توظيف مهارات الفتيات يمنحهن فرصة المساواة مع الرجال
«اللاعبة الأفضل فى العالم».. «نجمة جيل السامبا»..«حاصدة الجوائز الكروية».. «بيليه الكرة النسائية».. ألقاب أشتهرت بها « مارتا فييرا دا سيلفا» 33 عاما، هدافة منتخب البرازيل لكرة القدم النسائية، التى لم تكتف بها بل أضافت لهذه الألقاب لقبا جديدا، هو «أفضل هدافة وصاحبة الرقم القياسى العالمى للأهداف المسجلة فى تاريخ نهائيات كأس العالم لكرة القدم للرجال والسيدات»، بعدما أحرزت 17 هدفا فى بطولة كأس العالم الاخيرة التى أقيمت فى فرنسا. مارتا، أصبحت بمثابة أسطورة فى تاريخ كرة القدم النسائية ويشبهها البعض بماردونا وبيليه وغيرهما من أساطير كرة القدم فما حققته من إنجازات جعلها تتربع على عرش كرة القدم النسائية على مدى أكثر من 18 عاما، وهو ما جعلها أيقونة وقدوة لآلاف الفتيات حول العالم.
شهد عام 1986، مولد مارتا فى مقاطعة دويس رياتشوس بمدينة ألاجواس البرازيلية لأسرة فقيرة، ولم تذكر مارتا معاناتها مع الفقر بقدر ما كانت دائمة التحدث عن حرمانها من لعب كرة القدم فى صغرها بالرغم من وقوعها فى شباك الساحرة المستديرة إلا أنها منعت من لعب كرة القدم مع أقرانها الذكور فقط لكونها «فتاة».
فالمجتمع آنذاك لم يعترف بأن الفتاة يمكن أن تمتلك مهارات كروية وأن عشق أى لعبة رياضية لا يفرق بين الجنسين، لكنها لم تستسلم بل أصرت على ممارسة الكرة، إذ كانت تقوم بجمع الأكياس الفارغة من شوارع مدينتها الصغيرة لتصنع منها كرة تلعب بها مع جيرانها الصبيان، وكانت كثيرا ما تتعرض للسخرية منهم والنظرات الناقدة من قبل المارة إلا أنها لم تكن تبالى بذلك.
حتى انضمت فى نهاية المطاف إلى فريق صغير للأولاد حيث كانت تبلغ من العمر 14 عاما.
وقد لاحظت المدربة البرازيلية «هيلينا باتشيكو» نبوغ مارتا ومهاراتها الكروية فساعدتها على اتخاذ أولى خطواتها نحو مسيرتها الاحترافية، التى بدأت فى عام 2000 بنادى فاسكو دى جاما فى ريو دى جانير، وثم لعبت فى الفرق النسائية بالنادي، قبل أن تبدأ الاحتراف فى الأندية الأوروبية.
وقد فازت بالعديد من الجوائز فى مسيرتها الرياضية، حيث فازت خمس مرات بجائزة أفضل لاعبة فى العالم من قبل الفيفا «منذ 2006 وحتى 2010»، وكانت آخر مرة تفوز بها فى العام الماضي، كما نالت جائزة الحذاء الذهبى والكرة الذهبية فى عام 2007.
ولم تكتف مارتا بما حققته من نجاحات لبلادها بل اشتهرت أيضا بتقديم الدعم المادى والمعنوى للرياضيين الطموحين بشكل عام والفتيات بشكل خاص.
ذلك ما جعل الأمم المتحدة تختارها لتكون سفيرا للنوايا الحسنة لبرنامجها الإنمائى عام 2010 لتحقيق هدفين، الأول تسليط الضوء على الأهمية الحاسمة لإنهاء الفقر وتمكين المرأة فى جميع أنحاء العالم، والثانى للعمل من أجل المساواة بين الجنسين فى الألعاب الرياضية وغيرها من المجالات إذ تعد نموذجًا استثنائيًا للنساء والفتيات فى جميع أنحاء العالم لكون تجربتها الحياتية ملهمة لما تحمله من موهبة نجحت فى إظهارها وإبرازها من خلال قوة الإرادة والعزيمة.
وقد كانت أولى كلماتها عقب توليها المنصب: «لا أنسى أصولي، لقد أتيحت لى فرص للنجاح فى الحياة، لكننى أفكر باستمرار فى الأشخاص الذين لم تتح لهم هذه الفرصة، نحن جميعا بحاجة إلى الإسهام فى هزيمة الفقر».
وقد استغلت مارتا منصبها لدعم الفتيات فى جميع أنحاء العالم للحصول على فرصهن بكافة المجالات، وخاصة الرياضة وقالت إن هناك العديد من النساء والفتيات يحملن مواهب ومهارات وطاقات لابد من توظيفها لذا فإنهن حينما يمنحن فرصة متساوية مع الرجال قد يتفوقن عليهم، لذا «الرياضة هى أداة رائعة للتمكين».
وبالرغم من الأعباء المادية التى وقعت على عاتق والدتها لتربية 4 أطفال بمفردها، بعد انفصالها عن والدها، إلا أنها لم تستسلم ولم تيأس بل كانت تعمل طوال اليوم لتوفير احتياجاتهم.
وتحدثت مارتا عن العوائق التى واجهتها فى مشوارها الرياضي، قائلة إن من أكثر اللحظات التى لا تنساها عندما عادت إلى مدينتها عام 2006 بعد فوزها بجائزة أفضل لاعبة فى العالم. إذ وصلت، فى منتصف الليل، وكانت المدينة بأكملها مستيقظة فى انتظارها، وهم يهتفون باسمها ويلوحون لها.
وفى محاولة لتشجيع الفتيات لممارسة الرياضة بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص، قالت: «غيرت الرياضة حياتى تماما.. أعطتنى الفرصة لمساعدة أسرتى ومشاهدة بلدان أخرى والتعرف على ثقافات أخرى واحترام الاختلافات بين الناس.. فالرياضة هى أداة لتمكين الفتيات، لأنها تتيح لهن الفرصة للقيام بما يردن».
ووجهت رسالة للفتيات فى أنحاء العالم: «ثقى فى نفسك، لأنك إذا كنت لا تؤمنين بنفسك وبقدراتك، فلن يؤمن بك أحد».
رابط دائم: