رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

حقيقة حديث شد الرحال إلى المساجد الثلاثة

رجب عبدالعزيز

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِد: المَسْجِدِ الحَرَام، وَمَسْجِدِي هَذَا، وَالمَسْجِدِ الأَقْصَي».

قوله: «لا تُشَدُّ» بالبناء للمجهول. و«الرحال» جمع ـ رحل ـ وهو للبعير كالسرج للفرس، وشده كناية عن السفر ولو ماشيا، والاستثناء فى الحديث مفرغ؛ حيث إن المستثنى منه غير مذكور.

قال بعض العلماء: تقديره: لا تشد الرحال إلى أى موضع إلا إلى هذه المساجد الثلاثة، فالمستثنى منه عام، وعليه فيكون السفر إلى أى موضع غير المساجد الثلاثة ممنوعا.

ويقول الدكتور محمد إبراهيم الحفناوي، أستاذ أصول الفقه: والحق أن هذا التقدير بعيد وغير مسلم، وحق الكلام أن يقدر المستثنى منه عاما مناسبا للمستثنى فى نوعه أو وصفه، فيقال: لا تشد الرحال إلى مسجد إلا ثلاثة مساجد.

ونظيره: «ما رأيت إلا خالدا» فيقدر فيه: ما رأيت أحدا أو رجلا إلا خالدا، ولا يقال: ما رأيت شيئا أو حيوانا إلا خالدا.

ويضيف إبراهيم الحفناوى أن ابن تيمية رأى ومن نهج نهجه أن الحديث المذكور يفهم منه عدم جواز السفر لزيارة قبر النبى صلى الله عليه وسلم، وقالوا ليكن القصد من السفر الصلاة فى المسجد النبوي، ثم تكون الزيارة للقبر الشريف.

ويرى الحفناوى أن الحديث ليس فيه دلالة على منع السفر لزيارة القبر الشريف وذلك لما يلي:

1 ـ معنى الحديث: لا تشد الرحال إلى مسجد للصلاة فيه غير المساجد الثلاثة، ويؤيد هذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَنْبَغِى لِلْمَطِيِّ أَنْ تُشَدَّ رِحَالُهُ إِلَى مَسْجِدٍ يُبْتَغَى فِيهِ الصَّلَاةُ، غَيْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَي، وَمَسْجِدِى هَذَا».

فالحديث الذى استدل به ابن تيمية يدل على شيء واحد هو عدم جواز السفر للصلاة فى مسجد بعينه إلا إلى المساجد الثلاثة، ولا يدل على شيء آخر.

2 ـ الإجماع على جواز شد الرحال للتجارة، وطلب العلم، والجهاد، وزيارة قبر والدى مثلاـ امتثالا للأمر بالزيارة من الرسول صلى الله عليه وسلم.. فهل يعقل أن أسافر من بلد إلى بلد لزيارة قبر والدي، ثم أمنع من السفر لزيارة القبر الشريف؟

3 ـ أن موضع القبر الشريف أفضل بقاع الأرض، وهو صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق وأكرمهم على الله تعالي؛ لأنه لم يقسم بحياة أحد غيره «لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِى سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ».

وأخذ الميثاق من الأنبياء بالإيمان به، وبنصره، قال تعالي: «وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ».

وإذا تقرر أنه أفضل المخلوقين وأن تربته أفضل بقاع الأرض، استحب شد الرحال إليه، وإلى تربته صلى الله عليه وسلم.

4 ـ حرمته صلى الله عليه وسلم واجبة حيا وميتا، ولا شك أن الهجرة إليه كانت فى حياته من أهم الأشياء، فكذلك بعد موته.

وفى زيارة قبره صلى الله عليه وسلم يقول القاضى عياض رحمه الله: وزيارة قبره صلى الله عليه وسلم سنة بين المسلمين مجمع عليها، وفضيلة مرغب فيها.كما يرى الحنفية أن زيارة قبر النبى صلى الله عليه وسلم من أفضل المندوبات والمستحبات، بل تقرب من درجة الواجبات.

ويختتم الحفناوى قائلا: إن الصلاة فى مسجده الشريف ما كانت بألف صلاة إلا ببركته صلى الله عليه وسلم. وينبغى لك مدة إقامتك فى المدينة المنورة أن تصلى الصلوات الخمس فى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعند إرادة السفر والرجوع إلى بلدك يستحب لك أن تودع المسجد بركعتين، وتدعو بما شئت، وتأتى القبر الشريف، وتسلم عليه وتقول: اللهم لا تجعل هذا آخر العهد بحرم رسولك، وسهل لى العودة إلى الحرمين سبيلا سهلة، والعفو والعافية فى الدنيا والآخرة، وردنا إليه سالمين.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق