الزواج رباط مقدس قوامه المودة والرحمة والحب والتفاهم والاحتواء من كلا الطرفين.. وعندما تتزوج المرأة بمن يصغرها سنا.. ترُى هل تتوافر عناصر النجاح لهذا الرباط لتصل سفينة هذا الزواج لبر الأمان؟ هل يستطيعان تخطى العقبات والحواجز التى تعوق هذه العلاقة ليسطرا معا قصة تحد لكل العادات والأعراف التى يفرضها عليهما المجتمع الشرقي؟.. كان علينا فى البداية استطلاع الرأى لمعرفة مدى القبول أو الرفض لمثل هذا الزواج.
هدى «مهندسة معمارية» ـ 36 سنة ـ تقول: زوجى يصغرنى بخمس سنوات ولم أشعر قط معه بهذا الفرق، فمنذ أن تعرفت عليه غمرنى بحبه وحنانه واحتوائه ومساندته لى فى كل أمور حياتي، ومضى على زواجنا ست سنوات رزقنا خلالها بطفلتين ولا تخلو الحياة من بعض الخلافات، لكن لم نشعر أبدا بأن السن لهل دخل فيها بل على العكس فرجاحة عقله وحسن تصرفه يعيدان دائما السعادة والحب لحياتنا.
وتخالفها الرأى سمية ـ 38 سنة ـ محاسبة وتقول: أنا أكبر من زوجى بسنتين فقط ومع ذلك فهو دائما يشعرنى بأن هناك فرقا كبيرا فى السن وأن المرأة يظهر عليها علامات السن أسرع من الرجل، ولذا يجب على الاهتمام الزائد به وبنفسى حتى لا يضطر للزواج بمن تصغره سنا، ويعتبر أن أى خلاف فى الرأى هو فرض سيطرة منى عليه ولولا خوفى على أبنائى الثلاثة من الانفصال لكنت قد أخذت هذا القرار فوراً.
أما حسام طبيب جراح ـ 35 سنة ـ فيقول: زوجتى أكبر منى بست سنوات وهى مثال رائع للحنان والطيبة والأنوثة والجمال فلم أكن أتخيل حياتى بدونها ومنذ أن جمعنا الله من تسع سنوات لم نختلف أبدا، فهى متفهمة لطبيعة عملى وتهيئ لى كل سبل النجاح والتفوق فى دراساتي، وفى المقابل لم أدخر جهدا فى إسعادها وتعويضها عن انشغالى عنها، وقد من الله علينا بولد وبنت هما نتاج لقصة حبنا التى تخطت صعابا كثيرة منها اعتراض الأهل، وأثبتت للجميع أن الحب والإيمان بمن نحب أساس النجاح والسعادة.
وبسؤال د.أحمد علام استشارى التنمية البشرية والعلاقات الأسرية رد قائلاً: من المعروف أن مجتمعاتنا الشرقية يحكمها مجموعة من العادات والتقاليد ومنها أن فكرة زواج الرجل بمن تكبره سنا أو المرأة التى ترتبط بزوج أصغر منها غير مقبولة من المجتمع، وبالتالى يعزف الكثيرعن مثل هذه الزيجات خوفا من نظرة الاعتراض والتساؤلات من كل المحيطين، وأنا شخصيا أحذر من هذا الزواج وأعتبر أن الفرق فى السن يجب ألا يزيد على ثمانى سنوات يكبرها الرجل عن المرأة، ويجب ألا تقل عن سنتين، ولكن ما الذى يجعل أيا من الرجل أو المرأة يقبل بهذا الارتباط رغم أنف الجميع؟.الحب والعاطفة فى أغلب الأحيان هى اللبنة الأساسية التى يرتكز عليها هذا الزواج أى أن كلا منهما وقع فى غرام الآخر وبالتالى يتغافلان عن مشكلة السن، وهناك أسباب أخرى يبنى عليها هذا الزواج فقد يكون نضج المرأة ورجاحة عقلها هو ما جذب انتباه الرجل إليها، وقد يكون هناك أسباب مادية وهنا يعتبر زواج مصلحة. ويضيف د.علام: يواجه هذا الزواج عدة مشاكل أهمها رفض الأهل والاستنكار من كل المحيطين، إضافة إلى أن المرأة دائما فى حاجة لمن يحتويها ويكون سندا لها وهذا لن يتوافر إلا إذا كان الرجل يكبرها سنا ولديه من الخبرات والتجارب ما يؤهله لذلك، أما إذا كانت هى الأكبر فبعد الزواج وانطفاء الوهج العاطفى يبدأ العقل يتحكم فى الأمور فتفاجأ بأنها هى الأنضج والأكثر خبرة وحكمة وبالتالى تفقد الشعور بالاحتواء والمساندة، بل قد يكون عليها القيام بهذا الدور تجاهه لأنها الأكبر سنا خاصة عندما تصل لأواخر الأربعينيات ويكون هو لايزال فى بداياتها أى فى عز شبابه ويظهر فرق السن بوضوح عليهما، هنا تبدأ المشاكل فمن جهة تشعر هى بالغيرة الشديدة ويبدأ هو بالنظر لزوجته باعتبارها عجوزة ويميل لمن تصغره سنا، وهناك ما يعرف بأزمة «منتصف العمر» عند الرجال وعادة تكون فى أواخر سن الأربعين ويبدأ فيها الرجل بالتمرد على حياته ويشعر بأنه يفتقد السعادة والتقدير والانسجام، ويبدأ فى العزوف عن زوجته وأحيانا يتجه للتعرف على امرأة أخرى ظنا منه أنها طوق النجاة للحياة التى ينشدها، وفرص حدوث هذا للرجل المتزوج ممن تكبره سناً أكثر بكثير ممن يتزوج من امرأة أصغر منه مما قد يعرض الزوجة لحالة من الإحباط و الاكتئاب، هناك مشكلة أخرى قد تواجه المرأة إذا كان الزوج يرغب فى الإنجاب عدة مرات لأنها كلما كبرت فى السن قلت فرصتها فى الحمل.
وأخيراً: ثمة رسالة مهمة للزوجين، فأى علاقة عاطفية تبدأ بالانجذاب لبعض تصرفات كل طرف للآخر ثم مرحلة التقبل لبعضهما البعض تليها مرحلة تقدير كل طرف لشريكه وتنتهى بمرحلة التعود وتأتى بعد فترة من الزواج نتيجة الاعتياد على التصرفات اليومية وهى أخطر المراحل، وإذا طالت قد تصل بهم إلى الانفصال سواء داخل الحياة الزوجية أو ما يسمى «الطلاق الصامت» أو بالطلاق الفعلى ولكى يتجنبا ذلك عليهما بالعودة لمرحلة الانجذاب ويبحث كل منهما عما يجذب الآخر له ثانية حتى يعيدا الروح لحياتهما معا فقد يكون بكلمة حانية أو بهدية بسيطة تعبر عن الاهتمام و التقدير، أو بحفاظ كل منهما على مظهره أمام الآخر.
رابط دائم: