل تعاملاته مع مؤسسات الدولة من مرور ورخص وتأمينات.. الخ لحين سداد ما يستحق عليه للمدرسة وأولاده من النفقة المستحقة ويتم تحميل مصروفات وأتعاب التقاضى التى تقوم بها إدارة الشئون القانونية بالمدرسة على الأب، وتقوم إدارة المدرسة بهذا الإجراء بشكل مجمع لكل حالات النفقة بالمدرسة كل عام وتوجه لقاضى التحقيق بمحكمة الأسرة الذى يحقق المصلحة الفضلى للطفل ويكون حق الطفل فى يد الدولة وممثلها القاضى فى محكمة الأسرة وليس الأب أو الأم لحل المشكلة من جذورها بشكل نهائى .
ويوضح المستشار احمد شتلة رئيس محكمة الأسرة إن الولاية التعليمية قانونًا عبارة عن «حق تمثيل الطفل وإدارة شئونه التعليمية مثل تقديم أو سحب ملفه من مدرسته قبل بلوغه سن الـ15 عامًا، وهذه الأولوية تعود للولي، وغالبًا ما يكون الأب عند عدم وجود خلافات زوجية، وعند وقوع الطلاق تؤول هذه الولاية إلى الطرف الحاضن بقوة القانون بموجب المادة 54 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 المعدلة بالقانون 126 لسنة 2008.
واوضح رئيس محكمة الأسرة أن القانون نص على أن المدعى عليه اثبات دعواه وان تحديد قيمة النفقة يكون تقديريا للقاضى بعد الاطلاع على تقارير التحريات وسماع أقوال الشهود وإثبات الدخل وهذه القضايا يتم الفصل فيها خلال شهرين على الأكثر وحكم الولاية التعليمية للحاضن على الصغير يكون الحكم من الجلسة الأولى ولا يزيد على أسبوعين من بداية رفع الدعوى ويكون النظر دائما لمصلحة الصغير.
فيما يقول شعبان سعيد ــ محام بالنقض والمتخصص بشئون محاكم الأسرة ــ إن القانون قرر الولاية للحاضن وغالبا الأم حاضنة الصغار وتكون حتى سن 15 سنة للولد وتمتد للزواج بالنسبة للبنت. وأوضح أن إجراءات الولاية التعليمية، وذلك طبقًا للمادة 54 من قانون الطفل لسنة 2008، تجرى عبر التقدم بطلب صدور أمر وقتى من الحاضنة للصغير إلى رئيس محكمة الأسرة التابعة لها بصفته قاضيًا للأمور المستعجلة الوقتية، ليصدر قراره بأمر على عريضة دون المساس بحق الحاضن فى الولاية التعليمية، وغالبا يكون الحكم من أول جلسة.
وأوضح سعيد أن أزمة نفقات الدراسة، تتحملها الأم الحاضنة حيث يتعين عليها أن تدفع نفقات الدراسة والدروس وزى المدرسة ولابد ان يكون لدى الأم مصادر مالية حتى تستطع أن تكمل تعليم أبنائها، ولكى تحصل على ما دفعته نيابة عن المطلق، فلابد من رفع دعوى قضائية كل سنة، وتحصل فقط على النفقات الرسمية، دون نفقات الدروس والكتب الخاصة وغيرها، موضحا أن أزمة دعاوى نفقة المدارس تتضح فى اول شهر من الدراسة، حيث انها تعقب الإجازة القضائية بالمحاكم.
رابط دائم: