عاشت مدينة نيويورك فى الثمانينيات حقبة من ارتفاع معدلات الجريمة والفوضى حتى تبنت نظرية جيمس ويلسون وجورج كلينج المسماة «النوافذ المحطمة»، وبرغم بساطة فكرة هذه النظرية، فإنها لم تنقذ نيويورك من مستنقع الجريمة فحسب، بل غيّرت مفهوم الإدارة المدنية فى أمريكا كلها، والنظرية بسيطة، فهى تقول إن كبائر الأمور لا تحدث إلا بحصول صغائرها، فلا تترك نافذة مكسورة فيظن الناس أنك لا تهتم إلا بالكبائر.. لقد نصح الخبيران المسئولين بشرطة نيويورك بوضع أهمية للجرائم الصغرى وسرعة إصلاح آثارها لأن ذلك يخلق بيئة منضبطة والناس سيتكيفون مع الانضباط، فأصلح أى إنارة معطّلة، ونظّف المواصلات العامة بشكل يومى، وأصبح هذا هو منهج حكومة نيويورك الجديد، وكانت النتيجة تراجعا ملحوظا لمعدلات الجرائم الكبرى بنيويورك بشكل فاق نظيراتها من المدن الأخرى، الأمر الذى جعل المنهج يسود باقى الإدارات فى البلاد، فقابليتنا لرمى القمامة فى مكان نظيف أقل منها لو كنا فى مكان غير نظيف، مع أن ذلك ليس مبررا ولكنه الحقيقة للإنسان العادى، وهذا هو مضمون النظرية، وعندما نرى مكانا نظيفا وجميع ملحقاته سليمة، فإننا نستشعر السلطة والانضباط فى هذا المكان، فيؤثر ذلك فينا بعكس المكان المهمل.
د. محمد ابراهيم بسيونى
رابط دائم: