-
اتحاد الثروة المائية: استثمارات القطاع 16.5 مليار جنيه.. ونوفر مليونى فرصة عمل
-
د. برانية: التطوير يجب ألا يقتصر على الهيكل الإدارى بل يمتد للسياسات والتشريعات
-
م. أحمد الشراكى: استدامة الإنتاج واستقراره أهم الأولويات وإنتاج البحيرات محدود
تطل مصر شرقا وشمالا على البحرين الأحمر والمتوسط ويتخللها نهر النيل وعدد من البحيرات، ورغم هذه المسطحات المائية الطبيعية الشاسعة فإننا نصطاد 20% فقط من إجمالى إنتاجنا السمكي، الذى بلغ مليونًا و800 ألف طن عام 2017، والمصدر الثانى هو الاستزراع السمكى الذى يستحوذ على 80% من هذا الإنتاج، و هذه النسبة مرشحة للزيادة بشرط تضافر جهود الجميع وتفاهمهم لتحقيق هذا الهدف.
ونظرًا لأهمية هذا القطاع وافق مجلس الوزراء أخيرا على مشروع قانون إنشاء جهاز حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية، مع الأخذ فى الاعتبار الملاحظات التى ربما تسهم فى تحسين الأوضاع .
ويأتى مشروع القانون فى ضوء توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى الخاصة بدراسة إقامة كيان مؤسسى مسئول عن إدارة البحيرات فى مصر، ومتابعة أعمال تطويرها والمحافظة عليها، والتأكد من الاستفادة المُثلى من هذه الثروة الوطنية المهمة، على مستوى الإنتاج السمكيّ؛ بحيث يضمن إنتاج كميات كبيرة من الأسماك عالية الجودة.
وينص القانون على إنشاء هيئة عامة اقتصادية لحماية وتنمية البحيرات السمكية تسمى «جهاز حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية»، وتكون له الشخصية الاعتبارية، ويتبع رئيس مجلس الوزراء، ويكون مقره الرئيسى القاهرة، وله أن يُنشئ فروعا ومكاتب داخل الجمهورية.
ومن بين أهداف الجهاز الجديد حماية وتنمية واستغلال البحيرات وبواغيزها وسياحاتها وشواطئها وحرمها، إلى جانب حماية وتنمية الثروة السمكية، والأحياء المائية، بقصد تنمية الاقتصاد الوطني، ويقوم الجهاز برسم السياسة العامة لحماية البحيرات وشواطئها وحرمها من التعدى والتلوث، مع دراسة واستغلال إمكانات البحيرات وإجراء البحوث والدراسات اللازمة لذلك، وله أن يستعين بالجهات الأخري، فضلا عن العمل على حماية وتنمية الثروة السمكية ومصادرها، وله الحق فى منح الموافقات على إقامة المشروعات ذات النفع العام التى تقوم بها جهات أخرى فى حدود اختصاصها.
كما يقوم بوضع قواعد وشروط وإجراءات منح التراخيص اللازمة، والخطط المتعلقة بمشروعات الثروة السمكية والتصنيع السمكي، إلى جانب العمل على تطوير حرف الصيد باستخدام الأساليب الحديثة، والتعاون مع الهيئات الدولية والإقليمية فى كل ما يتعلق بحماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية، وحدد مشروع القانون الإجراءات الخاصة بحماية البحيرات وتنظيم الصيد، وكذا إدارة موانى الصيد ومركز الاتصال البحري.
«تحقيقات الأهرام» حاولت الحصول على المزيد من التفاصيل من أهل الاختصاص سواء فى وزارة الزراعة أو خارجها.
اتحاد الثروة المائية
سألنا النائب رائف تمراز، رئيس لجنة الزراعة بمجلس النواب، عن مشروع القانون الجديد ورأيه فيه فقال: إنه لم يعرض على اللجنة حتى الآن، لكنه شدد على حرص اللجنة والمجلس على بحث بنوده ومناقشته بدقة وموضوعية.
وحتى لا يمر مثل هذا الأمر دون مناقشة وتفنيد وجدنا مظلة تضم جميع الممارسين لهذا العمل من الصيادين ومستزرعى الأسماك ومنتجى الأعلاف وغيرهم تسمى الاتحاد التعاونى للثروة المائية، تواصلنا مع رئيسه المحاسب محمد أحمد الفقى أملا فى الحصول على مزيد من الإيضاح، فقال: بداية يجب أن يعرف الجميع قيمة هذا الاتحاد وحجمه، فهو يضم 112 جمعية منها 12 للاستزراع السمكى تمثل 80 % من الإنتاج.
مليونا فرصة عمل
وأشار إلى أن هذا القطاع يوفر 320 ألف فرصة عمل مباشرة، يضاف إليها 100 ألف من أصحاب المزارع والمراكب، أى أكثر من 420 ألف فرصة عمل مباشرة ترتفع إلى نحو مليونين إذا احتسبنا الفرص غير المباشرة مثل النقل والتبريد والعلف والصيانة والموانى والأسواق وغيرها مما لا يمكن حصره.
وأضاف أن استثماراتنا فى المصايد الطبيعية تقدر بأكثر من 1.5 مليار جنيه، تتركز فى بند واحد فقط هو أسطول الصيد الذى يتكون من 5 آلاف مركب آلي، و35 ألف مركب غير آلي، أما بالنسبة للمزارع السمكية فهى منظومة مكونة من 3 قطاعات رئيسية منتشرة على مساحة 320 ألف فدان، ويقدر حجم الاستثمارات فيها بـ 15 مليار جنيه فى المزارع والمفرخات السمكية والأعلاف دون أى دعم يذكر من الدولة، كما نتبنى داخل الاتحاد رعاية اجتماعات الجمعيات وعقد المؤتمرات المحلية والدولية ونسهم بجهد كبير فى توقيع اتفاقيات الصيد مع دول الجوار لحماية أبنائنا الصيادين، ولفت إلى أن هذه الأرقام لا تدخل فيها أرقام إنتاج الشركات القومية التابعة للدولة.
فرصة بحذر
وحول قرار إنشاء جهاز جديد للثروة السمكية، قال: هذا القرار يمثل فى حد ذاته ميزة كبيرة وفرصة لا تعوض لتحقيق طفرة فيه، إذا جاء بتشكيل يتناسب وحجمنا وتأثيرنا فيه، وليس بوجود صورى وبعد نقاش مجتمعى وحوار حول مراحل تنفيذه وما يمكن وما لا يمكن تحقيقه على أرض الواقع ومحاذير التطبيق وما أغفله وثغراته وكيف نعظم الاستفادة منه للخروج بشكل أقرب إلى الكمال، وليس صياغة غير قابلة للتطبيق ندخل بعدها فى دائرة لا تنتهى من السلبيات والمعوقات وهو ما لا يمكن أن تسعى الدولة إليه، فشرط النجاح هو اتفاق وتوافق جميع الممارسين والعاملين والباحثين فى هذا المجال لأن بهم يرتقى القطاع ونحافظ على العاملين فيه وما حققوه من إنجازات واستثمارات وبالتالى نمو الاقتصاد الوطني، ومن المتوقع وجود ثغرات ونقاط فى حاجة للتعديل فى القانون الحالي، فمجلس إدارة الجهاز المقترح كما علمنا موسع جدا من ناحية مندوبى الوزارات، لكنه أغفل تماما الباحث والممارس المنتج فنحن أصحاب الخبرة والأدرى بما يجب تطويره وأولوياته.
زيادة الاستهلاك
سألنا الدكتور أحمد عبد الوهاب برانية، أستاذ اقتصاد الموارد السمكية بمعهد التخطيط القومي، عن مدى تأثير هذا القطاع وقيمته وكيف نعظم مردوده، ورؤيته للجهاز الجديد لتنمية البحيرات، فقال: إننا نشهد فى مصر زيادة فى حجم استهلاك البروتين الحيوانى لتلبية احتياجات التنامى السنوى الهائل فى تعداد السكان، فبرز قطاع الثروة المائية وقد أولته الدولة أهمية بالفعل بما تضمنه الدستور الحالى 2014 الذى نص على التزام الدولة بحماية الثروة السمكية وحماية ودعم الصيادين وتمكينهم من مزاولة أعمالهم.
وأضاف أن أخطر تداعيات الزيادة السكانية هى انكشاف الأمن الغذائى ومن ضمنه الأسماك خاصة التى يتم إنتاجها من المزارع السمكية التى تسهم بـ80% من الإنتاج المحلي، ويفاقم من المشكلة تطبيق مجموعة من السياسات والإجراءات الخاصة باستخدام الأراضى والمياه والتجارة الخارجية أدت إلى زيادة الأسعار بمعدلات تفوق زيادة الدخول، وكذلك القصور الشديد فى خدمات الإرشاد بقطاع الاستزراع السمكي، وعليه يصبح إصلاح هذه السياسات هو المخرج لتأمين الغذاء للأعداد المتزايدة من السكان.
تكرار الأخطاء
ولفت إلى أننا إذا أردنا التطوير الحقيقى يجب ألا يقتصر التطوير على الهيكل الإداري، وإنما لا بد أن يمتد إلى السياسات والتشريعات التى أرى أنها فى مشروع الجهاز الجديد لم تتغير إلا قليلا وما زالت تحتفظ بمعظم أوجه القصور القديمة، بل زادت عليها عندما وسعت بعض الصلاحيات دون الالتفات للسلبيات وتركتها للائحة التنفيذية المطاطة وركزت معظم اهتمامها على العقوبات والغرامات دون معالجة أسبابها وسد ثغراتها، فقد تم تغيير المسمى أكثر من مرة على مدى تاريخها من وكالة إلى هيئة وأخيرا جهاز، فالمشكلة ليست فى المسمي، والدليل أنه تم عقد حلقة نقاشية دعيت إليها كل الأطراف المعنية داخليا وخارجيا وناقشنا محددات عدم تحقيق استدامة الاستزراع السمكي، واستعرضنا كل المشكلات تقريبا وحلولها المقترحة، كل ذلك فى حضور نخبة مهمة وكبيرة من المسئولين وأصدرنا توصيات منها إنشاء مجلس أعلى للثروة السمكية تكون مهمته استشارية وتمثل فيه كل الوزارات والجهات المعنية لكن لم تخرج إلى حيز التنفيذ.
الأعلاف
وقال المهندس حسين منصور خبير أعلاف الأسماك: لدينا فى مصر أكثر من 40 مصنعا لأعلاف الأسماك وحدها تغطى 100% من احتياجاتنا بإجمالى إنتاج يزيد على المليون طن، ومع معدلات الزيادة الحالية فى المزارع فالمؤشرات تشير إلى أننا فى حاجة إلى المزيد من الطاقات الإنتاجية بحجم يقدر بـ 800 ألف طن إضافية لتلبية الاحتياجات إذا زاد الطلب وكانت مؤشرات الإنتاج السمكى فى المزارع إيجابية.
زيادة الكفاءة
سألنا المهندس أحمد الشراكى خبير الاستزراع السمكى عما يجب توافره لنمو استزراع الأسماك، فقال : إن الانتاج الحالى فى حاجة لاستدامة الإنتاج وهو ما لن يتحقق إلا بمزيد من التطوير والدعم والتوجيه لرفع إنتاج الأسماك، وبالتالى الأعلاف وزيادة الكفاءة والتكنولوجيا المستخدمة فى الاستزراع وشرط تحققه الشعور بالأمان والتغيير المستمر للتشريعات وفرض رسوم مغالى فيها ترفع التكلفة، وحذر من وهم رفع إنتاج البحيرات إلى أرقام ليست واقعية ولا يمكن الوصول إليها حتى بعد التطوير فمثلا البوص وورد النيل لا يمكن إزالتهما كما يقال لأنهما من المقومات الطبيعية للتلوث الذى نعانيه فى تلك البحيرات، مؤكدا أن أرقام الإنتاج المعلنة لا تمت للواقع بصلة، وشدد على أن أول طريق الحل هو تشخيص المشكلة المتمثلة فى تناقص الإنتاج فى المصايد الطبيعية والمزارع ورصد معدلاته وبحث أسبابه.
أغلى علف
أما الخبير الدكتور أحمد نصر الله، فيقول: هناك أمور يجب الإشارة إليها وهى أن علف الأسماك أغلى أنواع الأعلاف على الإطلاق لارتفاع نسبة البروتين فيه بما لا يقل عن 35%، ويتراوح سعره بين 8 آلاف و 20 ألف جنيه للطن، ولا يصلح أن تكون به ألياف خشنة لأن السمك لا يستطيع هضم الألياف إلا بنسب قليلة، فعلف الدواجن مثلا تختلف فيه نسبة البروتين ونسبة الدهون من نوع لآخر.
الثروة السمكية
وفى النهاية وجدنا اتفاقا بين جميع من تحدثنا إليهم على سرعة توجيه التماس إلى رئيسي البرلمان ومجلس الوزراء بضرورة تعديل تمثيل أعضاء الجهاز الجديد لتكون عضوية اتحاد الثروة المائية ومركز إنتاج الزريعة ومعهد علوم أعالى البحار ومعمل بحوث الأسماك مؤثرة وفعالة، لأنه لا يمكن وجود 14 عضوا غير فنى مقابل ثلاثة من المتخصصين أو أربعة تجعل قراراتهم وأصواتهم غير مؤثرة بل قد تذهب بها إلى غير مقصدها، لأن وجود مندوبى الوزارات المختلفة ضرورى لتذليل العقبات ومنع تضارب الاختصاصات و إزالة المعوقات من أمام الجهاز الجديد.
رابط دائم: